خلال الأيام الماضية نجحت المسلسلات ذات الحكايات الخمس حلقات فس جذب شريحة كبيرة من المتابعين سواء على مستوي المنصات أو الشاشات مثل "نصيبي وقسمتك" و"إلا أنا" و"زي القمر" وتعلق الجمهور بحكاويها القصيرة ونالت اعجابه، ومع قرب قدوم الموسم الرمضاني تساءلت "الجمهورية أون لاين" حول إمكانية نجاح فكرة مسلسلات الخمس حلقات والسباعيات في المنافسة في دراما رمضان، وهل ستنجح في خطف الجمهور من المسلسلات الطويلة أم أن المشاهد الرمضاني له مزاج خاص سختلف عن أي فترة من العام؟!..

طبعا الاعمال الدرامية الخماسية والحلقات المنفصلة، مثل، إلا أنا ونصيبي وقسمتك، وغيرها من الأعمال التي نجحت بين الجمهور بشكل كبير، بكل تأكيد تنجح واصبحت لها مكانة بين المشاهد وجمعت الناس مرة اخري حول التليفزيون؟، فطبعا تنجح وتكسر الدنيا كمان إذا تم عرضها في شهر رمضان ضمن الأعمال التي تعرض.

بكل تأكيد الأعمال الخماسية والحلقات المنفصلة، أثبتت نجاحه، وتنجح في أي وقت طالما العمل جيد.. نجاح العمل بيتوقف على جودتة مش على اي شيء أخر و ميعاد العرض عنصر مساعد في نجاح وأنتشار العمل لكن مش هو العنصر الأساسي، ومع ان يتم عرضها في شهر رمضان تنافش الحلقات الـ 30 والـ 15.

تحتل الدراما التليفزيونية أهمية كبيرة بشكل عام ولا سيما في شهر رمضان.. ويكون المشاهد بحاجة إلي الموضوعات ذات الطابع السريع والتي تتناول حياته ومشاكله وايضا الموضوعات الكوميدية خفيفة الظل.. سواء كانت دراما او برامج، لكن مع الأسف الشديد حفل برنامج الشهر الكريم في كل عام بمجموعة من البرامج والدراما التليفزيونية الثقيلة والتي تتسم بالعنف في كثير من الأحيان، ولا بأس من مجموعة منتقاة من الشتائم والسباب في كل المسلسلات، وكأن المنتجين يعتمدون على مورد معين يحمل زكيبة من هذه الشتائم والمشاهد البذيئة التي لا تتفق مع قيمنا ولا أخلاقنا.. ويوزعها عليهم بالتساوي، لذلك أري ان عودة الاشكال الدرامية من خماسيات وسباعيات و51 حلقة في غاية الأهمية في هذه المرحلة.. ولا أبالغ إذا أضفت إليها السهرات والأفلام القصيرة.. فعودة هذه الاشكال الدرامية سيساهم إلي حد كبير في تنوع الأعمال الدرامية بما يحقق التكامل للخريطة الدرامية في شهر رمضان.. سنشاهد الدراما البوليسية التي تعتمد على الاكشن والإثارة الحقيقية وليست المصنعة.. سنشاهد الدراما الدينية والاجتماعية والكوميديا.. وسيسهم هذا أيضآ في خفض تكلفة الانتاج الباهظة.. وفي ظهور المواهب الجديدة في التأليف والاخراج والديكور والتمثيل وغيرها من الفنون.. سيعيد هذا الشكل أيضآ ربط المشاهد بالدراما حيث الدراما ستكون سريعة وهادفة وتعتمد على التكثيف في عرض الفكرة، يتركز الدراما على القيمة أكثر من المشاهد المطولة التي تدعو إلي الملل وانصراف المشاهد.

طبعاً المسلسلات ذو الحلقات القليلة الخماسية او السباعية موجودة منذ بداية التلفزيون في السبعينات والثمانينات وقدمها المؤلفون الكبار مثل أسامة أنور عكاشة، محمد جلال عبد القوي، ومحسن زايد، فإن أغلب المسلسلات الجميلة التي تربينا عليها كانت ومازالت فنا أصيلا مشوّقا، فنا يحمل رسالة قوية وكانت مسلسلات لاتتعدي الـ 15 حلقة لذا كانت خالية من المط والتطويل، لكن لمّا أصبحت المسلسلات 03 او 54 حلقة لابد من احتوائها قصص كثيرة مما يجعل هدف او مضمون ورسالة المسلسل غير مباشر وغير محدد.. وأنا أري أن حلقات مسلسل "الّا أنا" نالت اعجاب الجمهور ونجحت نجاح باهر وخصوصاً أنها تناولت أدق التفاصيل والمشاكل المعقدة في المجتمع وبالذات مشكلات الطبقة الوسطي، الطبقة التي أصبحت في فترة من الفترات بعيدة عن الأعمال الدرامية، فقد أصبحت المسلسلات الدرامية في الأونة الأخيرة بعيدة عن الطبقة الوسطي لدرجة انه كان لايوجد أي عمل يعبر عنها، لكن وجود هذه الخماسيات في المسلسلات الجديدة اعاد لنا الدراما الاجتماعية البرّاقة برجوع فنانين كبار الي الصدارة مثل النجمات ليلي علوي والهام شاهين ورانيا فريد شوقي، والنجم محمد رياض، وأظهر أيضاً فنانين ووجوه جديدة مبدعة في الدراما..حيث كان مسلسل أكثر من رائع من ناحية الاخراج والتأليف والأداء، ووجود هذه المسلسلات في رمضان سيكون جميل ومشوّق وخالي من المط لان هذا مايعجب ويطلبه الجمهور ويستمتع بمشاهدته وسيكون ذو فائدة اكثر.

لقد تغير العصر واصبحنا في عصر السرعة ذلك العصر الذي تجاوزنا فيه الفمتو ثانية بل نحن نعد الآن بالنانو ثانية فلماذا نعود إلي المسلسلات المطولة والمط والرتابة ويعاني الفنانون من عدم استلام النسخة كاملة من السيناريو ومن قبلهم المخرج والمنتج ويلهثون وراء الكاتب حتي يكتب حلقة بحلقة فلماذا وقد نجحت الخماسيات والسباعيات اعتقد ان تلك النوعية من المسلسلات القصيرة تناسب الشهر الكريم خاصة وان كانت منفصلة متصلة حتي لانترك شهر الصوم والاستغفار والعبادة ونمكث حتي الفجر نتابع هذا المسلسل وذاك وفي نهار رمضان نتابع ما فاتنا ونتابع عشر وعشرين مسلسلا ولا نستطيع أن نلم بهم وينتابنا الملل في الوسط ونغيب ونعود مرة أخري لنشعر إن الأحداث لم تتحرك كثيرا فلماذا لا نستفيد من الخماسيات والسباعيات وحتي يمكننا أن نقدم أكثر من مسلسل إذا كان عدد الحلقات أقل فهو يحمل العديد من المزايا منها على سبيل المثال وليس الحصر تشغيل أجيال مختلفة فالدراما لا تقتصر على الفتي والفتاة ولكن على الجد والجدة والعم والخال والخالة فأين فنانو الزمن الجميل من ترشيحات المخرجين والمنتجين؟
أيضا فتح المجال أمام الكتاب والمنافسة الشريفة والبعد عن الشللية في الوسط فتعود لنا الأعمال الجادة الشائقة التي نلهث وراءها، فتح أسواق كثيرة واستثمار في الدراما وعودة لمستوي دراما مصرية محترمة بعيدا عن قضايا البلطجة، أيضا تتيح لنا تناول العديد من قضايا مجتمعنا المكدسة والتي لا نتناولها لأن الدراما يسيطر عليها شلة معينة، أتمني بالفعل أن ينظر كل مسؤول عن الدراما بعين الجدية لأن الدراما الحقيقية استثمار وعملة صعبة لمصرنا الحبيبة وتعود بالنفع على الجميع فهل من قرار يعيد إلينا حلقة المنافسة والسباق الدرامي الرمضاني المتاجج بالقضايا والمعالجات التي تنير الطريق للمجتمع وتفتح بيوت الفنانين الذين يعانون الأمرين من أجل كسب قوتهم هذه الأيام؟.

