تقرير : عبد المنعم السلموني
بدأت طبول الحرب الأهلية تدق في إثيوبيا، على خلفية أزمة إقليم تيجراي، حيث تسبب الصراع الذي اندلع منذ نوفمبر 2020، في أضرار جسيمة انعكست على حياة الإنسان والاقتصاد والنسيج الاجتماعي للدولة.
أبي أحمد يجند أبناء القبائل.. بلا خبرة عسكرية .. بعــد أن دمــر القتـــال قواتــه الفيدراليــــة .. !!
رئيس الوزراء يقدم "مقاتليه" وقودًا للمدافع .. وخسائر هائلة ما لم ينسحبوا أو يستسلموا ..!!
بعض العرقيات ترفض مطالب "أحمد" قائلة:
ليست حربنا .. لا ناقة لنا فيها ولا جمل..!!
"التيجراي" عبروا حدود عفار .. ويتجهون للسيطرة على خط السكة الحديد المؤدي للميناء في جيبوتي..!!
تحذيرات من مذابح عرقية لا تقل وحشية عما شهدته رواندا
وفي أعقاب إعلان الحكومة قبل أسبوعين وقف إطلاق النار من جانب واحد، أعلنت جبهة تحرير شعب تيجراي انتصارها على قوات أبي أحمد.
لم يكد يمر أسبوعان من الهدوء النسبي، حتى ظهر في الأفق شبح جولة أخرى من الحرب. وتؤكد جبهة تحرير شعب تيجراي أنها عازمة على "تحرير" أبناء الإقليم من "احتلال" الأمهرة والقوات الفيدرالية. ومن جانبها، أعلنت الحكومة أيضًا أنها ستهزم قوات تيجراي مرة واحدة وإلى الأبد.
ويشير تقرير لموقع كونفرسيشن إلى أن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي تحظى بدعم المجتمع الدولي. لكن الواضح بالفعل –من كيفية قيام كلا الجانبين بإعادة تجميع أنفسهم –أن الموجة الثانية من الحرب ستفتح فصلًا آخر، ربما أكثر دموية وتدميراً، في هذه الملحمة المأسوية.
تقوم الحكومة الفيدرالية بحشد القوات الخاصة والميليشيات من عدد من مناطق إثيوبيا لدعم عملياتها العسكرية في تيجراي، مما يشير إلى اتساع أمد ورقعة الصراع.
وتقاتل القوات النظامية التابعة لمنطقة أمهرة –وهي منطقة كبيرة متاخمة لجنوب تيجراي –إلى جانب القوات الفيدرالية منذ أن شن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد الهجوم العسكري على تيجراي في نوفمبر الماضي.
ولكن ينضم الآن مقاتلون نظاميون وغير نظاميين من ست مناطق لم تشارك سابقًا في النزاع، بما في ذلك أوروميا، المنطقة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في إثيوبيا، وكذلك سيداما والصومال والأمم الجنوبية من مختلف العرقيات والقبائل.
ولبيان مدى التفاوت والاختلاف بين عرقيات المجتمع، يجدر بالذكر أن عدد سكان إثيوبيا يبلغ حوالي 110 ملايين نسمة، وتضم البلاد أكثر من 80 مجموعة عرقية متميزة. ولديها نظام فيدرالي، يتكون من 10 ولايات إقليمية (وإدارتين لمدينتين). وهذه الولايات تعتمد إلى حد كبير على العرقيات. ولكل منها قواتها الخاصة، بالإضافة إلى مجموعات الميليشيات المحلية التي غالبًا ما تتكون من مزارعين يشبهون وحدات حراسة المنازل.
ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن مدير منطقة جوجام الغربية في أمهرة، سيمينهي أياليو، قوله: "لقد أرسلنا أكثر من 2000 من رجال الميليشيات إلى الجبهة".
لكن تلك الميليشيات لا تتمتع بخبرة قتالية كافية. والسؤال هو: كم من هؤلاء المقاتلين الإقليميين لديهم خبرة عسكرية؟
نقل موقع دويتش فيل عن كجنتيل ترونفول Kjetil Tronvoll ، أستاذ دراسات السلام والصراع في كلية بيوركنيس الجامعية في النرويج قوله: "تلقت الميليشيات الإقليمية رشاشات كلاشينكوف وربما بعض التدريبات البدائية للغاية. لكن تم استدعاؤها لأن الحرب دمرت القوات الفيدرالية".
