في ظل انتشار آفة التفكك الاسري بمختلف انواعه ومشكلاته، برزت حتمية وضع حد له خاصة وأن الأسرة تمثل نواة المجتمع والمؤسسة الأولي لتنشئة الأجيال، "الجمهورية أون لاين" تواصلت مع المختصين من خبراء علم النفس والاجتماع لإلقاء الضوء علي الأسباب الجوية للتفكك الأسري وسبل مكافحته.
د.محمد شكر "أستاذ ورئيس قسم الاجتماع بكلية الآداب جامعة بورسعيد" إنه في ظل العولمة والانفتاح الذي يشهده العالم تزايدت العوامل الخارجية المؤثرة علي هوية وثقافة الشباب والمؤدية الي التفكك الأسري، وبالتالي لابد أن تقوم جميع المؤسسات الدينية والتعليمية والتربوية والاعلامية بدور فعال في حماية الشباب من المتغيرات الثقافية، فعلي سبيل المثال يجب أن تحرص كل أسرة علي غرس القيم الإيجابية لدي الأبناء وتوعيتهم بمخاطر الانسياق وراء المؤثرات الخارجية السلبية، كما لابد أيضا من توعية الأبناء بضرورة حسن انتقاء الأصدقاء والبعد عن رفاق السوء، لأنهم قد يمثلون أهم أسباب الانحراف، وأيضا يجب ان تقوم وسائل الاعلام بتوعية الاسر بكيفية حماية الأبناء من الانحراف والتشرد.
أضاف أيضا أنه من الضروري أن يلعب الاعلام دورا حيويا أيضا في توعية الاسر بمخاطر التفكك الاسري والطلاق علي الأبناء، وكذلك التوعية بأهمية الدفء الأسري وتنشئة الأبناء في جو أسري متماسك حتي لا يصبحوا عرضة للانحراف، وأيضا لابد من حماية الأبناء مخاطر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بما تشمله من فيديوهات وافلام وأغاني هابطة تؤثر سلبيا علي سلوكيات واخلاقيات المتلقين، كما لابد أن تتكاتف جميع المؤسسات ومنها الدور العبادة ومراكز الشباب وقصور الثقافة لنشر القيم الإيجابية ودفع الأطفال والشباب لممارسة الهوايات المفيدة وتنمية المهارات.
أكد د،حسين أنور جمعة "أستاذ علم اجتماع السكان والتنمية بجامعة قناة السويس" ضرورة تفادي ومكافحة التفكك الأسري ومشكلة أطفال الشوارع الذين أصبحوا يمثلون قنابل موقوتة مشيرا الي أن حل هذه المشكلات يبدأ من الاختيار الصحيح لشريك الحياة والقائم علي التكافؤ الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، مشيرا أيضا الي ضرورة التزام الطرفين بتحري الوضوح والصراحة في تعاملهما مع بعضهما البعض وكذلك لابد أن يتقنوا الاهتمام بأولادهم ويتابعوهم داخل المنزل وخارجه ولا يتركوهم فريسة للنت والمواقع المنحرفة والادمان.
أكد أيضا أهمية أن تقوم المؤسسات التعليمية بدور محور في هذا الصدد من خلال ادخال مقررات تعليمية تدرس أسس الاختيار الصحيح لشريك الحياة ولابد أيضا من تفعيل دور الوسطاء الاجتماعيين والنفسيين في هذا الصدد، ويجب أيضا ان تحرص دور العبادة علي غرس القيم السليمة، ولابد علي الاعلام ان يمتنع عن بث الأفلام والاعمال السلبية، وكذلك لابد من أن يتم نشر الفهم الصحيح للدين والتوعية بشروط وقواعد تعدد الزوجات للحد من لجوء الأزواج للزواج بأخري وتشتيت الاسرة، كما أنه من الضروري ان يتم توعية الإباء والامهات بمسئوليته في توفير ماخ اسري طيب وحماية أبنائهم من إقامة العلاقات غير المشروعة أو ادمان المخدرات او المواقع الإباحية، ولابد من نشر ثقافة عدم اهمال تربية وتقويم الأبناء علي حساب الماديات، حيث لا يصح ان يترك الابناء والامهات منازلهم طوال اليوم بحثا عن الماديات، فحن نحتاج للعودة للمة الطبلية والتجمع والتحاور والجو الاسري الخصب.
أكد دكتور محمد عبد الرحمن "أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس" أن أهم أسباب التفكك الاسري تتمثل في الفقر أو عجز رب الاسرة عن الانفاق علي اسرته أو انحراف الاب أو الام وغياب دور أي منهما او كليهما، مشيرا الي أن التفكك الاسري ليس بالضرورة ان يحدث بسبب الطلاق الفعلي فهناك طلاق شكلي مثل الهجر وهو أكثر انتشارا في الاسر الفقيرة وهروب الاب من المسئولية وهجره للأسرة، او الطلاق الصامت أو الطلاق العاطفي الذي يتمثل في كون العلاقة بين الزوجين سيئة وغير متناغمة مما يدفعهم الي الاستمرار مع بعضهم البعض بصورة شكليه والمواصلة من اجل الأولاد فقط دون وجود أي تفاهم او مشاركة للحياة، مما ينعكس سلبا علي الأبناء نتيجة سوء الحالة النفسية للأسرة بشكل عام، أو زواج الاب بأسرة أو بخله وعدم انفاقه علي الاسرة.
أوضح ضرورة الحد من انتشار التفكك الاسري باعتباره أحد أخطر الامراض الاجتماعية وذلك بالتوعية بالأسس السليمة لاختيار شريك الحياة والزواج الناجح والمسئوليات الخاصة بكل طرف وذلك من خلال تنظيم دورات تدريبية الزامية للمقبلين علي الزواج كشرط رئيسي لتحرير عقد القرآن، كما يجب ان تقوم المكاتب الاستشارية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي بدورها في هذا الصدد علي أكمل وجه وهذا الشرط تم تطبيقه في بعض المجتمعات والدول الخليجية بناء علي توصيات المجلس القومي للمرأة التابع للأمم المتحدة، للحد من ظاهرة الطلاق السريع والمبكر، بعد الانتشار الرهيب لظاهرة الطلاق بجميع دول العالم فعلي سبيل المثال تشير الاحصائيات أن مصر تشهد حالة طلاق كل ثلاث دقائق، كما لابد أيضا ان تركز وسائل الاعلام علي التوعية بكيفية المواجهة الصحيحة والتعامل الصحيح مع المشكلات الاسرية كما لابد أيضا من تكثيف حملات وبرامج محو الامية وطرح مزيد من فرص العمل ونشر ثقافة عدم الخجل من الاستعانة بمستشاري العلاقات الاسرية أو اللجوء اليهم.
من جانبها أكدت دكتورة عزة فتحي "أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس" أن مكافحة التفكك الأسري تستلزم العودة لتطبيق التعليمات الدينية ونشر اخلاق وقيم الرسل ومنها التعامل الصحيح مع المرأة واحترامها كما لابد أيضا من نشر الاسس الصحيحة لاختيار شريك الحياة والبعد عن المعايير الهشة أو الشكليات والماديات، فلابد من اختيار الطرف الاخر علي أساس الدين والأخلاق والتوافق الفكري والاجتماعي كما يجب أن يتم التركيز في المناهج التعليمية علي سبل التربية الإيجابية والصحيحة للأبناء والتأكيد علي ان الاسرة هي أساس المجتمع وضرورة الاختيار الصحيح لشريك الحياة.
أشارت أيضا الي ضرورة أن يتم تعديل القانون والتشريع لتشديد تجريم انتهاك الحقوق بين الزوجين، ولابد أيضا أن تلعب الام دورها في هذا الصدد بشكل إيجابي من خلال تربية الابن علي احترام المرأة أو الزوجة ولابد أيضا أن تتخلص الام المصرية من داء الكيل بمكيالين واضطهاد زوجة الابن لأن ذلك يساهم بشكل كبير في انهيار الاسرة، وأيضا لابد أن يتم تنظيم ندوات ثقافية للمرأة لتوعيتها بضرورة احترام مسئوليتها الاسرية والقيام بها علي أكمل وجه وعدم الانسياق وراء بعض البرامج او الشخصيات الإعلامية التي تحرض المرأة علي التمرد علي زوجها.
أكد د.إبراهيم شوقي "أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة" أنه يتحتم علي كل اسرة حسن تربية الأبناء ورعايتهم رعاية جيدة لتنشئة جيل قادر علي بناء أسر متماسكة وسليمة، خاصة وأن الاب والام يمثلون قدوة للأبناء، كما لابد أيضا أن يتم ربط الأبناء بنماذج وقدوات إيجابية مثل محمد صلاح علي سبيل المثال ولابد أيضا من ربطهم بدور العبادة وتعليمهم حسن الاختيار وغرس الاستقلال العاطفي فيهم، وكذلك احتوائهم والانصات اليهم وخلق جو اسري إيجابي وتنظيم بعض الفسح العائلية ودفعهم للتعلق ببعض الأنشطة والهوايات المفيدة واحترام مشاعرهم والثناء عليهم من وقت لآخر وعدم الاسراف في توبيخهم او مقارنتهم بأخرين حتي لا يلجؤوا لأصدقاء السوء ولكي يكونوا أسوياء نفسيا ويتمكنوا من تحمل مسئولية الزواج وتكوين اسر إيجابية وناجحة.
أوضح أيضا ضرورة تربية الأبناء بشكل صحيح بعيدا عن الضرب والعنف والقهر وحمايتهم من الإدمان، وكذلك تربيتهم علي التعامل بمرونة مع المشكلات وتقبل الطرف الاخر والتشاور وتشارك الآراء وغيرها من المهارات اللازمة للتعامل الصحيح مع الطرف الاخر، مشيرا أيضا الي أنه لابد من التخلص من العادات والتقاليد والأفكار السلبية مثل القبول بشخص غير مناسب خوفا من العنوسة، أو إصرار أولياء الأمور علي تزويج الأبناء من أقاربهم، لأن هذه العادات تساهم بشكل كبير في حدوث الطلاق.
أضاف أنه من جانب آخر لابد علي الاعلام ان يقوم بدور مهم وايجابي في هذا الصدد من خلال تقديم نماذج وأعمال إيجابية تجسد تجارب وزواجات ناجحة، ولابد أيضا أن يكف الاعلام عن تشويه الزواج أو التنفير منه لأنه سنة الحياة، وبشكل عام لابد أن يتم اختيار الطرف الاخر علي أساس المعايير السليمة التي تتمثل في التوافق الفكري والوجداني والعقلي والاجتماعي والتوافق في الأخلاق والهوايات والاهتمامات تجنبا للفجوات التي تسبب التفكك الاسري، كما لابد أن يدرك الطرفين جيدا ان علاقة ناجحة لابد وان تقوم علي العطاء المتبادل، كما لابد من نشر ثقافة الاستعانة او اللجوء لمستشاري العلاقات الزوجية عند الحاجة.
اترك تعليق