الدراما التليفزيونية المصرية ترجع بتاريخها إلي أعماق تاريخ ظهور التليفزيون بمصر عام 1960، وكان أول مسلسل تليفزيوني هو "هارب من الأيام" إخراج نور الدمرداش والذي بدأ بثه في يوليو 1962 وتنوعت موضوعات الدراما المصرية ما بين التاريخي والديني والبوليسي وغيرهما، وقد وجدت صناعة الدراما في مصر أرضاً خصبة لما تتوافر بها من آليات الصناعة من فنانين وفنيين وجهات إنتاجية وأيضا تنوعت الأشكال التي طُرحت بها الدراما التليفزيونية، وعند الحديث عن الدراما الخماسية سنجد أن أمرها ليس بالجديد ولكن يمكننا النظر لها في إطار الطرح مابين الماضي والحاضر، فالدراما المصرية قُدمت بأشكال مختلفة من حيث عدد الحلقات فقد شاهدنا الدراما التليفزيونية المكونة من خمسة عشر حلقه وأخري ثلاثون حلقه وأخري ستون حلقه وأيضا لم يخلي الأمر من السهرات الدرامية الخماسية والسباعية فالأعمال الخماسية لا نعتبرها اليوم نمطاً جديداً للطرح الدرامي !.
وللحديث عن السهرة الدرامية وكذلك الأعمال الدرامية الخماسية، سنجد أنهما يتشابهان بتعريفهما بأنهما عمل درامي مكثف الأحداث يتم في الإطار المعروف للدراما بشكل عام وهي تسعي إلي التركيز على فكرة دون داعي لزوائد درامية للمماطلة بزمن الدراما كما يحدث بالدراما الثلاثون حلقه على سبيل المثال، وقد ازدهرت السهرات الدرامية في الثمانينات والتسعينيات وووجدت نجاحاً كبيراً يرجع إلي الطرح الموضوعي وأيضا مشاركه كبار النجوم بها ولكن هذا الشكل أخذ في التراجع بالألفية وأسبابه ترجع إلي أن دراما "الثلاثون حلقه" كانت الورقة الرابحة للمنتجين لإرتباطها بالإعلانات، ولكن عاودت السهرات الدرامية الرجوع تحت مسمي الأعمال الدرامية الخماسية وقد شهدت تلك الأعمال بالآونة الأخيرة نجاح على مستوي تقبل المتلقي لها ومتابعتها بشكل كبير، ويرجع ذلك إلي أمرين، الأول: تغير أيدلوجية المتلقي الذي أصبح في كثير من الأحيان يسعي إلي التطلع إلي محتوي سريع الحدث "البداية والنهاية" لنجد على سبيل التوضيح تتبعه لمواقع السويشيال ميديا قصيرة المحتوي تتخطي مشاهدات مواقع أخري يكون المحتوي مطولا بها وهذا من ضمن الأسباب أيضا لنجاج تلك التجارب الدرامية التي تسعي إلي النجاح في ضوء أيدلوجية متلقي اليوم، والسبب الثاني هو حداثة أساليب العرض ومنها المنصات التي تسعي إلي تقديم أكبر قدر ممكن من المحتوي لأنها مدفوعة الأجر ومن الأحري لها تواجد أكبر قدر من الأعمال في ضوء التجديد المستمر الذي يرحب به رواد الميديا، ونستطيع القول أن المتلقي يرحب بتواجد مثل هذه الأشكال الدرامية ولكن يظل ظروف تواجدها خارج المنصات يرجع إلي حسابات الجهات المنتجة أيضا في إطار ظروف تواجدها وارتباط هذا التواجد بالحداثة وفي ضوء تغير أيدلوجية المتلقي، والمعيار التسويقي، أستطيع القول أن تواجد مثل هذة الأعمال ستجد الأرض الخصبة لتواجدها بالمنصات مدفوعة الأجر أما عن مدي منافسه ذلك الشكل الدرامي في مقابل الأعمال الدرامية الثلاثون حلقه بالموسم الرمضاني، سنجد أن الأمر غير عادلا للمقارنة، لارتباط وجدان المتلقي بهذا الموسم بالشكل الدرامي المعهود له "الثلاثون حلقه " كما أن الدراما الخماسية غالبا ما تنحصر في موضوعات إجتماعية على خلاف نمط الثلاثين حلقه أو أكثر فهي تحوي موضوعات أكثرا تحرراً وهذا ما يحتاجه المتلقي من وجبة درامية دسمة بالموسم الرمضاني لذا أستطيع القول إن الدراما الخماسية لا تستطيع المنافسة بموسم الإنتاج التليفزيوني المرتبط بالشهر الكريم وتستطيع أن تجد حظها خارج هذا الموسم التنافسي أو يكون معيار تنافسها بعضها البعض عند عرضها بالمنصات.

