هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

رسالة دكتوراه بحقوق أسيوط توصى المشرع تعديل قانون مكافحة الإرهاب في بنود تعويض الضحايا

أوصت الباحثة زينب خليفة ابراهيم أحمد في رسالة الدكتوراه التي حصلت عليها من كلية الحقوق جامعة أسيوط بعنوان "آليات تعويض ضحايا الأعمال الإرهابية", العمل على إيجاد تعريف جامع مانع للجريمة الإرهابية، تحقيقا لمبدأ الشرعية الجنائية والتي تستلزم في الجريمة أن تكون محددة الأركان، والقيام بدراسات عن طريق مراكز بحثية متخصصة لمعرفة أسباب وجذور الإرهاب في المناطق التي ينتشر فيها الإرهاب في العالم والعمل على إيجاد الحل السلمي لهذه الأسباب.


كما أهابت بالمشرع المصري إعادة صياغة الفقرة الأولى من نص المادة(54) من قانون مكافحة الإرهاب لتشمل جميع المضرورين من أخطار الإرهاب ، حيث قصر التعويض عن الأضرار الناجمة عن الإرهاب على أفراد الجيش والشرطة ، وذلك لأنه وإن كانت الحقيقة هي أن أفراد الجيش والشرطة هم في المقام الأول المكفولين بمواجهة الإرهاب وأخطاره وهم في المقدمة دائما، ولكن من الممكن أن يكون لهم مزايا أكبر أو تعويض أكثر، ولكن لماذا لا يتم تعويض كل من يضار من جرائم الإرهاب كما هو الوضع في القانون الفرنسي، أليس هناك في النهاية جريمة إرهابية ومضرورين من أخطارها.

وشددت على أن يشمل التعويض كل مضرور من الجريمة، سواء أكان المجني عليه وحده، أم كان المضرور وحده، أو كان المجني عليه والمضرور، كما يجب أن يشمل التعويض كافة الأضرار التي آلمت بالمضرور سواء أكانت أضرار جسدية أو مالية أو أدبية ولا يقتصر على الأضرار الجسدية.

وطالبت المشرع المصري التدخل تشريعيا لمواجهة إلزام الدولة بتعويض ضحايا الأعمال الإرهابية، حيث يجب الاهتمام بضحايا الإرهاب بقدر الاهتمام بعقاب مرتكبيه.

وأضافت أنه يجب أن يكون التعويض حقا للمضرور وليس منحة، وأن يتساوى الوطني والأجنبي في حقه في الحصول على تعويض.

وذكرت أنه على المشرع المصري أن يتدخل لوضع استثناء من القواعد العامة ينص صراحة على حق المضرور من الأعمال الإرهابية في الادعاء مدنيا أمام محاكم أمن الدولة العليا حتى لا تقف النصوص عقبة في سبيل كفالة حق المضرور في جرائم الإرهاب من تعويض سريع وفعال.

وطالبت بأن تنشأ الدولة صندوقا خاصا لتعويض المضرور من الأعمال الإرهابية على أن تكون له الشخصية الاعتبارية المستقلة ويضمن للمضرور من الأعمال الإرهابية تعويضا عادلا وفوريا وأن يغلب على تشكيل مجلس إدارة هذا الصندوق الطابع القضائي وأن تكون قراراته قابلة للطعن عليها أمام محكمة الاستئناف وألا يحول ذلك دون صرف تعويضا فوريا للمستحق، أسوة بقانون إنشاء صندوق تكريم شهداء وضحايا ومفقودي ومصابي العمليات الحربية والإرهابية والأمنية وأسرهم الصادر في13 مارس 2018م.

واشارت إلى أنه يجب أن تكون موارد هذا الصندوق من خلال نسبة من أقساط عقود التأمين وفرض رسوم رمزية على وثائق التأمين ومكاتب السياحة والسفر، وتخصيص الغرامات المحكوم بها أو جزء منها لتمويل الصندوق، والأموال المصادرة والهبات والتبرعات.

تكونت لجنة المناقشة والحكم من أ.د محمد سعد خليفة و أ.د محمد حسن عبد الرحمن و أ.د خالد جمال أحمد .

تقول الباحثة أن موضوع الرسالة جاء تحت عنوان آليات تعويض ضحايا الاعمال الإرهابية، وأن الأمم البشرية عرفت الإرهاب منذ زمن بعيد، ورغم أن الإرهاب تمتد جذوره إلى عصور قديمة، إلا أنه وبداية من منتصف القرن العشرين أخذ أشكالا وصورا متعددة، إذ صار عابرا للدول والقارات يستخدم أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا ووسائل الاتصالات، ويستفيد من التقدم المذهل في صنع الأسلحة، وتتضح خطورة الإرهاب الحديث من حيث ارتفاع عدد المنظمات الإرهابية، فضلا عن زيادة نسبة عملياتها الإجرامية، وبالتالي فالارتفاع الملفت لعدد الضحايا سواء من المواطنين العاديين أم المسئولين السياسيين إضافة إلى تخريب الممتلكات العامة والخاصة.

من هنا برزت أهمية وضع نظرية عامة تتحدد من خلالها معالم مفهوم موحد للجرائم الإرهابية، وهذا ما سنحاول إبرازه في هذه الرسالة.

وفي ذات السياق وبالنظر إلى الطابع الخاص والمتميز للجرائم الإرهابية سواء من حيث بنيانها القانوني أو قواعدها الموضوعية منها والإجرائية أو من حيث الدمار الكبير ماديا وبشريا الذي خلفته وعلى نطاق واسع، أمام هذا كله برزت مشكلة تعويض ضحايا الأعمال الإرهابية التي تشكل المحور الجوهري الذي تدور حوله هذه الرسالة.

أضافت الباحثة قائلة أن مسألة تعويض هذه الفئة قد شغلت بال الكثير من رجال القانون باختلاف توجهاتهم، حيث تعرض لها المختصون في مجال القانون الدولي، والقانون الجنائي، والقانون الإداري مع قلة الأبحاث في هذا الشأن من جانب فقهاء القانون المدني، فإذا كانت الدول قد أولت اهتماما بالغا لمكافحة الإرهاب، فإن القليل منها فقط قد أبدى اهتماما واضحا بضحايا هذه الأعمال، إذ صارت العديد من القوانين الحديثة تهدف إلى تحسين وضع الضحية وحماية المجني عليه من الجريمة عن طريق تقرير تعويض عاجل ومؤقت للمضرور.

شدد الباحثة على أن أهمية البحث تتضح في محورين هامين هما أن العمل الإرهابي كأحد أهم الظواهر الاجتماعية والقضايا السياسية وحتى الفكرية التي يجري الحديث عنها أو تحليلها الآن في كل ميادين الحياة العامة، فضلا عن الخطورة التي ينطوي عليها الإرهاب وأثاره على الفرد والجماعة، ولهذا كان علينا بيان اختلاف الفقهاء في وضع تعريف واضح ومحدد للإرهاب، وأيضا بيان ماهية جريمتي الحرابة والبغي وخطورتهم على المجتمعات.

وأشارت إلى أن المحور الثاني يكمن أيضا في مسألة تعويض المضرور عن الأضرار الناجمة عن العمليات الإرهابية من خلال بيان أهمية ودور التعويض والتأمين في تعويض هؤلاء الضحايا الأبرياء الذين غالبا ما يكونوا كبش فداء، ونتيجة قصور القواعد العامة في تعويض ضحايا الأعمال الإرهابية كان علينا بيان أهمية اعتراف الدولة بمسئوليتها في تعويض هؤلاء الضحايا ، فضلا عن بيان أهمية صناديق الضمان في تعويض ضحايا الإرهاب، وأيضا محاولة ايجاد مصادر تمويل التعويض، وكذلك تبدو أهمية البحث من خلال بيان خطورة النتائج المترتبة على عدم تعويض ضحايا الأعمال الإرهابية.

