مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

بين الرفيق والأمير 2

بقلم: ابراهيم بركات


مرت أيام الدورة سريعا وبحكم الدراسة في جامعة القاهرة اقتربت أكثر من الرفيق ، فكنت أحرص على حضور الإجتماعات واللقاءات والأنشطة التي يقوم بها التنظيم .

أصبحت عضوا في فريق التمثيل بالكلية فأغلب الرفقاء في الأنشطة الثقافية بالكلية ، و على أن أكون زائرا لسور الأزبكية وتثقيف نفسي ، فالقراءة والإطلاع مهمان فيجب أن نكون وسط الطلاب ، خصوصا لمجابهة التيار الإسلامي الذي كان يدعمه السادات بقوة ، فقد بدأت الفتيات يرتدين الحجاب بل والنقاب ، واعتزلتنا بعض الطالبات فالاختلاط حرام ، وبدأت المدرجات تنقسم جزء للبنين والآخر للبنات ، وأصبحت الاحتكاكات شبه يومية بيننا وبين هذا الشباب الملتحي ، كان علينا كفصيل تقدمي الفوز بانتخابات الاتحادات الطلابية ولكن السادات سعى لتغيير للائحة إتحاد  الطلاب ، وأصبح لكل نشاط رائد فلم يصبح إتحاد طلاب ، بل اتحاد أعضاء هيئة التدريس،  فالأنشطة لن نستطيع القيام بها إلا بعد موافقة الرائد أو مسئول النشاط ، وكنت الصدمة الأولى أن وجدنا بعضا من أعضاء هيئة التدريس التقدمين قد انضموا إلى قوائم هؤلاء الرواد أو  الأمن كما كنا نسميها ، 

دعانا الرفيق إلى اجتماع طاريء وعاجل فكان علينا الاستعداد لمهرجان المسرح الصغير ، وبدأت مضايقات مسئولي رعاية الشباب بالكلية بتقليل الميزانية فقررنا أن نقتطع من مصروفنا الشهري كي نوفر الديكور ، وبدأنا بروفات مسرحية لفرننادو أرابال من مسرح العبث ، وكان يخرجها الرفيق عز الفيومي يكبرنا بسنتين ، وكنا نقوم بعمل البروفات بالاسطبل في ملحق قسم الجغرافيا أمام مصلحة المساحة ، بعد أن ضيق علينا المشرفون في المبنى الرئيسي ، وكان الرفيق عز صعلوكا بمعنى الكلمة يرتدي نظارة سميكة وبلوفر به من الثقوب والرتق الكثير ، وكنا نشرب الشاي على النوتة من البوفيه الذي يديره عامل طيب بلدياته ، أصبح الرفيق عز تقريبا هو المسئول عني والمجموعة بالكلية ، وعلى الرغم من ضيق ذات اليد كنا نذهب إلى منزل أحد الرفقاء بعد البروفات وفي الغالب كان الرفيق امين التثقيف يحضر معنا فهو لا تفوته هذه الجلسات وخصوصا إذا كانت تضم بعض الرفيقات ، و على تصاعد دخان سجائر الحشيش وكؤوس أنواع رديئة من الكحول ، وفي أحد الأيام كان الرفيق يتحدث عن ماو وكيف أنه بدأ ينحرف عن اللينينية الاستالينية ، وأنه بدأ يأخذ الحزب الشيوعي بعيدا عن افكار الرفيق استالين ورغم ذلك يقدم له استالين كل المساعدات الممكنة ، ولم يخف حنقه على ماو لأنه بالثورة الثقافية بدأ يعتقل بعض الرفقاء ، وكان في الجلسة من يؤيد ماو ويرى أنه يبعث روحا جديدة في أفكار ماركس ولينين ، فهو يحاول أن يجعل الماركسية مناسبة للمجتمع الصيني،  فبعد أن كان يعتمد على العمال فقط ، تحول إلى الفلاحين وجعل مشاركتهم أكبر في الحزب ، واحتد النقاش وكاد الأمر مع كؤوس الكحول يتحول إلى معركة ، لولا تدخل صاحب المكان لتهدئة  خشية تذمر الجيران ، وأصبحت البروفات بالاسطبل هي لقاءنا اليومي الذي نلتف حوله أكثر من حرصنا على المحاضرات ، وفجاءة دخلت الرفيقة عبلة كامل إلى الاسطبل ثائرة وتطلب توقف النشاط فقد قرر  التنظيم عدم مشاركتنا في المهرجان لأن إدارة الكلية اتخذت قررا بوقف الرفيق ياسر علي ماهر عن النشاط ، نزل الخبر علينا كالصاعقة.

 طوال الوقت نردد كلمات الرفيق حول التقدمية والحرية الشخصية ، ووجودية سارتر وسيمون دي بفوار ، وانتصارات جيفارا وكيف أن الخيانة انهت حياة مناضل نبيل ، وكم يدمر الدهماء جهود محرريهم ، فكيف وشي به أحد الرعاة لأن رصاصة المناضلين كانت تفزع اغنامه ، وزاد الأمر سوءا رصد مكافأة من قبل الحكومة الأمريكية،  صرخ الرفيق  لعنة الله على هؤلاء الجهلة ، فليحرق كل من في المدينة ، فالإمبريالية العالمية لن تتركنا كتقدمين ، وها هو السادات يغلق الدائرة ، وفي وسط هذا الجو المشحون دخلت رفيقة كانت منذ وجودنا في الدورة هي القريبة من الرفيق أمين التثقيف وانتحت به جانبا ، وإذا بصوته يعلو ، إنه لم يكن قراري وحدي ، لقد شاركتني الأمر ، لم اغصبك على شيء ، انفجرت باكية وتركت المكان ، أما هو فقد امسك بكأسه مبتسما غريب أمر الفتاة الشرقية ترفض أن تكون صاحبة قرار فقد التقينا بكامل إرادتنا،  ثم تأتي الآن لتتحدث عن أفكار تقليدية عقيمة حول البكارة والناس ، ليست هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الأمر،  ليس كل الفتيان تقدميات بما يكفي ، لا تشغل بالك ستعود حتما و قد تفهمت الموقف وستتعايش مع الأمر الواقع ..... ههها إنها الواقعية   الحتمية إذن ، دعنا الآن نرى كيف ندير معركة الانتخابات مع تلك الإمبريالية العفنة .

يتبع.....





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق