منذ سنة تقريبًا نشرت مقالة بعنوان مرض الاعتياد، وكنت حينها أتحدث عن اعتيادنا على وجود أحباءنا في حياتنا وعلى النعم التي وهبنا الله إياها واعتبرناها مُسلمات، وبسبب اعتيادنا على وجودها في حياتنا لم نبذل أيّ جهد للحفاظ عليها أو حتى الدعاء لها بالاستمرارية، وحتى لو رددنا اللهم إنا نعوذ بك من تحول عافيتك وفجأة نقمتك للأسف نقولها بدون أن تخرج كلماتها من قلوبنا.
ولكن اليوم لن أتحدث على الاعتياد على كل النعم في حياتنا سواء كانوا أشخاص أو حتى نعم مادية ومعنوية؛ لأن ما سأتحدث عنه أخطر بكثير من عدم شكر النعمة والاعتراف بوجودها، وهو ببساطة "التعود على النقمة"، والتعامل معها وكأنها أصبحت جزء لا يتجزأ من حياتنا، وهذا مع الأسف ما نفعله اليوم تجاه جائحة كورونا؛ فاغلبنا مع الأسف أصبح يتعامل مع الوباء بإهمال لدرجة أن ارتداء الكمامة وإتباع الإرشادات الصحية أصبحوا موضة 2020 فقط، وربما صناعة الكحول تراجعت وخسرت 50% من أرباحها مقارنة بالعام الماضي.
من أكثر المقولات الأمريكية التي أرددها دومًا
If you give a mouse a cookie, he's going to ask for a glass of milk
وتعني إذا أعطيت الفأر قطعة بسكويت سوف يطلب منك كوب لبن، وتلك المقولة تعني ألا تقدم تنازلات لشخص لا يقتنع بإحسانك ويطمع بالمزيد، أعتقد أنكم تتساءلون ما علاقة تلك المقولة بموضوع المقالة؟؟ العلاقة هو ما فعلته منذ بداية رمضان وهو بحثي عن المساجد التي فتحت مصلى السيدات، وبالفعل المسجد بجوار منزلي فتح المصلى بداية من فجر أول جمعة في رمضان، ومنذ ذلك الحين وأنا ألتزم بالتعليمات أثناء ذهابي لصلاة الفجر كل يوم، ولكن وعلى الرغم من عدم ذهابي لصلاة التراويح إلا أني سألت صديقتي في الجامع عن صلاة التهجد، وحينها أخبرتني: "يا هبه أدعي أن يسمحوا لنا بأداء الصلوات لحين انتهاء رمضان؛ لأن الأعداد لا تبشر بالخير أبدًا"، وفي تلك اللحظة تذكرت المقولة الأمريكية وطبقتها على نفسي.
وهنا أوجه سؤالي لقرائي الأعزاء هل نحن حقًا لا نشعر أن ربنا الحافظ أكرمنا وأخرجنا من 2020 بأقل الخسائر؟؟ أم أننا ببساطة أصبحنا لا نقدر قيمة النعمة واعتدنا على التعامل مع هذا الوباء وكأنه لن يمس الفراعنة بسوء، أعتقد أن الثقة الزائدة هي أساس كل فشل، وأدعو الله آلا يعذبنا بذنوبنا وآلا يتركنا ضحية لإهمالنا؛ لأن في تلك اللحظة لن ينقذنا سوى الأخذ بالأسباب والدعاء لله بأن يحفظ مصر وأهلها كما حفظها دائمًا، وأن نتخلى عن قناعة أننا نملك حصانة أو درع فولاذي.
بقلم - هبه مرجان:
اترك تعليق