وأما عن أهداف الدراسة فإنها تتمثل في الإجابة على عدة تساؤلات منها محاولة إيجاد تعريف للأعمال الإرهابية، يميزها عن بعض المفاهيم الأخرى، لتحديد معالمها وبالتالي وضع آليات مواجهتها، ومحاولة تقييم الجهود الدولية لمواجهة الأعمال الإرهابية، ومدى فاعليتها في ذلك، وأيضا ماهية ضحية العمل الإرهابي سواء أكان المجني عليه أو أهله، وحقهم في إيجاد وسيلة سريعة وفعالة وعادلة لتعويضهم وعدم تركهم فريسة لمواجهة آلامهم وحظهم العاثر الذي أوقعهم في براثن الجريمة الإرهابية، وماهية المسئولية المدنية وأركانها وشروطها، وما مدى مسئولية الدولة عن تعويض ضحايا الأعمال الإرهابية، وما دور التأمين والتعويض في تعويض هؤلاء الضحايا؟ وما مفهوم التعويض عن الجرائم الإرهابية وقواعد تقديره، ونطاقه وكيفية المطالبة به؟ ما دور صناديق الضمان في تعويض ضحايا الإرهاب ومصادر تمويلها؟

واعتمدت في ذلك على المنهج المقارن بين التشريعات الدولية والوطنية التي أعدت لمكافحة الإرهاب وتعويض ضحاياه وموقف الشريعة الإسلامية منها.

وذلك من خلال الأدوات الأكاديمية المتمثلة في الكتب العلمية المتخصصة والرسائل العلمية والدوريات والندوات والمؤتمرات العلمية والقوانين المتصلة بالموضوع.

ولكن لا يفوتنا أن ننوه إلى أن أهم مشكلات البحث تكمن في عدم الاتفاق على تعريف موحد جامع مانع للإرهاب حتى الأن في كل التشريعات الوطنية وأغلب التشريعات الدولية لاختلاف مصالح كل دولة، ولا شك أن  أعمال الإرهاب ذات طبيعة خاصة غالبا ما ينجم عنها أضرار جسدية ومالية ونفسية ولم يتم الاتفاق على تعويض كل الأضرار المادية والأدبية الناجمة عنها، لصعوبة تنفيذ ذلك من الناحية العملية خاصة في الدول النامية والفقيرة ، كما أن من مشكلات الدراسة وجود متضرر لا يستطيع أن يحصل على  حقه في التعويض ، حيث أن الرجوع على مرتكب العمل الإرهابي أمر بالغ الصعوبة، لأنه إما أن يكون قد قتل في الحادث الإرهابي أو هرب أو قبض عليه ولكنه معسرا، ونظرا لانتشار الأعمال الإرهابية في الوقت الراهن كان علينا البحث عن حلول لحسم الخلاف الدائر حول مدى مسئولية الدولة عن تعويض ضحايا الأعمال الإرهابية للوصول إلى وسيلة قانونية لحماية هؤلاء الضحايا وكيفية تقرير مسئولية الدولة عن تعويض ضحايا الأعمال الإرهابية.

ومن خلال اعداد هذه الرسالة وتجولها في طياتها وبين سطورها وبعد بذل العديد من الجهود فقد توصلت إلى عدد من النتائج كما أنه تبين لي بعض الأمور والقناعات التي سنطرحها على صورة توصيات:

أولا: النتائج:

1-     أن الأعمال الإرهابية ظاهرة لها جذور تاريخية وقعت في أزمنة مختلفة من التاريخ الإنساني المتشابك، أيضا على الرغم من تعدد التعريفات التي وضعت للجريمة الإرهابية إلا أنه لا يوجد تعريف مجمع عليه فقها وقانونا وقضاء. وترجع الصعوبات التي تكتنف مصطلح الأعمال الإرهابية إلى عدة أسباب.

أ‌-      إن مصطلح الإرهاب ليس له محتوى قانوني متفق عليه، حيث أن معانيه تتغير وتتطور مع مرور السنوات، واختلاط الأمر فيما يتعلق بالتفرقة بين الجماعات الإرهابية وغيرها من الجماعات الأخرى، مثل المنظمات التي تقوم على تحرير جزء من أرضها أو التي ترى الانفصال عن الدولة الأم بجزء من الإقليم.

ب‌-    إن مصطلح الأعمال الإرهابية متشعب ومتعدد الأهداف والدوافع التي تؤدي إلى ارتكاب هذه الأعمال الإرهابية.

