بالأمس مررت بعمال مصريين فوق كوبري قيد الإنشاء، وأقول هنا مصريين للتفاخر بهويتي المصرية، هؤلاء يعملون في كل ظروف المناخ المتقلبة سواء في الأجواء الممطرة أو تحت شمس الصيف الحارقة، ولكنهم لا يأبهون سوى لعملهم فقط لا غير، وبالأمس وجدتهم ينشدون أغنية جماعية أثناء ربطهم لحديد الكوبري، وحينها نظرت بتمعن لكل الكباري المُنشئة حديثًا وقلت يا ربي هل كل تلك الكباري بُنيت بتلك الطريقة الشاقة؟؟ أنا كنت متخيلة أن الكوبري يُنشأ بالآلات فحسب بناءًا على تصميمات المهندسين فقط، ولكن فوجئت بالأمس أني لازلت طفلة ساذجة، وأن الحقيقة تملك أوجه كثيرة.
رأفة بكم قرائي الأعزاء، وبنفسيتي-التي أسعى جاهدة لحمايتها من الطاقة السلبية-بدأت مقالتي بأجواء إيجابية، ولكن مهلًا لا تتفاءلوا كثيرًا لأني لم أتطرق بعد لسبب حديثي معكم اليوم، وهو كيف سنتعامل مع هؤلاء الحمقى الذين يشوهون كل شيء جميل في حياتنا، هؤلاء لم يتركوا شيئًا بدن تشويه حتى لغتنا الجميلة بدءوا يستخدموها بطريقة سيئة لدرجة أني بدأت أبحث عن بدائل ومفردات لكل الكلمات التي استخدموها لتوصيل معنى أخر بخلاف معناها الأصلي، أعلم أن الأمر قد يبدو لكم بسيط ولكن كل شيء بسيط سكتنا عنه في الماضي تحول الآن لغول ضخم لا نستطيع التخلص منه، والأمثلة كثيرة جدًا ولا داعي لذكرها.
هل تعلمون فيمّ أفكر الآن؟؟ في إنشاء مؤسسة مصرية من أجل مراقبة سلبيات المجتمع وعلاجها منذ البداية قبل أن تتفشى أكثر، ومن تلك السلبيات-بخلاف ما ذكرته في الفقرة السابقة-كارثة الأيديولوجيا الحديثة التي طرأت على عقلية المصريين، نحن مع الأسف أصبحنا ننظر للنصف الفارغ من الكوب دائمًا، ولا نسعى لإصلاح أنفسنا قبل أن نُلقي باللوم على الآخرين سواء كانوا أفراد أو مؤسسات، والأسوأ من ذلك هو انجرافنا مع أيّ تيار جديد بدون تفكير، حقًا أشعر بالقلق من العقلية التي وصلنا إليها الآن؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر كانت الأطفال في الماضي القريب يقرؤون القصص ويشاهدون بوجي وطمطم وبكار، ولكن الآن أتجه الأطفال لأغاني المهرجانات ومشاهدة كل شيء تافه على مواقع التواصل الاجتماعي.
في القرن الثالث عشر أرسل جنكيز خان جاسوس للدول الإسلامية لتقصي أخبارهم، وأثناء وجود الجاسوس هناك وجد شاب حزين ينظر للقمر؛ فسأله الجاسوس: فيمّ تفكر؟؟ أجابه الشاب بقلق: أفكر في طريقة لمساعدة دولتي الإسلامية وإعلاء شأنها بين الأمم، وبمجرد إيجاد هذا الشيء سأفعل كل ما بوسعي لتحقيقه وسأضحي بكل شيء من أجله.. أخذ الجاسوس إجابة الشاب وعاد لزعيم المغول وأخبره بما حدث؛ فقال جنكيز خان: لن نستطيع أن نغزو بلاد المسلمين الآن؛ فإذا كان الفتي الصغير يفكر بتلك العقلية ولديه أحلام واهتمامات عظيمة كهذه؛ فما بالك بقادتهم وزعمائهم؟؟ وبعد عشر سنوات أرسل جنكيز خان نفس الجاسوس مرة أخرى لبلاد المسلمين، وحينها وجد شاب أخر يجلس في نفس المكان، وينظر للقمر فسأله نفس السؤال، ولكن تلك المرة أجابه الفتى بابتسامة، وقال: أفكر في قصيدة جميلة أهديها لحبيبتي، وبعد عودة الجاسوس لجنكيز خان أخبره أن الوقت قد حان لغزو بلاد المسلمين.
هل تعلمون لماذا؟؟ لآن اهتمامات شباب المسلمين وعقليتهم تغيرت فأصبحوا فريسة سهلة لأيّ عدو خارجي؛ لهذا السبب بالتحديد كتبت لكم مقالة اليوم لكي نجد سويًّا حل لما آل إليه حال أطفالنا وشبابنا اليوم، وكل ما أرجوه منكم أن تتعاملوا بحزم مع أولئك الذين يُعلقون الستائر السوداء أمام عقولنا ليفرضوا علينا وعلى أطفالنا اتجاهاتهم، ويجبرونا على التكيف مع أيديولوجيتهم المشوهة.
بقلم - هبه مرجان:
اترك تعليق