حذر الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، من أن اختبار الصين لصاروخ أسرع من الصوت هو أمر "مقلق للغاية" و "قريب جدًا" من "لحظة إطلاق القمر الصناعي السوفيتي سبوتنيك" الذي أشعل شرارة سباق الفضاء خلال الحرب الباردة.
التحذير، الذي أطلقه أكبر جنرال أمريكي في الخدمة، يدل على عمق مخاوف الولايات المتحدة من التقدم العسكري السريع للصين وتطويرها الأسلحة المتقدمة.
وقال لموقع ديفنس وان Defense One أن الصاروخ الذي أطلقته الصين في الفضاء "قام بدورة حول الأرض"، ولا يزال كبار القادة في البنتاجون يبحثون تداعياته.
الإطلاق، الذي فجر "المفاجأة"، تم في 27 يوليو، وأوردت الخبر صحيفة فاينانشيال تايمز وقتها، لكن انشغال القادة العسكريين الأمريكيين كان منصبًا على السقوط السريع لأفغانستان ثم السباق الذي دام 17 يومًا لإجلاء أكثر من 124000 شخص من مطار حامد كرزاي الدولي.
ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" أن هذا الصاروخ، الذي يستطيع أن يحمل سلاحًا نوويًا ويمكنه التهرب من الدفاعات الصاروخية الأمريكية، أذهل مسؤولي المخابرات.
ونقلت الصحيفة، عن مسؤولين لم تذكرهم، إن الصاروخ أسرع من الصوت، ويمكنه حمل رأس نووي، ودار حول الأرض ثم اتجه نحو هدفه.
ويجادل قادة البنتاجون حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تراجعت بشكل خطير عن الصين في مجال البرمجيات والذكاء الاصطناعي، وهو ما أدى لاستقالة كبير مسؤولي البرمجيات في سلاح الطيران.
قال جون فيراري، ضابط متقاعد وزميل زائر بمعهد أمريكان إنتربرايز: "المثير للاهتمام هو دور الذكاء الاصطناعي في الإطلاق والتوجيه". "ربما تغيرت قواعد اللعبة النووية للتو."
ويقول موقع اكسيو، إن وتيرة تقدم الصين، مع توجهاتها نحو تايوان، والتوسع في الصواريخ النووية، والتوترات الجيوسياسية الأوسع مع الولايات المتحدة، تثير المخاوف من "حرب باردة جديدة".
ورغم القلق الأمريكي، سارعت الصين لنفي الخبر، مؤكدة أنه اختبار لمركبة فضائية يمكن إعادة استخدامها.
يقول جيفري لويس، مدير برنامج منع انتشار الأسلحة النووية في شرق آسيا بمعهد ميدلبري للدراسات الدولية في مونتيري، كاليفورنيا، إن إنكار الصين هو "محاولة للتعتيم". ويرى أنها اختبرت نظام قصف مداري جزئي"[FOBS] معقولًا تقنيًا واستراتيجيًا لبكين".
آرون شتاين، بمعهد السياسة الخارجية في فيلادلفيا، قال للـ "بي بي سي" إن قصة الفاينانشيال تايمز والإنكار الصيني قد يكونان صحيحين.
ويوضح: "الطائرة الفضائية القابلة لإعادة الاستخدام هي طائرة شراعية glider تفوق سرعة الصوت. أما نظام FOBS الذي يتم تنفيذه بطائرات نفاثة شراعية فيمكن أن يقوم بمهام طائرة فضائية قابلة لإعادة الاستخدام، لذلك فالاختلافات بين القصتين هامشية."
وأنظمة FOBS ليست جديدة اتبع الاتحاد السوفيتي الفكرة خلال الحرب الباردة ويبدو أن الصين تعيد إحياءها. الفكرة هي دخول سلاح في مدار جزئي حول الأرض ليضرب أهدافًا من اتجاه غير متوقع.
ويبدو أن الصين جمعت بين تقنية FOBS وطائرة نفاثة شراعية أسرع من الصوت -وهي تنزلق على طول الحافة الخارجية للغلاف الجوي متجنبة الرادارات والدفاعات الصاروخية -في نظام جديد. لماذا؟
يقول لويس: "تخشى بكين أن تستخدم واشنطن قدراتها النووية والدفاعات الصاروخية لتدمير سلاح الردع النووي الصيني".
ويرى آرون شتاين أن اللاعبين النوويين الرئيسيين يطورون أنظمة أسرع من الصوت، لكنهم ينظرون إليها بشكل مختلف. ويجادل بأن وجهات النظر المتباينة تغذي جنون الارتياب، وتؤجج سباق التسلح. ويعتقد أن كلًا من بكين وموسكو تنظران إلى سرعة الصوت على أنها وسيلة لضمان هزيمة الدفاعات الصاروخية الأمريكية.
لكن بعض الخبراء لا يعتقدون أن الاختبار الصيني يخلق تهديدًا جديدًا. يقول جيمس أكتون من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إن الولايات المتحدة عرضة لهجوم نووي صيني منذ الثمانينيات.
لكنه يعتقد أن البرامج الصينية والروسية والكورية الشمالية، لهزيمة الدفاعات الصاروخية الأمريكية، يجب أن تدفع واشنطن لإعادة النظر فيما إذا كانت المعاهدات التي تفرض قيودًا على هذه الدفاعات هي في مصلحة أمريكا.
"أخشى تكرار ما بعد 11 سبتمبر، ففي أعقاب المفاجأة والترنح بمزيج من الخوف والضعف، شرعنا في سلسلة من القرارات الكارثية التي جعلتنا أقل أمانًا بكثير، ومنها الانسحاب من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية، وهذا هو السبب في تطوير الصين لهذا النظام."
يشير موقع سبيس نيوز إلى أن المركبة الفضائية التي تدور حول الأرض، وتعود للغلاف الجوي بسرعة تفوق سرعة الصوت وتنزلق للمنطقة المستهدفة ليست تقنية جديدة.
قال روبرت باكوس، الرئيس والمالك المشارك لشركة Innoveering ، المتخصصة في تكنولوجيا دفع المركبات الأسرع من الصوت: الجديد هو قدرة المركبة الصينية على المناورة، بعد إعادة دخولها الغلاف الجوي، بطرق لم نشهدها من قبل، موضحًا أنه لا يعرف ما اختبره الصينيون بالضبط وأن تعليقاته تستند لما يقال علنًا.
أعلنت شركة رايثيون Raytheon ونورثورب جرومان Northrop Grumman الشهر الماضي أنهما أكملتا أول اختبار طيران لسلاح نفاث تفوق سرعته سرعة الصوت لصالح وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة والقوات الجوية الأمريكية.
وتحسبا لنشر الصين وروسيا صواريخ أسرع من الصوت، يطور البنتاجون شبكة من أجهزة الاستشعار الفضائية لتغطية "النقاط العمياء" في نظام الدفاع المضاد للصواريخ. ومقارنة بالصواريخ الباليستية، فإن المركبات الإنزلاقية الأسرع من الصوت يصعب اكتشافها بواسطة أقمار الإنذار المبكر الأمريكية في المدار الثابت، على ارتفاع 36000 كيلومتر فوق الأرض.
يقول تونج أو، الزميل البارز بمؤسسة كارنيجي في بكين: "قدرة الصواريخ الأسرع من الصوت على المناورة، تمكنها من اختراق أنظمة الدفاع الصاروخي بشكل أفضل".
لكن لا يتفق الجميع على أن تكديس الصين للأسلحة الأسرع من الصوت أمر دفاعي.
يقول مايكل جريفين، وكيل وزارة الدفاع السابق للأبحاث والهندسة والذي يشغل الآن منصب الرئيس المشارك لشركةLogiq Inc ، إن ترسانة الصين الأسرع من الصوت تسمح لها بتوسيع نفوذها. "يمكنهم استهداف المطارات وحاملات الطائرات، في غضون 15 أو 20 دقيقة، على بعد آلاف الكيلومترات من الصين".
يضيف أن الصاروخ الجديد، العابر للقارات يمكنه ضرب السفن الأمريكية في أي مكان. "إنها حقًا قفزة كبيرة". ويجب على الولايات المتحدة تطوير صواريخ أسرع من الصوت لمواجهة التهديد الصيني. "إنه سباق تسلح."
يقول لويس إن أي سباق يكون له خط نهاية. "لذا نحن بحاجة للخروج من سباق التسلح، بدلاً من تسريعه." "يتعين علينا التفكير في نوع الحد من التسلح الذي نريده مع روسيا والصين".
اترك تعليق