
لم تجلب الذكرى الأولى لهجوم 6 يناير على مبنى الكابيتول الأمريكي أي إحساس بالتعافي لبلد لا يزال منقسمًا بشدة حول أعمال الشغب المميتة، حيث فشلت القيادات الأمريكية في إظهار التزام مشترك بالديمقراطية.
رغم أن الديمقراطيين أحيوا ذكرى ذلك اليوم بالوقوف دقيقة صمتًا ووقفة صلاة على درجات سلم الكونجرس، لم يشاركهم أي من الجمهوريين تقريبًا؛ وهذا يؤكد عدم استعدادهم لمواجهة مزاعم الرئيس السابق بشأن الانتخابات الأخيرة. وأصدر ترامب نفسه سلسلة من التصريحات التي تناقض الواقع، حتى أنه حث أنصاره على "عدم الاستسلام أبدًا" في معركتهم لإعادته إلى السلطة، حسبما يشير تقرير لموقع لوس أنجلوس تايمز.

وفي خطاب ألقاه داخل مبنى الكابيتول، ناشد الرئيس بايدن، الأمريكيين رفض العنف السياسي. ويبدو أن الرئيس قبل على مضض أن جراح 6 يناير لن تلتئم من تلقاء نفسها، مما يشير إلى أنه سيلعب دورًا أكثر لمواجهة الأكاذيب التي قوضت الثقة في الانتخابات.
غاب العديد من الجمهوريين. وكان زعيم الأقلية بمجلس الشيوخ ميتش مكونيل وآخرون خارج المدينة لحضور جنازة السناتور السابق جوني إيساكسون، الذي توفي الشهر الماضي.
أصدر ماكونيل بيانًا لم يذكر فيه ترامب، رغم أنه قال في العام الماضي إن ترامب "مسؤول عمليًا وأخلاقيًا عن إثارة أحداث اليوم". ووصف البيان 6يناير2021 بأنه "يوم مظلم للكونجرس والبلد" ووجه اللوم إلى "المجرمين الذين تعاملوا بوحشية مع ضباط الشرطة واستخدموا القوة لمنع الكونجرس من أداء عمله".
زعيم الأقلية في مجلس النواب كيفين مكارثي (جمهوري عن بيكرسفيلد)، الذي انتقد ترامب في البداية بعد هجوم 6 يناير، قال في منشور على فيسبوك إن "الذين خالفوا القانون" أثناء أعمال الشغب يجب مساءلتهم." لكنه ألقى باللوم على الديمقراطيين "في ترك مبنى الكابيتول بدون استعدادات لمواجهة مثل هذا الاقتحام"، واتهمهم باستخدام الذكرى "كسلاح سياسي حزبي لإثارة مزيد من الانقسام في بلدنا".

ولم يكد بايدن ينتهي من حديثه، في هذه الذكرى، حتى أصدر ترامب بيانًا كرر فيه ادعاءاته حول سرقة الانتخابات منه. وقال: "كل هذا المسرح السياسي لمجرد الإلهاء والتغطية على فشل بايدن بشكل كامل وتام".
في خطابه أمام الكونجرس، قال بايدن إنه كانت هناك محاولة للإطاحة بالدستور وإقامة دكتاتورية في أمريكا. وحذر بايدن من أن الخطر لم يمر وأن المتآمرين يخططون بنشاط لقلب الانتخابات المقبلة.
وذكر موقع دويتش فيل أن ترامب والعديد من دائرته الداخلية لا يزالون قيد التحقيق، لكن في محكمة الرأي العام، ومع ترديد قدر كبير من المعلومات الخاطئة والأكاذيب على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، تبدو تصرفات ترامب شرعية بالنسبة للكثيرين.

وكما قال مستشار الأمن القومي لبايدن، جيك سوليفان مؤخرًا في مجلس العلاقات الخارجية، فإن أعمال الشغب في مبنى الكابيتول غيرت وجهة نظر العديد من الدول عن الولايات المتحدة. "تسبب يوم 6يناير في اهتزاز صورة الولايات المتحدة في عيون العالم، سواء من الحلفاء أو الخصوم".
كذلك كتبت هيئة تحرير نيويورك تايمز بمناسبة رأس السنة الجديدة أن حركة الرئيس ترامب تشكل "تهديدًا وجوديًا" لمستقبل الولايات المتحدة.
نقل موقع النيوزويك، عن نيويورك تايمز، أن استطلاعًا أجرته YouGov في ديسمبر وجد أن 21% فقط من الجمهوريين يعتقدون أن بايدن فاز بشكل شرعي. وقال ما يقرب من النصف (46%) إن فوز بايدن "بالتأكيد غير مشروع"، بينما قال 25% آخرون إنه "ربما ليس شرعيًا".
وحذرت النيويورك تايمز من أنه لا ينبغي التقليل من عدم إيمان ترامب وأنصاره بالعملية الديمقراطية في البلاد.
وقد أجرت اللجنة، التي شكلها مجلس النواب للتحقيق في تمرد 6يناير، مقابلات مع أكثر من 300 شاهد، وجمعت عشرات الآلاف من الوثائق وسافرت في جميع أنحاء البلاد لمقابلة مسؤولي الانتخابات الذين تعرضوا لضغوط من ترامب.
والآن، بعد ستة أشهر من العمل المكثف، تستعد اللجنة لإعلان ما توصلت إليه من نتائج.

أبدى المشرعون التسعة -سبعة ديمقراطيون واثنان من الجمهوريين -التزامهم بسرد القصة الكاملة لأحداث 6 يناير، وهم يخططون لجلسات استماع متلفزة وتقارير ستعرض النتائج التي توصلوا إليها على العلن.
تقول اللجنة إن المواد التي جمعتها -35000 صفحة من السجلات حتى الآن، بما في ذلك النصوص ورسائل البريد الإلكتروني وسجلات الهاتف لأشخاص مقربين من ترامب -توضح التفاصيل الهامة لأسوأ هجوم على مبنى الكابيتول عبر قرنين من الزمان، وشاهده الجميع على الهواء مباشرة.
وتأمل اللجنة في تحديد مصدر تمويل مسيرة 6 يناير، والحملة الواسعة لإلغاء انتخابات 2020. وهم يحققون أيضًا فيما كان يفعله ترامب نفسه أثناء قيام أنصاره بشق طريقهم إلى مبنى الكابيتول.
ويأمل المشرعون في تقديم محاسبة شاملة للجمهور توضح ما كان يمكن أن يمثل "أزمة دستورية أكثر خطورة وأعمق"، على حد تعبير ليز تشيني، نائبة رئيس اللجنة وأحد العضوين الجمهوريين فيها.
قالت تشيني: "أعتقد أن هذا هو أحد أهم تحقيقات الكونجرس في التاريخ".
وقد أظهر استطلاع جديد للرأي أن أكثر من 60 في المائة من الأمريكيين يعتقدون أن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستشهد اندلاع أعمال عنف حول النتائج.
وأوضح استطلاع CBS News-YouGov أن 62% من المستطلعين قالوا إنهم يعتقدون أنه سيكون هناك عنف بسبب الخسارة، بينما قال 38 في المائة فقط إنهم يعتقدون أن الجانب الخاسر سيتنازل سلميا في الانتخابات المقبلة. وشمل الاستطلاع 2063 بالغًا في الفترة من 27 إلى 30 ديسمبر.
كما شمل الاستطلاع آراء المشاركين حول ما إذا كانوا سيدعمون شخصيًا العنف في الانتخابات المقبلة. قال 72% إنهم لن يفعلوا ذلك، بينما قال 2% فقط إنهم سيفعلون. لكن 25% قالوا "إن ذلك يعتمد على الظروف".
عندما تم تقسيمهم حسب الحزب، قال 3% من الديمقراطيين و2% من الجمهوريين إنهم سيدعمون العنف. قال 82% من الديمقراطيين و67% من الجمهوريين إنهم لن يفعلوا ذلك. يقول 15% من الديمقراطيين و30% من الجمهوريين إنهم قد يفعلون ذلك، حسب الظروف.
كما أظهر استطلاع للرأي أجرته ABC / Ispos منذ أيام أن أكثر من نصف الجمهوريين يعتقدون أن مثيري الشغب كانوا "يحمون الديمقراطية".
وفي النهاية ستكون نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة هي الترمومتر الحقيقي لآثار أعمال الشغب التي جرت في الكونجرس قبل عام مضى!
اترك تعليق