2-     إن التطرف والإرهاب بشتى صوره لا يدعو إليه أي دين سماوي (الإسلام - المسيحية - اليهودية) لأنها جميعا منزلة من عند الله عزوجل لأمن وخير البشرية، كما أن مفهوم الإرهاب (الحرابة) في الإسلام واضح ولا خلاف فيه، حيث إنه يعني الخروج لأخذ مال المسلمين على سبيل المغالبة، وإن أدى ذلك لقطع الطريق، أو أخذ المال، أو قتل إنسان، وواجهت الشريعة الإسلامية الجرائم الإرهابية، عن طريق توقيع أشد العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم لما في أفعالهم محاربة لله سبحانه وتعالى وإفساد في الأرض.

3-     أغلب قوانين مكافحة الإرهاب في العالم تأتي كرد فعل على العمليات الإرهابية، إلا أن بعض دول العالم الديمقراطية نجحت في مواجهة الإرهاب تشريعيا وأمنيا داخل حدودها مثل فرنسا، والمانيا، وبريطانيا، وإيطاليا وأخيرا مصر، وإن كان التعاون الدولي الإقليمي والعالمي في هذا الصدد لا زال قاصرا، وغير كافيا بسبب اختلاف المصالح الدولية.

4-     أكدت الدراسة أن مصطلح الضحية هو أعم وأشمل من مصطلح المجني عليه أو المضرور حيث إنه يشملهما معا، ولهذا كان اختيار الباحث لمصطلح الضحية للدلالة على الوصفين السابقين، وأن العديد من المواثيق على المستوي الدولي والإقليمي كان لها الفضل في توفير ضمان وحماية لحقوق ضحايا الجريمة بصفة عامة.

5-     عدم كفاية القواعد العامة للمسئولية والتأمين بشأن تعويض أضرار الإرهاب نظرا للصعوبات والتعقيدات الإجرائية التي تشوب نظم التعويض التقليدية سواء كان الرجوع على مرتكبي الأعمال الإرهابية -وذلك لأنهم نادرا ما يكونوا معلومي الهوية، وفي الأحوال النادرة التي يتم فيها القبض عليهم فإنهم غالبا ما يكونوا معسرين لا مال لهم، ومن ثم غير قادرين على أداء التعويض للضحية.

6-     أثبتت الدراسة أن التأمين ضد حوادث الإرهاب لم يمنح المضرور من هذه الجرائم حماية فعالة وكافية، ذلك أن التأمين ضد هذه الحوادث نظرا لارتفاع أقساط التأمين عن حالة التأمين على الأموال الموجودة في الاماكن ذات المخاطر العالية، مما يؤدي إلى إحجام الكثيرين عن إبرام عقود التأمين لتغطية الأضرار الناشئة عن الإرهاب، كما أن شركات التأمين تلجأ إلى الابتعاد عن التأمين ضد هذه المخاطر في المجتمعات التي يرتفع فيها عدد جرائم الإرهاب.

7-     بينت الدراسة الاتجاهات الفقهية المؤيدة والمعارضة التي تناولت مدي التزام الدولة عن تعويض ضحايا الجريمة وحجج كل اتجاه، وتأييد الباحث للاتجاه المؤيد لالتزام الدولة عن تعويض ضحايا الجريمة.

8-     بينت الدراسة أنه أمام الاتجاه الرافض إلى قيام مسئولية الدولة قانونا عن تعويض الأضرار الناجمة عن الجرائم بصفة عامة والإرهابية بصفة خاصة، ظهر اتجاه يرى أساسا جديدا لهذه المسئولية لتعويض ضحايا الإرهاب وهو الأساس الاجتماعي القائم على التضامن بين أفراد ومؤسسات المجتمع لتعويض ضحايا الإرهاب، وهو ما يجد صداه في الشريعة الإسلامية المتمثل في الدية المقدمة من بيت المال لأولياء الدم في حالة عدم معرفة مرتكب الجريمة أو إعساره هو وعائلته تأسيسا لمبدأ اسلامي هو " لا يطل دم في الإسلام".





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق