عشرة أشهر أو نحوها اعتمد خلالها البنك المركزي المصري آلية تثبيت سعر الفائدة بعد قرارات الخفض الشهيرة التي بدأت في مارس 2020 بثلاث نقاط وانتهت في نوفمبر من ذات العام بخفض جديد ليصل جملة الخفض خلال العام 4 نقاط. لتبدأ مرحلة سياسة تثبيت سعر الفائدة عند معدلاتها الحالية وهي 8,25 % للايداعات و9,25% للقروض.
ربما أصبح المودع المصري في مقدمة المتابعين للاجتماع الدوري للجنة السياسة النقدية الذي ينعقد كل ستة اسابيع لتحديد سعر الفائدة. "ويده علي قلبه" خشية حدوث خفض جديد. في حين يتطلع الطرف الآخر وهم المستثمرون إلي استئناف قرارات التخفيض لتقليل عبء القروض عليه.
بعيدا عن الطرفين الذين تتعارض مصالحهما. كانت هناك أسباب أخري أمام لجنة السياسة النقدية وراء قرارات التثبيت خلال الفترة من ديسمبر 2020 إلي سبتمبر الجاري ربما اختلفت الأسباب فيما بينها اختلافات واهية إلا أن المشترك الوحيد بينها هو التضخم الذي سجل تراجعا خلال السنوات الأخيرة ليصل المعدل السنوي له 5,1% في ديسمبر من العام الماضي فيما بلغ نحو 5,7% خلال أغسطس الماضي وكانت معدلات التضخم قد تجاوزت نسبة 20% خلال العام المالي 2017/2018.
إلي جانب معدلات التضخم التي سجلت مستويات ربما أقل من الذي يستهدفه البنك المركزي. أضافت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركــزي المصـري في اجتماعهـا يــوم الخميس الماضي أسبابا أخري للحفاظ علي المستويات الحالية لسعر الفائدة أهمها استمرار تعافي النشاط الاقتصادي ليسجل نمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي خلال الربع الثاني من العام الجاري صعودا بمعدل 7,7% مقابل أدني معدل مسجل له خلال ذات الفترة من العام الماضي وهو سالب 1.7%. كما سجل النمو خلال العام المالي 2020/2021 ارتفاعا بنسبة 3,3% و هو أعلي من التقديرات السابقة والبالغة 2.8%.
فضلا عن استقرار معدل البطالة عند 7.3% خلال الربع الثاني من عام 2021 مقارنة بـ7.4% خلال الربع الأول من عام 2021 وفقا للجنة.
ثمة أسباب خارجية إضافتها لجنة السياسة النقدية. من بينها استمرار النشاط الاقتصادي العالمي في التعافي وإن كان بدرجات متفاوتة علي مستوي القطاعات والدول المختلفة. نتيجة التفاوت في معدلات التطعيم ضد فيروس كورونا.
من جانبها تأثرت أسعار العائد علي الأوعية الادخارية التي تقدمها البنوك العاملة في مصر بقرارات المركزي المتوالية بتثبيت سعر الفائدة ليظل العائد عند معدلاته الحالية دون تغيير خاصة شهادة التميز التي يصدرها بنك مصر. والبلاتينية التي يصدرها البنك الأهلي واللتين تستقطبان جانباً كبيراً من مدخرات القطاع العائلي حيث ظلت الشهادتان تتمتعان بأعلي عائد في السوق حاليا وهو 11%.
يري خبراء مال واقتصاد أن قرارات تثبيت سعر الفائدة طوال عشرة أشهر ربما كانت تهدف إلي الحفاظ علي مستويات الادخار المحلي وزيادتها. وتشير أحدث بيانات البنك المركزي إلي أن ودائع القطاع العائلي لدي الجهاز المصرفي شهدت زيادة كبيرة خلال الفترة الأخيرة لتسجل 3,3 تريليون جنيه مصري في شهر مايو الماضي مقابل 3,1 تريليون في شهر ديسمبر من العام الماضي بارتفاع نحو 200 مليار جنيه خلال فترة ستة أشهر فقط.
يري شريف سامي الخبير المالي والرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية أن الاعتبار الأكبر والأهم للجنة السياسات النقدية المنبثقة عن مجلس إدارة البنك المركزي عند تحديدها لسعر الفائدة هو مواجهة التضخم وذلك دون اغفال اعتبارات أخري مثل التأُثير علي النشاط الاقتصادي وجذب المدخرات.. ولكن يظل معدل التضخم وأسبابه من أهم الاعتبارات. فالتضخم قد ينتج عن زيادة الطلب محلياً وفي أحيان أخري ينتج عن ارتفاع بعض السلع العالمية مثل البترول أو السلع الغذائية الأساسية المستوردة. وهنا يمكن أن يتعامل معها صانع السياسة النقدية بشكل مختلف. نفس الشيء يتعلق بالموسمية. فقد يكون هناك ارتفاع مؤقت ومتوقع في معدلات الأسعار للمواد الغذائية بمناسبة حلول شهر رمضان مثلا أو لأسباب أخري.
لفت شريف سامي إلي أن معدلات التضخم شهدت استقرارا وسجلت أرقاما أقل من المتوسطات التاريخية لمصر خلال الفترة الأخيرة. مؤكدا علي أن الأهم من الرقم المطلق لسعر العائد أو ما يتقاضاه المودع من البنك علي مدخراته. هو النظر إلي معدل العائد الحقيقي. وهو ناتج طرح معدل التضخم من عائد البنك. ومعدل الفائدة الحقيقي قد يكون بالسالب في حال تجاوزت معدلات التضخم سعر العائد أي أن قيمة المدخرات تتآكل. لذا فالمهم ليس الرقم المطلق الذي تمنحه البنوك علي الودائع. فقد يكون 9% مثلاً في ظل تضخم 6 أو 7% أفضل كثيراً من عائد 12% في ظل معدل تضخم يبلغ 11% أو أكثر.
وفقا للدكتورة عالية المهدي فإن تشجيع الاستثمار يتطلب تخفيض سعر الفائدة أو تثبيته علي الأقل مشيرة إلي أن مستويات العائد الحالي في البنوك إيجابي عكس ما كان يحدث قبل سنوات عندما سجل التضخم مستويات ارتفاع غير مسبوقة ورغم الزيادة الكبيرة في سعر الفائدة حينها إلا أنها ظلت سلبية. ومع تراجع الفائدة عن مستوياتها السابقة إلا أنها الآن واقعيا أفيد بكثير للمودع لأنها تحقق عائداً إيجابياً يتراوح بين 3% و4% وربما أكثر مع الشهادات زادت العائد المميز.
اترك تعليق