يقع كهف أهل الكهف أو كهف الرقيم، جنوب شرق العاصمة الأردنية عمّان بقرية الرجيب، وقد اكتشف في الحفريات الأثرية عام 1963م، ووجدت فيه الهياكل العظمية لأصحاب الكهف، والتي دفنت جميعها في منطقة صغيرة يمكن رؤيتها من خلال فتحة صغيرة سدت بقطعة زجاجية صغيرة.
و يضم موقع كهف الرقيم مسجدين قديمين يقع الأول فوق الكهف مباشرة، وهذا ما يثبت أنه الموقع الصحيح لكهف الرقيم من بين المواقع التي اختلف عليها في عدة دول. فيما يقع المسجد الثاني في الساحة الأمامية للكهف.
وحرصت "الجمهورية أونلاين" على زيارته قبل ساعات قليلة من موعد إقلاع الطائرة التي ستعود بنا إلى القاهرة عقب انتهاء فعاليات مؤتمر "إعلاميون ضد الكراهية" الذي عقد على مدار يومي 27 و28 سبتمبر بالتعاون بين مجلس حكماء المسلمين بالشراكة مع المركز الكاثوليكي للإعلام، برعاية الأمير غازي بن محمد، عضو مجلس حكماء المسلمين، كبير مستشاري الملك عبدالله الثاني بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية.
وعلى ما يزيد من ساعة حسب الحالة المرورية للطرق، فهو الوقت الذي إتستغرقه من وسط المدينة بالعاصمة الأردنية عمان، لتصل إلى موضع أهل الكهف أو كهف الرقيم بقرية الرجيب التي تقع جنوب شرق العاصمة، لذا كانت النصيحة الأهم هي بدء الرحلة مبكرا إذ يغلق الكهف بابه أمام الزائرين في الثانية بعد الظهر.
ففوق تلة مرتفعة تطل على مساحة واسعة من البيوت المطلية باللون الأبيض يقع كهف أهل الكهف أو كهف الرقيم، والذي تم اكتشافه عام 1963، يستقبلك أحد العاملين عند الباب فينبهك إلى عدد من الإجراءات غير المسموح بها بالداخل وأهمهما عدم التدخين كما على النساء اللاتي يرتدين البنطال أو الملابس الكاشفة وغير المحجبات، ارتداء عباءة سوداء بغطاء رأس تقدم دون رسوم كشرط للدخول والسماح لهن بالزيارة.
بحسب الإحصاءات الأثرية يوجد 33 كهفا في عدة دول، تنسب كل منها كهفها إلى أصحاب الكهف المذكورين في القرآن الكريم، في مقدمتهم اليمن وتركيا، إلا أن مجمع الفقه الإسلامي ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم الثقافة "اليونسكو"، قد أجمعا على أن الكهف الموجود بالأردن هو المكان المتوافق تماما مع الوصف القرآني قياسا بالكهوف الأخرى.
تتناول قصة أصحاب الكهف التي وردت في سورة الكهف بالقرآن الكريم، الحديث عن عدد من الفتية الذين آمنوا بالله تعالى لكنّهم كانوا في قوم كافرين، ولما قرروا ترك بلادهم والهجرة بدينهم لجأوا إلى الله تعالى أن يسهل لهم أمرهم، وخرجوا يبحثون عن مكان يأويهم، فيسر الله تعالى لهم كهفاً معداً ليكون صالحاً ليلبثوا فيه عددا من السنين، يقول الحق سبحانه وتعالي "إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا".
من الجهة الشمالية للكهف يقع بابه بشكل كان يحول بينه وبين دخول الشمس حين تشرق وتغرب، ويشير المشرف على المسجد إلى فتحة صغيرة بسقفه يقال إن الشمس كانت تدخل لهم من خلاله بشكل عمودي، وبحسب ما ورد في القرآن الكريم، كان الله عز وجل، خلال مدة نومهم يقلبهم بقدرته على جنبهم الأيمن والأيسر حتى لا تبلى أجسادهم من الأرض، وكان كلبهم يحرسهم وهو باسط ذراعيه فيخيل للناظر أنهم أحياء، وقد ظلوا هكذا لنحو 300 سنة، يقول الله سبحانه وتعالي "وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا".
