أحد المواطنين المسلمين قد ورث عقارًا بموجب عقد تقسيم لتركة موقع عليه من جميع الورثة الشرعيين وبموافقتهم ورضاهم، ونص على ذلك في العقد، وعلى أنه لا يجوز لأي منهم الرجوع عن هذه القسمة بأي حال من الأحوال، ثم تنازل هذا المواطن عن عقاره المذكور لإحدى الجهات الحكومية لينفق ريعه صدقة جارية للفقراء.
هذا التنازل مصدق عليه من الجهات الرسمية، ووافقت الجهة الحكومية وطلبت منه المستندات اللازمة وأرسل إليها جميع المستندات تمهيدًا لنقل الملكية إليها وتنفيذ ما جاء بالتنازل، ولما علم بعض الورثة بهذا التنازل حاولوا أن يثنوه عن تنازله فلم يوافق، فعرضوا عليه شراء العقار، ولكنه صمم على الرفض، فلجأوا إلى طرق ملتوية ليستولوا على العقار ويمنعوا الجهة الحكومية من تسلمه، وتمكنوا من ذلك فعلًا عن طريق شهادة زور.
ويسأل عن حكم الشرع بالنسبة لهؤلاء المغتصبين، ومدى حق هذا المواطن في تصرفه وهو تنازله عن نصيبه الشرعي في الميراث لهذه الجهة الحكومية في سبيل الله.
أجاب الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الازهر السابق على السؤال المنشور على الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية تحت رقم مسلسل 4493 بتاريخ 28/06/1989 وجاءت الإجابة كالتالي: تقضي النصوص الشرعية بأن لمالك الشيء وحده حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه؛ فملكية الإنسان للشيء تجعل له الحق في الحصول على كل منافعه سواء أكان ذلك باستعمال هذا الشيء أو استغلاله أو التصرف فيه.
وبما أن المواطن المسؤول عنه قد امتلك عقارًا آل إليه عن طريق شرعي، وهو الميراث كما هو مذكور، فإنه يكون حر التصرف فيه، وبما أنه قد قرر التنازل عنه لإحدى الجهات الحكومية بدون مقابل أو على أن ينفق ريعه على الفقراء كما ذكر، فإن تنازله هذا صحيحٌ شرعًا ما دام الشخص المتنازل عاقلًا وأهلًا لهذا التصرف.
أما باقي الورثة الذين يتدخلون في شؤون هذا المواطن ويعرقلون تصرفه هذا وشهدوا زورًا واستولوا على العقار محل التنازل فإنهم آثمون شرعًا ومغتصبون لحق غيرهم، وهذا التصرف منهم يعد أكلًا لأموال الناس بالباطل وهو منهي عنه شرعًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
اترك تعليق