وقال ترونفول: المأساة هي أن هذه الميليشيات قد يُنظر إليها أساسًا على أنها وقود للمدافع ويمكن أن نتوقع معدلات إصابة عالية جدًا إذا لم ينشقوا أو يستسلموا بأعداد كبيرة".
ودعا أبي أحمد إلى دعم عسكري إقليمي من العرقيات المختلفة بعد أن استعاد الحزب الحاكم السابق لتيجراي، "حزب جبهة التحرير الشعبية" بزعامة تيجراي، السيطرة على العاصمة الإقليمية ميكيلي، وأطاح بقوات الدفاع الوطني الإثيوبية الشهر الماضي.
وتأتي هذه التحركات وسط تقارير عن قيام قوات تيجراي بالتوغل في مناطق من تيجراي تحتلها أمهرة، وكذلك في منطقة عفار التي تقع على حدود تيجراي من الشرق.
وقال أحمد كولويتا المتحدث باسم عفار لوكالة رويترز للأنباء إن مقاتلين من تيجراي عبروا الحدود إلى عفار يوم السبت الماضي.
ويرى المحلل الأثيوبى يوهانس ولد مريم المقيم بالولايات المتحدة، في تصريحات لـموقع دويتش فيل DW،إن عفار "استراتيجية للغاية لأن الطريق والسكك الحديدية التى تربط العاصمة أديس أبابا بجيبوتى تمر من هناك.
وقال ولد مريم: "لذلك إذا تمكنت جبهة تحرير شعب التحرير الشعبي من قطع السكك الحديدية، فلن تتمكن الحكومة المركزية من الوصول إلى الميناء".
ويقول البروفيسور ترونفول إن بعض المناطق أجرت مناقشات داخلية ساخنة حول ما إذا كان ينبغي عليها الاستجابة لدعوة أبي للتوجه إلى تيجراي.
ويبدو أن أبي أحمد لا يسيطر بالدرجة الكافية على الأقاليم، حيث يقول ترونفول: "حجة العريات المحلية هي: " لا نريد أن ننجر إلى هذه الحرب. ليس لنا فيها ناقة ولا جمل".
وقال إن الصراع ينظر إليه في الغالب داخل إثيوبيا على أنه حرب بين الأمهرة وتيجراي.
يضاف إلى هذا المزيج قوات من إريتريا، جارة إثيوبيا في الشمال، والتي دخلت الصراع لدعم حكومة أبي.
ومنذ انسحاب القوات الإثيوبية من تيجراي، أصبحت المنطقة مرة أخرى في حالة انقطاع تام للاتصالات، مع قطع الهاتف والإنترنت، مثلما حدث في بداية الصراع.
وفرضت الحكومة قيودًا صارمة على الصحفيين الذين يقومون بتغطية أخبار تيجراي. وهددت هيئة الإذاعة الإثيوبية (EBA) مؤخرًا وسائل الإعلام الدولية بـاتخاذ "إجراءات" ضدها إذا أشارت إلى "قوة دفاع تيجراي (TDF)" التي أعلنت عن نفسها بنفسها.
وقال المحلل الإثيوبي ولد مريم، في إشارة إلى الإبادة الجماعية في رواندا التي قتل فيها 800 ألف شخص: "إن الأوضاع الحالية تبدو كوصفة لشيء كارثي حقًا ... قد يجعل مذابح رواندا تبدو صغيرة جدًا. وهذا هو ما أخشاه".
وأشار راديو فرنسا الدولي إلى أن أبي أحمد استخدم، في تغريدة على تويتر يوم الأحد الماضي، كلمات مثل "الأعشاب" و "السرطان" و "المرض"، للإشارة إلى الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، الأمر الذي يجعل من الضروري اجتثاث الجبهة وأنصارها من المجتمع وهو ما قد يترتب عليه ارتكاب قواته جرائم إبادة جماعية على غرار ما حدث في رواندا!!
اترك تعليق