وفي آية أخرى من سورة الكهف "وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا".
يضم الكهف داخله، سبع مقابر فارغة تشبه إلى حد كبير التوابيت، فيما تم تجميع بقايا رفات الفتية داخل أحدها وتمت تغطيته بنافذة زجاجية إلا أنها لا تسمح للزوار بمشاهدة ما بداخلها بسهولة نظرا لإنعكاس الضوء الكهربائي الذي تم توصيله لينير الكهف أمام الزائرين.
على يمين الباب الخشبي بمدخل الكهف، توجد ثلاثة قبور تعلو أحدها نجمة ثمانية ، قال المشرف على الكهف، إنها نجمة رومانية كانت تستخدم في الزخرفة الإسلامية، وفوق قبر آخر كتبت عبارة أخرى منسوبة إلى الأمير هبة الله بدر بن حوا سنة 227 هجرية.
يشير المشرف على الكهف، إلى أن الكهف يضم ثمانية قبور، بالقرب من باب الكهف تم العثور على الفك العلوي فقط من جمجمة كلبهم، والذي دفن على عتبة الباب حيث بقي على الوصيد أي "عتبة باب الكهف"، كما يلفت إلى خزانة بها آثار قديمة لأناس عاشوا بعد أصحاب الكهف، وتحتوي على عدة أباريق وجدت بساحة المسجد العلوي، وبقايا شجرة زيتون رومانية يرجع عمرها لما قبل 2000عام، وحجر عليه كتابات لاتينية ترجع لما قبل 1800 عام.
وبإستخدام عدة درجات حجرية مهدتها خطوات الزائرين، تستطيع الوصول إلى أعلى الكهف حيث توجد بقايا مسجد أموي، تتجه قبلته إلى مكة المكرمة مع اختلاف 20 درجة عن المسجد الحديث، وهو ما أرجعه المشرف على الكهف، إلى تطور العلم ودقة القياسات المستخدمة حديثا، يقول الحق سبحانه "فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا".
كما يضم موقع الكهف أيضًا مسجدًا كبيرًا في الساحة الأمامية، تم بناؤه في العصر الحديث.
ويعد موضع أهل الكهف قبلة لزائري المملكة الأردنية الهاشمية، خاصة سياح دول شرق آسيا الذين ينظمون جولات للسياحة الدينية بمنطقة الشرق الأوسط.
وترجع قصة أصحاب أهل الكهف والرقيم بحسب المفسرين والمؤرخين، إلى زمن حكم به ملك رومي يدعي دقيانوس، كان يعبد الأصنام في زمن انتشرت به رسالة نبي الله عيسي عليه السلام، فقرر عدد من الفتية الفرار خشية على دينهم الذي أعتنقوه وهو توحيد الله وحده تاركين وراءهم قومهم الذين عبدوا الأصنام والأوثان، يقول الحق سبحانه في سورة الكهف "إذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا*فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا".
ولجأوا إلى الكهف خشية الفتنة في دينهم وناموا به 309 سنوات هجرية، وعندما استيقظوا بعد ذلك ظنوا أنهم ناموا بضع ساعات ولم يخطر ببالهم أنهم ناموا لقرون، وعندما ذهب أحدهم لشراء الطعام استخدم عملة كانت قد اندثرت منذ زمن ما استرعى انتباه أهل القرية، وقد توفوا بعدما عرفت قصتهم في أرجاء القرية.
وكانت السلطات الأردنية قد سجلت موضع أهل الكهف رسميا عام 1963، ويشرف الديوان الملكي الهاشمي على إدارته، حيث تم افتتاح مسجد حديث في العام 2006 بجوار المقام الأثري، وارتفعت زيارات السياح للموقع في بعض السنوات إلى 250 ألف زائر، بينما تراجع اليوم عدد زائريه بشدة بسبب الإجراءات التي فرضتها ظروف وباء فيروس كورونا المستجد على التنقل بين الدول.
https://m.youtube.com/watch?v=AQGZRMU383E
اترك تعليق