حالة من التوتر الشديد يشهده المشهد السياسى فى إسرائيل، بعد الإعلان عن التشكيل الغريب للحكومة الجديدة، التى تنتظر الحصول على ثقة الكنيست.
"بينيت" رئيس الوزراء الإسرائيلى الجديد.. يؤيد الإستيطان وقتل الفلسطينيين
فقد تشكلت الحكومة الإسرائيلية الجديدة من أحزاب اليمين المتشدد والوسط واليسار ولأول مرة بدعم من حزب عربى، وما جمع مكونات هذه الحكومة هو أمر واحد وهو إنهاء حقبة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، بعد قرابة 12 عاما من بقائه في المنصب.
وتتشكل الحكومة من أحزاب اليمين: (يمينا) و(إسرائيل بيتنا) و(أمل جديد)، أما من الوسط فتضم (هناك مستقبل) و(العمل) و(أزرق أبيض) ومن اليسار حزب (ميرتس) وتدعمها جميعا القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس.
وأصبحت القائمة العربية الموحدة أول حزب ينتمي لعرب إسرائيل يشارك في حكومة إسرائيلية. وكانت موافقة منصور عباس حاسمة لتشكيل ائتلاف حكومى يصعد باليمينى المتطرف نفتالي بينيت إلى رئاسة وزراء الدولة العبرية. وكانت لحظة تاريخية عندما وقف عباس مبتسما إلى جوار بينيت، بعد لحظات من الموافقة على توليه رئاسة الوزراء.
ونحى عباس (47 عاما) جانبا خلافاته مع بينيت، رئيس الوزراء المقبل في الحكومة الجديدة والزعيم السابق لتنظيم كبير للمستوطنات اليهودية وأحد المدافعين عن ضم معظم الضفة الغربية المحتلة.
ويواجه عباس انتقادات كثيرة، على إثر هذا التوجه" النفعى"، بالانتماء لحكومة احتلال. ويبرر عباس الذي يعمل طبيب أسنان، إنه يأمل فى تحسين أوضاع المواطنين العرب الذين يشكون من التمييز وإهمال الحكومة لهم. وقال في رسالة إلى أنصاره بعد توقيع اتفاق الائتلاف مع بينيت وزعيم المعارضة يائير لابيد إن فصيله قرر الانضمام للحكومة الإسرائيلية من أجل تغيير توازن القوى السياسية في البلاد.
وقالت القائمة العربية الموحدة إن الاتفاق يقضى بتخصيص أكثر من 53 مليار شيكل (16 مليار دولار) لتحسين البنية التحتية والتصدي لجرائم العنف في المدن العربية. وأضافت أن الاتفاق يتضمن أيضا بنودا لتجميد هدم البيوت التي بنيت دون تراخيص في قرى عربية ومنح بلدات البدو في صحراء النقب، والتي تعتبر معقلا للدعم الإسلامي، وضعا رسميا.
وينتمي عباس لبلدة المغار القريبة من بحيرة طبرية والتي يتألف سكانها من المسلمين والدروز. وحزبه هو الجناح السياسي للفرع الجنوبي من الحركة الإسلامية في إسرائيل التى تأسست فى عام 1971 وترجع أصولها إلى جماعة الإخوان.
ويتنقد الكثيرون النهج النفعى الذى سلكه عباس، ويتساءلون كيف له أن يبرر الانتماء لحكومة احتلال. وقال سامي أبو شحادة عضو القائمة المشتركة، إن حزب عباس غير بشكل جذري مسلكه السياسي التاريخي بالانضمام إلى بينيت وقيادات يمينية أخرى ووصف ذلك بأنه "جريمة كبيرة جدا". وأضاف شحادة أن بينيت كان رئيسا لمجلس "يشاع" الذي يمثل مظلة للمستوطنين وأن عباس اختار الوقوف مع اليمين المتطرف في المستوطنات "ضد مصالح شعبنا".
ويعتمد بينيت خطابا دينيا قوميا متشددا، ويقود حزب "يمينا" المؤيد للاستيطان وضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، كما يدعو إلى سياسة متشددة حيال إيران.
وأحدث بينيت ثورة في السياسة في عام 2012 عندما تولى مسئولية حزب البيت اليهودي اليميني المتشدد، الذي كان يواجه احتمال خسارة كل مقاعده في البرلمان. فنجح في تعزيز حضوره البرلماني بأربعة أضعاف، بعدما أدلى بسلسلة تصريحات نارية حول الصراع مع الفلسطينيين.
في عام 2013، قال بينيت إنه "يجب قتل الإرهابيين الفلسطينيين وليس إطلاق سراحهم". كما قال إن الضفة الغربية ليست تحت الاحتلال، لأنه "لم تكن هناك دولة فلسطينية هنا"، وإن "الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا يمكن حله". كما يعتبر من أشد المعارضين لقيام دولة فلسطينية.
ورغم هذا الفكر اليمينى المتطرف الذى يعتنقه بينيت، لم يتردد منصور عباس فى أن ينتمى لحكومة تحت رئاسة الأول، ولا غرابة فى موقف الثانى، طالما أنه يعتنتق المذهب الإخوانى" النفعى".
لكن هذا التحالف الغريب لا يزال يواجه خطر رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتانياهو، الذى يسابق الوقت في محاولة أخيرة لإحداث تصدع بهذا الائتلاف، يعطيه الأمل من جديد في البقاء بالسلطة.
ووصف نتانياهو الائتلاف الحكومي الذي شكله يائير لابيد مع حزبين من اليسار وحزبين من الوسط وثلاثة أحزاب يمينية بينها حزب "يمينا" اليميني المتطرف والقائمة العربية الموحدة، بأنه سيكون "حكومة يسار خطيرة".
ونظم مناصرون لنتانياهو مؤخرا مظاهرات أمام منازل أعضاء في حزب "يمينا" في إطار ممارسة ضغوط عليهم. وفى المقابل، دعا بينيت رئيس الكنيست إلى تحديد موعدا للتصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة فى أقرب وقت، لقطع الطريق على اية محاولات لإحداث إنشقاق فى الإئتلاف الحكومى الجديد، خاصة قبل "مسيرة أعلام" المقررة غدا الخميس في القدس الشرقية، والتى دعت إليها شخصيات من اليمين المتطرف الإسرائيلى.
ووسط هذا التوتر الحاد بالمشهد السياسي الإسرائيلى، حذر نداف أرغمان رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي "شاباك" من التصعيد الخطير في الخطاب العنيف والتحريضي وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال أرغمان: "هذا الخطاب يمكن فهمه من قبل بعض المجموعات أو الأفراد على أنه تمكين للعنف غير الشرعي الذي يمكن أن يكلف البعض حياتهم، داعيا المسئولين الحكوميين إلى إطلاق دعوة صريحة لوقف هذا الخطاب.
واعتبرت الصحف الإسرائيلية بيان رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي بمثابة تحذير لنتانياهو الذي يمارس حاليا ضغوطا لإقناع نواب الكنيست بعدم منح الثقة للائتلاف، الذى يقوده خصمه لابيد.
اترك تعليق