في كل نصٍّ يولد الكاتب من جديد، حاملاً غربته وحنينه كمن يصنع وطنًا ثالثًا بالكلمات.. يكتب لا ليعيد صياغة الواقع فحسب، بل ليجرّبه بعيون أخرى. والكتابة هنا ليست هوايةً بل نجاةٌ خفيّة، صلاةٌ للروح تداوي ما يتسرّب منها في صمت الأيام.. وكل كلمةٍ تُكتب هي أثرٌ حيّ على صفحة الزمن، تُبقي...
في عمق التجربة الإنسانية، تظل الحقيقة كامنة كجوهر مخبوء لا ينكشف بسهولة؛ لحظة تتجاوز الزمان والمكان، فيغدو العقل بوابة، والروح مرآة. هناك يبدأ الوعي رحلته نحو صفاء لا يعرف الزخرفة، بحثًا عن معنى يتخطى حدود الواقع. وأحيانًا لا نحتاج إلى العالم من حولنا بقدر ما نحتاج إلى العالم بداخلنا؛ هناك،...
المكتبات ليست مجرد جدران ورفوف، بل بيوت للنور ومساكن للمعنى. فيها يلتقي الصمت بالفكر، وتتنفس الأرواح بهدوء، كأنها تجد أخيرًا مكانها الطبيعي. المكتبات.. منازل للعقول والألباب، ومقامات الطمأنينة للروح. ندخلها فنشعر كأننا نصعد إلى مرقي من نور، كل كتاب فيه صفحة من نور، وكل حرف قبسٌ...
أحيانا كثيرة في لحظة ما حينما يختلط النور بالظل، يتكشف لنا عالم آخر لا نراه بالعين وحدها بل تستشعره الروح وتجوب آفاقه.. فالأبيض والأسود ليسا لونين، بل صمتان يتحدثان بلغة الروح.. وحين يختفي الطيف، يظهر العمق.. فالصورة بلا ألوان تكشف ألوان النفس.. الضوء والظل لا يرسمان شكلاً فقط، بل...
ما أقسى أن يلتقي قلبان في عالم الحروف.. ولا يجتمعا في حضن الحياة! وما أشد أن يتحول الحب إلى رسائل مرتجفة تحمل أنفاس العاشقين، فلا يربطهما سوى الورق والانتظار.. صدى الأرواح في رسائل غياب لا تصل.. كموعد في ظلال لقاء مفقود.. في كل سطر من رسائل جبران ومي، دمعة مخنوقة، وصرخة...
الذاكرة ذلك الغموض.. ليست صندوقًا نحمله، بل قدر يلاحقنا. ما نظنه نسيا منسيًا يعود فجأة، ليذكّرنا أن الماضي لا يرحل أبدًا، بل يختبئ ويتوارى في زوايا الروح. وقد يظنّ الإنسان أنه يملك ذاكرته، يفتح منها ما يشاء ويغلق متى أراد، غير مدرك أن الذاكرة هي من تملكه، وتتحكم في مساراته الخفية. هي مرآة...
لعالم النفس السويسري ومؤسس علم النفس التحليلي (كارل جوستاف يونغ : ١٨٧٥ _ ١٩٦١م) مقولة منذ عقود مضت مازالت سارية حتى الآن : " من يتأمل ما يحيط به سيحلم، أما من يتأمل ما بداخله سيستيقظ ".. وعلى ذلك ترينا الحياة ونرى منها الكثير مما يخضع لهذه المقولة الثاقبة النافذة...
الكتب .. أسفار ومسافات لا تنتهي
في زمن تتسارع فيه الأيام وتبهت فيه الذاكرة، تبقى الكتب وحدها قادرة على انتزاعنا من صخب اللحظة، لتعيدنا إلى جوهرنا الأول. إنها ليست أوراقًا وحبرًا فحسب، بل أرواح أخرى نلتقي بها، وجسور نعبرها إلى عوالم لا يحدها أفق. كل كتاب نافذة مفتوحة على زمن لم نعشه، وقلوب لم نعرفها، وأفكار كانت تترقب أن...
أحيانا، لا نكتب لنحكي، بل لنرى ما لا يُرى... نفتح كادرات الذاكرة، وننصت لنبض الصور الهاربة من زمن ما، كأنها تهمس لنا بحقيقتنا الضائعة. من بين ظلال الضوء والرماد، تخرج التفاصيل القديمة لتُعيد تشكيل وعينا، وتُرينا ما خفينا عنه داخل أنفسنا. لم أكن أعرف أن حديث النفس عادة غريبة. تأخذ...
ما أبدع خلق الرحمن في السموات.. وما أجمل هذا الخلق العظيم.. كما يتبين الراصد المتأمل لتلك العناقيد السماوية.. وهي مجموعات و تجمعات من النجوم في الفضاء متباينة الأعمار والأنواع.. عادة مايطلق عليها صناديق المجوهرات النجمىة القديمة لتشابهها بالمجوهرات واللآل حينما تظهر للرائي أو الراصد....
على قدر أفكار وأعمال العلماء تتحقق أحلامهم.. وإنجاز الوكالة الأوروبية "سيرن" يفجّر سيلا من التساؤلات العلمية.. منذ ما يقرب القرن، يعتقد علماء الفيزياء أن المادة التي نعرف صورتها في الكون على هيئة مجرات ونجوم وكواكب وسدم وأجرام وغبار سماوى لا تمثل كل المادة الموجودة، بل ما نراه لا...
(عندما ننظر إلى السماء، فإننا لا نكتفي بالتحديق في النجوم، بل نُلقي نظرة إلى عمق وجودنا ذاته) وهذا الكون هائل عظيم.. لا يعلم حدوده الا خالقه تبارك وتعالى. وقد قام علماء الفلك والكونيات بجهد ضخم وجبار لتقريب المعارف الكونية للإنسان منذ العصور القديمة وحتى وقتنا الحاضر. وأصبح من...
عالم مصري جديد يسير على طريق العظماء من أمثال دكتور أحمد زويل ودكتور فاروق الباز وغيرهم من العلماء المصريين الذين أثروا ساحة العلم بإنجازاتهم.. ففى مجال علمي فريد من نوعه بزغ اسم مصري هو الدكتور محمد ثروت حسن.. وقد إرتبط اسمه بإنجازه العلمى الكبير في فيزياء الأتوثانية. وهو عالم مصري بارز في...
(1) من نافذة كبيرة تطلّ، من ناحية الغرفة الشمالية، على حديقة، أمامى مباشرة، ورغم صيفية الطقس، كانت فى الأفق، غلالة كبيرة من سحب رمادية، ذات حوافّ بيضاء.. تتسلل من بينها، أشعة الشمس، فى منظر خلاب.. بضعة رؤوس أشجار كافور وسنديان عتيقة، ومجموعة أشجار موالح، بجوار سور خارجى، لفيلا قديمة، ينتهى...
كالسحاب، كل يوم فى سماء، فكيف يعرف أين مستقره السابح، ساكن البعاد.. أحادث نفسى. أصارعها. أريد أن أخرج من عقلى أبطال قصصى. هذا التاجر اليهودي (الصولدى) فى روايتى، يؤرقنى.. " -كيف يلبس. كيف يمشي. كيف يتاجر فى الرقيق. كيف يرابى. وكيف.."؟ كيف كان معه دوما خادماه، يلازمانه على طريق...
أكدّت موعد سفرى عازما.. وحزمت حقيبةّ ذكريات يتيمة.. لم ينقطع حديثى مع نفسي طوال رحلة طويلة. لم تفارقنى تميمة فريدة دسّتها جدّتى لأبي فى يديّ ذات مساء.."خذها. احفظها. إنها وصية أبيك. لم ترث غيرها منه. لا تدعها يوما تضيع منك" فى الثانية عشرة عمرا، توقفت كثيرا عند تميمتي الأشبه...