تنجح في رمضان وغير رمضان لان الناس ملت من الـ 30 حلقة وال 60 حلقة والأعمال اللي كلها مط وتطويل بدون مبررات درامية او فنية و انما لاسباب انتاجية بحتة واستغلال التكاليف الثابتة مثل بناء الديكورات والدعايا والتسويق وغيرها وتعظيم الربح لتغطية اجور النجوم المبالغ فيها، وقد ادرك المشاهد بذكاءه قواعد هذه اللعبة وبدأ ينصرف عن هذه التوعية ويلجا للمسلسلات القصيرة ذات الايقاع السينمائي والتي بدأ بها التلفزيون المصري انتاجه في الستينات وظلت خالدة لليوم لاحترامها لعقلية المشاهد وايقاعها السريع فلم يكن المسلسل يتجاوز 7 حلقات فيما عرف بالسبعيات، ويجب اصدار قرار فوقي من المجلس القومي للاعلام بتحديد اقصي المسلسل الرمضاني او غيره بـ 15 حلقة على اقصي حد لمنع هبوط مستوي الأعمال الدرامية والاستخفاف بعقلية المشاهد الواعي كما حدث من قبل في عهود سابقة.

حقيقةً أن المسلسلات ذات الحلقات القصيرة الخماسية والسداسية ليست جديدة وانما موجودة منذ زمن، والجميل بها انها مسلسلات أشبه في كتل منفصلة متصلة فالقصة تبدأ وتنتهي في خمس حلقات وبالتالي المسلسل يتألف من خمس أو ست قصص مختلفة ممايزيد التشوق لها، وأري أنها لو عُرضت في موسم رمضان ستلقي نجاحا كبيرا لأن الجمهور يحتاج لمسلسلات قصيرة ذو كتابة جيدة، مثل مسلسل "نصيبي وقسمتك" ومسلسل "الا انا" الذين نجحوا بشكل كبير وملحوظ لأنه سيتابع في خمس حلقات وينتهي ويحقق نجاحا كبيرا.

أري أن الأعمال الدرامية الخماسية سوف تنجح نجاحا عظيما في شهر رمضان، فمن مميزاتها انها تتضمن أحداثا خفيفة ومسلية، ولكن لكي تنجح الخماسيات نحتاج إلي فهم دقيق لطبيعة القصص التي تتماشي مع الحبكة الدرامية، أنا مع فكرة عدم التقيد بالثلاثين حلقة، فالرهان على المحتوي وليس بمدة الحلقة او عدد الحلقات.

اري ان هذا النوع من الأعمال تستهدف الفئه التي تمل بصورة سريعه من المسلسلات الطويله مثلي انا لا احب انتظار النهايات في مسلسل يتجاوز الثلاثين حلقة حتي اري النهاية ومن الممكن أن تندم في الاخير على متابعه العمل، ومن جانب أخر دائما اري ان هذه الأعمال تتحدث بجانب ابجابي عن المجتمع وايضا مليئه بالرسائل ذات القيمه الفنيه المحترمه مثل نصيبي وقسمتك والا انا.

الفكرة جيدة جدا.. وهي فكرة فلسفية وتوضح الهدف جيد وافضل ما يميزها انها لا يوجد مشاهد غير ضرورية لحشو عدد الحلقات وانتشار هذا النوع من العمل يحتاج المزيد من إنتاج الافكار.
اترك تعليق