ولد الشاعر والفقيه الصاوي شعلان في قرية «سبك الأحد»، مركز أشمون بمحافظة المنوفية بمصر فقد بصره صغيرا؛ فأصر على النبوغ، ومواصلة رحلة العلم تولت الشيخة زهرة القاضي تحفيظه القرآن الكريم، ثم تجويده على الشيخ سابق السبكي ، ثم التحق بالأزهر الشريف 1919م، واجتاز المرحلة النهائية من التعليم الثانوي 1924م، حتى تحقق له، بجهد خارق، وإرادة حديدية الحصول على هذه الشهادة في عام واحد، وكان ترتيبه الأول على دفعته، ثم حصل على شهادة «العالمية» عام 1932م.
وتطلعت نفسه للاستزادة، فاتجه بفكره وقلبه نحو الجامعة المصرية لتحصيل الثقافة الحديثة؛ فالتحق بمعهد الدراسات الشرقية، ونال الدبلوم العالي، وأتقن طريقة «برايل» للخط البارز، وأمكنه إتقان عدة لغات هي: الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والتركية والفارسية، والأردية، وانكب على استيعاب ذخائر هذه الآداب؛ فترجم الكثير من قصائد شكسبير، وسعدي الشيرازي، وإقبال، وجلال الدين الرومي، والعطار، وطاغور، ونذر الإسلام شاعر البنغال.
وذات مرة أتيح لكوكب الشرق أم كلثوم الاطلاع على رائعته «حديث الروح» التي ترجمها من شعر إقبال فشدت بها.
وللصاوي شعلان دور بارز في الحركة الوطنية، والنضال ضد المحتل؛ فقد كان من خطباء ثورة 1919م، وكان له وزنه وشهرته، بحنجرته القوية الهدارة. وكان الأستاذ العقاد يناديه بقوله: يا خطيب الأمة.
وطالما حدثته نفسه الطموحة لتذليل العقبات أمام المكفوفين؛ فسعى جاهدا لتأليف لجنة لكتابة «القرآن الكريم» بطريقة برايل، كأول عربي يفكر في هذا الأمر، ورَأس اللجنة، وكان أكبر إنجازاته على الإطلاق هو «طبع المصحف الشريف كله، بالطريقة المذكورة، التي أفاد منها الملايين».
ولم يكتف الصاوي شعلان بذلـك، ولم يقف طموحه عند هذا الحد، فقد سجل أطروحته للدكتوراه بجامعة القاهرة، في الخمسينيات، بعنوان «نظم ألف بيت من مثنوي جلال الرومي، مع التحليل والدراسة»، وبعد أن أنجزها، واجتمعت اللجنة العلمية لمناقشتها، ترك الشيخ الصاوي شعلان القاعة، وآثر الانسحاب في هدوء؛ لخلاف حاد بينه وبين أستاذه، ولم تشفع الوساطات لثنيه عما عقد العزم عليه
وقام بتدريس اللغة العربية في المعهد العالي للموسيقى العربية، وتعليم المناهج التاريخية بالمركز النموذجي للمكفوفين بالزيتون بالقاهرة. وأشرف على رياسة تحرير مجلة «المصباح»، واشترك في عدد من الجمعيات الخيرية، كجمعية مكارم الأخلاق، التي عمل رئيسا لتحرير مجلتها ولجنتها الدينية. وأحيل إلى المعاش في عام 1963م، وهو بوظيفة مدير عام الوعظ والتعليم بمصلحة السجون، وأهدته مصر وسام الاستحقاق من الطبقة الرابعة، ومنحته محافظة القاهرة شهادة تقدير عام 1972م.
وللشيخ شعلان مؤلفات، منها: كتاب «والآن ماذا نصنع يا أمم الشرق»، الذي ترجمه عن إقبال، وكتاب «مختارات من مثنوي جلال الرومي» لم يطبعا حتى الآن! وله ديوان شعر بعنوان «ينابيع الحكمة» أصدرته هيئة الكتاب المصرية، ومايزال ديوانه «من وحي الإيمان» داخل مخازن الهيئة نفسها، يشكو الإهمال! وأثناء زيارته للاهور، مر بقبر محمد إقبال، فجاشت نفسه بأبيات خالدة، قال فيها:
عجبت لنجم مشرق.. وهو غائب
ومحتجب، مازال يبدو ويظهر
ولم أر نجما قط بعـد احتجابـه
يزيد ضياء في العيون ويبهر
سل الجوهر المكنون في باطن الثرى
متى عاد للأصداف.. قبلك جوهر
وكانت وفاته بالقاهرة –رحمه الله-
و من أراد الزيادة فعليه مراجعة كتاب الأستاذ عبد اللطيف الجوهري.
كواكب زاهرة ..
ومقال صلاح حسن رشيد بمجلة الوعي الإسلامي..
اترك تعليق