هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

العمامةُ وشوقها !

بقلم: عصام علي


كنتُ قد قرأت قديما أن  "عبد الرحمن الداخل" ( صقر قريش ) حين تبدّت له نخلة في رصافة الأندلس كتب فيها قصيدة، بثها ألم غربته وطعّمها حنينه لوطنه! 

قرأتُ هذا غير مبالٍ بأي شيء سوى صور القصيدة وأساليبها من حيث الجودة الفنية، بعيدا عن المضمون الإنساني لها، لكني منذ عامينِ من يومنا هذا وأنا خارج من صلاة العشاء بمسجد في  " مدينة الدمام" أدركتُ مضمون عبدالرحمن الداخل، وشعرت بعَبرته تسيل على صفحة وجهي؛ حين رأيت رجلا يرتدي الجلباب الصعيدي وعمامته، لم يكن أمر الحلباب علي غريبا، فلقد كنت معتادا على ارتدائه الدائم؛ حتى لا أنسلخ من عادات أهلي وبيئتي .

‏الذي هيّج شوقي، وأعادني إلى ذلك المكان الذي أحب " عِمامة الرجل" فلقد ذكرتني عمامته بعمامة أبي وعمي، هممتُ بإيقافه؛ لأقبل عمامته التي اشتقت إليها كثيرا ! لكنه كان عَجِلا ومضى مخلفا بعمامته آثار الشوق  الدفين !

لكم كان تأثير هذه العمامة على قلبي سلاما وأنسا ...
لكم كانت رؤيتها في داخلي سعادة غامرة أغاثت قلبي الجدب حينها!

‏ أدركت بعدها أن قصيدة عبد الرحمن الداخل جاءت على وزن الشوق الصادق للشرق الذي نشأ فيه وعشق فيه كل معالمه! دُبجت على قافية الوفاء لكل ما اشتدت أجسادنا على رؤيته شامخا بديعا! 

لذاك ارتووا من جمال كل شيء حولكم، لا تنظروا لمَعْلمٍ حولكم نظرة ازدراء، أو نظرة محاولة لتغييره، بل اجعلوه موطن تقدير وحب، فشوقكم إليه وأنتم بعيدون عنه يعصف بالروح، فلا أظن أن عبدالرحمن الداخل عندما كان في الشرق نظر يوما لنخلة نظرة حب، بل كان النخيل بالنسبة إليه من أساسيات عالمه لدرجة أنه لم يشعر بوجوده، وكذلك كنتُ مع عمامة أبي، كنت لدرجة اعتياد رؤيتها لا ألتفتُ إليها، وعندما تغرب الداخل وتغربتُ شعر كل منا بقيمة ما كان في عالمه لكنه لم يلتفت إلى وجوده إلا بغربته عنه؛ لذاك أدركوا جمال معالمكم قبل تغربكم. 

ولا أظنني تاركك عزيزي القارئ إلا بعد أن أذكر لك بعضا من الأبيات التي نُسبتْ لعبدالرحمن الداخل عندماتبدَّتْ له نخلة في المغرب بعد أن قُسِر على مغادرة مشرق النخيل! 


تبدَْت لنا وسْطَ الرُّصافة نخلةٌ
تناءتْ بأرضِ الغرب عن بلد النخلِ
فقلتُ شبيهي في التغرُّب والنوى
وطولِ الـتَّنائي عن بَنِيَّ وعن أهلي
نشأتِ بأرض أنتِ فيها غريبةٌ
فمثلُكِ في الإقصاءِ والمُنْتأى مثلي 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق