هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

ما رأي الإسلام في الأغذية المعدلة وراثيا وهل يحرم تناول الأطعمة التي تستخدم بها جينات مأخوذة من الخنزير 

تجري إحدى المجلات تحقيقًا صحفيًّا حول الهندسة الوراثية والأغذية المنتجة عن طريقها، بينما تعترض الكنيسة في أوربا على هذا النوع من الإنتاج باعتباره تدخلًا فيما خلق الله من أغذية طبيعية نباتية وحيوانية. وتطلب السائلة رأي الإسلام في هذه الأغذية؛ هل هي حلال أم لا؟ وهل التدخل أمر مقبول على اعتبار أنه سيوفر الغذاء للجميع كما يقولون؟ وهل الأطعمة التي تستخدم بها جينات مأخوذة من الخنزير يحرم تناولها تماما؟ وما هي المحاذير الشرعية لهذا النوع من الغذاء؟ 


اجاب فضيلة الدكتور نصر فريد واصل قائلاً .من المعلوم أن الدين لا يصادم العلم ولا يعارض الحقائق العلمية ولا يضيق على العقل ولا يحجر عليه، بل إن الدين جاء يخاطب العقل ويحترمه: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: 190] أي: أصحاب العقول، ويطلب منه أن يبحث ويستنبط ويكشف ويستخرج ما في الكون من حقائق وعجائب وأسرار.

وفي واقعة السؤال: فإن كل ما يكتشف ويظهر من نتائج البحث العلمي ما دام لا يصادم نصًّا من كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يدخل في دائرة ما حرم الله ورسوله فلا مانع منه شرعًا؛ أخذًا من قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف: 32]، ولا يعد تدخلًا في خلق الله؛ لأن الله خالق الأشياء كلها قديمها وحديثها، وهو الذي وفق العلماء إلى البحث عن الهندسة الوراثية وكشف لهم قدرته الخارقة.

أما بالنسبة للجينات المأخوذة من الخنزير والتي توضع في الأطعمة والأغذية وغيرها: فإن هذه الأطعمة والأغذية تكون محرمةً شرعًا ولا يصح تناولها؛ لأن الخنزير وكل شيء فيه محرم لعينه، فإذا كان لحم الخنزير حرامًا فكل جزء منه حرام من باب أولى، 

وليس هناك محاذير شرعية من استعمال الأغذية المنتجة من الهندسة الوراثية إلا إذا كانت من ضمن المحرمات التي جاء بها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، أو كان في تكوينها شيء محرم، أو كان منهجها يقوم على تغير الصفات الوراثية للنبات والحيوان الذي عليه يقوم غذاء الإنسان تغيرًا يؤدي إلى تضييع معالم أصول كل منهما، ويخل بالتوازن البيئي بين الإنسان والحيوان والنبات والمادة في هذه الحياة بما يؤدي إلى إفساد هذه الحياة، وإفساد الكائنات الحية التي تعيش فيها حسب المنهج الذي خلقه الله بحكمة وإبداع في مجال الصنع والتكوين لصالح الإنسان في كل مراحل حياته البشرية لتحقيق استخلاف الأرض للإنسان -بني آدم- من جميع الأجناس والألوان مع اختلاف العقائد واللسان؛ لأن كل ما في السماوات والأرض وما بينهما مسخر لخدمة الإنسان ومصلحته، فما يحقق هذه الغاية المشروعة فهو مشروع


وهذا كله يدخل في دائرة العلم المباح الذي طلبه الإسلام وجعل تعلمه وتعليمه فرضًا من فرائضه، وهو في النهاية من علم الله وهو قليل من كثير لقوله تعالى: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: 85]، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: 76]، وعلى علماء المسلمين في كل مكان المتخصصين في مثل هذا النوع من العلوم أن يَجِدُّوا ويبحثوا ويبينوا للناس ما إذا كانت الهندسة الوراثية وما ينتج عنها من مواد وأطعمة وأغذية ينطبق عليها قانون التحريم الإلهي من عدمه، وكل ما فيه نفع ومصلحة فهو مباح، وكل ما فيه ضرر فهو محرم؛ لأنهم -أي: أهل الذكر في هذا المجال- هم المسؤولون عنه، والذين عناهم الله تعالى بقوله: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43].  

والله سبحانه وتعالى أعلم. 

_ويمكن للقارئ الاطلاع على المزيد من تفاصيل الفتوى من خلال الموقع الرسمى لدار الافتا المصرية المنشورة بعنوان الأغذية المعدلة وراثيا تحت رقم مسلسل  4909    
 بتاريخ 09/03/1999





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق