هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

علماء الدين: مناسبة تحويل القبلة لتقوية الإيمان وتنقية النفوس من شوائب الجاهلية

النصف من شعبان من الأيام المباركة التي كرم الله فيها نبيه صلي الله عليه وسلم بتحويل القبلة من المسجد الأقصي إلي المسجد الحرام استجابة لرغبته الشديدة وحبه لمكة التي ولد فيها وتربي وكان صلي الله عليه وسلم يشتاق إليها فؤاده وتهفو نفسه لها بعد أن هاجر إلي المدينة مرغما وابتعادا عن قريش.. فأراد الله أن يعوضه فأمره بتحويل القبلة حتي يطمئن قلبه.


حول ذكري النصف من شعبان في حياة المسلمين يقول د. أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء إن تحويل القبلة من المسجد الأقصي إلي الكعبة حدث عظيم في تاريخ أمتنا الإسلامية يغفل عنه كثيرون رغم أن الهدف منه تقوية إيمان المسلمين وتنقية نفوسهم من شوائب الجاهلية يقول تعالي "وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب علي عقبيه".. فالبيت الحرام كان يحتل مكانة عظيمة لدي العرب فأراد الله أن ينقي قلوب المؤمنين مما علق بغيره فتكون العبودية له وحده جل شأنه واتباع منهج الإسلام لذلك اختار سبحانه المسجد الأقصي ليكون قبلتهم ليختبر من منهم سيتبع الرسول ويسلم وجهه لله تسليما ومن سيتعلق قلبه بمظاهر الجاهلية وينقلب علي عقبيه.

البيت العتيق

أضاف أن تحويل القبلة إلي الكعبة الشريفة لم يكن تقليلا من شأن المسجد الأقصي لكنه ربط قلوب المسلمين بالبيت العتيق الذي رفع قواعده سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام ليكون قبلة الإسلام والمسلمين فيعود بذلك المسلمون لقبلتهم الأصلية قال تعالي "إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدي للعالمين".. وجاء تحويل القبلة في وقت كانت تشتاق فيه نفس النبي صلي الله عليه وسلم لأحب البلاد إلي قلبه مكة فأراد الله جل شأنه أن يطيب خاطره ويستجيب لما يهوي قلبه ولتقر عينه.

أكد د. هاشم أن الله سبحانه وتعالي عظم ليلة النصف من شعبان حيث يفتح فيها أبواب مغفرته يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم "إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن" لذلك يجب علي كل مسلم أن يحرص علي نيل مغفرة الله سبحانه في هذه الليلة فيصوم نهارها ويقوم ليلها.

حب الوطن

يقول د. حمدي طه الأستاذ بجامعة الأزهر إن تحويل القبلة يدل علي الولاء وحب الوطن فنحن نعلم أن قلب رسول الله صلي الله عليه وسلم كان قلبه متعلقا بمكة ولذا عندما خرج في الهجرة وقف ونظر إلي مكة وقال "أعلم أنك أحب البلاد إلي الله والله يعلم أنك أحب البلاد إلي نفسي ولولا قومك أخرجوني ما خرجت".. فنزل عليه قول الله سبحانه وتعالي "إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد" أي سوف تعود إليها مرة ثانية في يوم من الأيام وقد حدث ذلك عندما فتحها في العام الثامن من الهجرة.

وعندما فرض الله الصلاة علي رسول الله في العام العاشر من البعثة أمره بأن يستقبل المسجد الأقصي وهي قبلة المسلمين الأولي وكان النبي إذا أراد الصلاة يجعل بينه وبين المسجد الأقصي المسجد الحرام حبا وولاء لهذا البيت العتيق قبلة أبيه إبراهيم والأنبياء من بعده.. فلما هاجر النبي إلي المدينة كان إذا استقبل المسجد الأقصي يكون المسجد الحرام خلفه لذلك كان يقلب وجهه في السماء يرجو الله أن يعيده إلي المسجد الحرام ولاء وحبا لوطنه واشتياقا إلي مسقط رأسه وتمجيدا لقبلة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام  ومفخرة قومه حيث إن قريشا كانت تتفاخر بأنهم سدنة البيت الحرام القائمون علي تطهيره للزائرين وتعميره .. لذلك كانت نفس رسول الله صلي الله عليه وسلم متعلقة بالمسجد الحرام فكان يدعو الله في صلاته أن يتخذ منه قبلة.. ويقول الله سبحانه وتعالي "قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره". 

أكد د. طه أن هذا قمة الولاء وحب الأوطان ليعلمنا النبي صلي الله عليه وسلم أن الإنسان مهما ساح في الأرض وهاجر فيها فإن مسقط الرأس عنده له مكانة.. ولما حدث ذلك اعترض السفهاء من الناس علي فعل رسول الله الذين لم يعلموا أن هذا أمر من عند الله وهم المعترضون علي صنع الله في خلقه ولذا يقول الله سبحانه وتعالي "سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها" وهؤلاء المعترضون مازالوا موجودين يعترضون علي صنع الله في خلقه مع أنه يجب عليهم أن يتركوا الخلق لله.. فالله يفعل ما يشاء وهو غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.. ولذا يقول النبي صلي الله عليه وسلم لهؤلاء المعترضين "لا تعترض حتي لا يُعترض عليك" ويجب علي الإنسان أن يسلم لأمر الله وأن يطيعه حيث أمره وأن ينتهي حيث نهاه ولا يعترض علي أحد ويجب عليه أن يعلم إذا كان هذا أمر الله في خلقه فهل هو يعترض علي المخلوق أم علي الخالق ؟

أشار إلي أنه يجب علي المؤمن أن يعلم أن في أمر الله في الأولي باتخاذ المسجد الأقصي قبلة ثم أمره باتخاذ المسجد الحرام قبلة فكأن الله أراد أن يزيل الحواجز بين القبلتين وأن يجمع بين المسجدين وحرمة المسجد الأقصي لا تقل بحال من الأحوال عن حرمة المسجد الحرام فيجب علينا ألا نفرط في المسجد الأقصي فهو قبلة المسلمين الأولي ومسري رسول الله صلي الله عليه وسلم وقد جمع الله بينهما في قوله "سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي" فجعل سبحانه المسجد الحرام بداية وجعل المسجد الأقصي نهاية فكل من فرط في حرمة المسجد الأقصي أو تغافل عن نصرته فقد فرط في المسجد الحرام وتخاذل عن نصرته فحرمة المسجد الأقصي تالية لحرمة المسجد الحرام ويجب علينا أن نعي هذا وأن نحافظ عليه بالأموال والأنفس حبا لله وإجلالا لأمره.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق