ما أن وصلت للأستاذ الأخبار أن "نادية" على وشك القبول بالحاج عبده العطار زوجا لها حتى شعر بنبضات قلبه تسرع و تسرع ثم بدأت تخفت و شعر بدوار ...
أفاق الأستاذ بعد أن تناول كوبا من العصير أعدته له إبنته آية ، لكنه بدا متوترا ..
سألته آية عدة مرات عن سبب توتره ، و لم يجب ، ثم إرتدى ملابسه و أسرع الى الشارع و ما أن وجد " الواد فتوح القهوجي " حتى سأله ايه أخبار الحارة يا فتح .. و رد فتوح لا جديد ناس فقرية يا أستاذ صباحها زي مساها ، ثم ضحك ضحكة خبيثة و قال لا ده في خبر نسيت اقولهولك .. موش الست نادية هتتجوز الحاج عبده العطار ..
و قبل ان يعود الأستاذ الى حالة التوتر و ما يصاحبها من دوخة و زغللة ، جري على العمارة و طلع على شقة نادية و قالها .. معقول يا "ندنوتي" اللي سمعته ده !
هان عليكي قلبي علشان انشغلت شوية عنك .. ، بسرعة أسمع انك ناوية تتجوزى !
و إنهارت نادية و قالت له ، لا و النبي يا اخويا دي رجالة الدنيا كلها ما فيهاش حد يملا عيني الا أنت يا نور العين ...
و علشان أثبت لك كلامي أنا هاكلم الشيخ محمود المأذون دلوقتي ييجي يكتب كتابنا و نقطع عرق و نسيح دمه ...
و قبل أن تضغط نادية على أزرار التليفون أمسك الأستاذ بيدها و قال لها ، لا يا نادية موش بالطريقة دي ، الموضوع محتاج ترتيب و إنت ست العرايس و لازم أجيبلك شبكة حلوة و أعملك فرح ..
إديني بس فرصة يا حبيبتي ثلاث اربع سنين على ما اجوز البنات و افضالك يا قمر و كله هيبقى تمام و هنعيش انا و انت في تبات و نبات و نخلف صبيان و بنات .
و بينما أخذ الأستاذ يفكر و يفكر في تردد بين رغبته في الزواج من نادية ست البيت الشاطرة الجدعة الكريمة الحنينة اللي بتحبه و تتمنى رضاه ..
و بين ما اذا كانت الهوة الثقافية بينهما قد تؤخر انجازاته الثقافية الكبيرة و هو من كبار مثقفي مصر ..
كانت نادية قد تعبت و شعرت ان كرامتها و كبرياء الانثى داخلها يتآكلان شيئا فشيئا مع تردد الأستاذ و هي الأرملة الأربعينية الجميلة التي يتمنى رضاها كثير من الرجال و خاصة انها مكتفية ماديا و ليس لديها أية أطماع إلا في الونس و الحماية من ألسنة الناس و أعينهم ..
إنهم يترصدونها في ذهابها و إيابها و خاصة بعدما شاعت بينهم قصة الحب التي ربطتها بالأستاذ .
تحملت نادية معاناة طويلة و هي تنتظر أن يتقدم الأستاذ بخطوات حقيقية نحو إرتباطهما ، لكن الأستاذ يهرب من إتخاذ القرار إلى الندوات و النقاشات مع المثقفات ...
بينه و بين نفسه يقول : هو الواحد محتاح ايه غير حضن حنين و لقمة هنية ...
لكنه يعود و يقول : لكن كيف أواجه مجتمع المثقفين و المتثاقفين بهذه السيدة نصف المتعلمة ، بسيطة الثقافة ...
طالت حيرة الأستاذ و زاد معها شعور نادية بالإهانة و قالت لنفسها يا بت يا "ندنودة" قرد يهنيكي و لا غزال يشقيكي ، توكلي على الله و إقبلي الجواز من عبده العطار ، أهو زيك أرمل و طيب و ابن حلال و من توبك و بلاش تضيعي عمرك و انت متعلقة في حبال الهواء الدايبة مع الأستاذ .
و فوجئ الأستاذ ذات ليلة و هو عائد من احدى الندوات الثقافية منتشيا بما تلقى من إشادات المثقفين حول إبداعه . .. فوجئ بكهارب على واجهة العمارة و زغاريد ...
تساءل ما هذا ، فقال له أحدهم بارك للست نادية و الحاج عبده العطار .. المأذون بيكتب كتابهم دلوقتي ..
جرجر الأستاذ قدميه صعودا الى شقته و فتحها فلفحه هواءها البارد و دخل ليتدثر بأغطيته القديمة علها تدفئ قلبه .
اترك تعليق