نقلة حضارية وإعادة الهوية التاريخية وتحويل المنطقة لمقصد سياحي عالمي.. هذا هو التوصيف الأمثل لما يتم علي أرض الواقع في منطقة عين الصيرة بالقاهرة التاريخية. 
المنطقة العريقة التي تحول اسمها إلي "عين الحياة" بدلاً من عين الصيرة تشهد خلال الفترة الحالية أعمالاً علي قدم وساق لتحويلها من منطقة عانت من الاهمال وتألمت من العشوائية وسيطرت علي طرقها وتضاريسها ملامح القبح الي قطعة من الجنة. 

فمثلا البحيرة التي تبلغ مساحتها 28 الف فدان التي  كانت خلال السنوات الماضية  مأوي للحشرات ومدفناً للنفايات ومصباً لمياه الصرف الصحي تنتشر علي ضفتيها غابات البوص وأكوام القمامة ويكسو مائها لون داكن  ورائحة كريهة تم تطهير مياهها وتدبيشها لتصبح بحيرة صافية المياه ذات لون سماوي جذاب يسر الناظرين. 

أما المنطقة المحيطة بالبحيرة. فستتزين وتزدان بمرسي للقوارب ومسرح مكشوف ونافورة مياه راقصة. كما سيتم إنشاء ممشي سياحي بكامل محيط البحيرة.
تطوير المنطقة يأتي في اطار توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بإعادة الرونق للقاهرة التاريخية وتطوير منطقة الفسطاط لإعادتها مرة أخري كمنطقة جذب سياحي وإعادة الواجهة الحضارية للمنطقة.

"الجمهورية أون لاين" قامت بجولة في المنطقة وتحدثت مع مسئولي التطوير بالمنطة الذين أكدوا أن العمل لا يتوقف طوال ساعات النهار والليل للانتهاء من المشروع العملاق.. مشيرين إلي أن المشروع بدأ العمل فيه منذ شهور ومن المنتظر أن ينتهي بشكل كامل مع نهاية العام الجاري 2021.

 
يقول المهندس محمد اسماعيل مدير مشروع تطوير عين الحياة: في البداية أحب أن أوضح أن المنطقة بأكملها سيتحول اسمها من عين الصيرة إلي عين الحياة.. مشيرا إلي أن البحيرة يقع شكلها علي شكل أشبه بالهلال ويطل عليها الكثير من المناطق ومنها عزبة خير الله ومباني الخيالة وغيرها. 

أضاف أن المنشآت التي تتم اقامتها بمشروع عين الحياة هي مشروعات خدمية في المقام الاول مثل الملاعب الرياضية والمطاعم ومول تجاري ضخم وقاعات افراح ومنتزهات وحدائق ومسطحات خضراء "لاندسكيب" وإنشاء ممشي سياحي بطول البحيرة ومسرح مكشوف يطل عليها وساحات انتظار سيارات.. وقبل كل ذلك مسجد كبير  للمترددين علي المنطقة.  

المهندس محمود فكري استشاري المشروع قال: المنطقة قبل أن نبدأ العمل فيها منذ شهور كانت عبارة عن مساحات كبيرة من العشوائيات ومقلب قمامة. خصوصا علي أطراف البحيرة وكانت مصدر تلوث بيئي وتشكل خطورة علي المحيطين بها كونها بؤرة للاوبئة والامراض والحيوانات الضالة.. مشيرا إلي أن العمل في المشروع بدأ منذ شهور ومن المقرر أن ينتهي نهاية العام الجاري. 

عمرو رضوان مقاول بإحدي الشركات قال إن تنفيذ مشروع التطوير يأتي في اطار مخطط تنفذه الدولة لإعادة  القاهرة التاريخية كموقع تراث عالمي بدلاً من الاهمال الذي الذي سيطر عليها منذ سنوات طويلة.. مشيرا إلي أن تطوير منطقة عين الصيرة يأتي كجزء ضمن مخطط تطوير منطقة الفسطاط باكملها التي تضم متحف الحضارات ومجمع الأديان وسور مجري العيون والعديد من المعالم التاريخية.

أعرب أهالي المنطقة انهم معپتطوير المنطقة وتجميلها وإزالة العشوائيات. خصوصا أن المناطق التي تقع في محيط البحيرة تعاني الاهمال وتدني المرافق والخدمات بدرجة كبيرة.. فضلا عن تدني مستوي النظافة وضيق الشوارع وعدم آدمية المنطقة بوجه عام وضربوا مثلا بمنطقة بطن البقرة التي كان ينتشر بها من الاكشاك غير الآدمية.

طالبوا الحكومة بأن يتم تخيير المتضررين الذين تعرضوا لإزالة منازلهم ما بين أمرين.. الأول تعويضهم ماديا. والامر الثاني شقق بديلة في أماكن قريبة من عين الصيرة. خاصة أن البعض منهم مرتبط بأعمال قريبة من المنطقة.

محمد عبدالله من اهالي المنطقة: نحن مع تطوير المنطقة.. فمن غير المعقول أن يعترض أحد علي تحويل المنطقة التي عانت الاهمال لعشرات السنوات. خصوصا أن معظم المنازل عشوائية قام الاهالي ببنائها منذ فترة زمنية طويلة. وصراحة الكثير منها حالته صعبة. ناهيك عن ضيق الشوارع.. وعموما نحن نضع أيدينا علي قلوبنا إذا وقع لا قدر الله أي مكروه أو حريق في هذه المنطقة التي من الممكن أن تتحول إلي قطعة من الجحيم لصعوبة وصول عربات الاطفاء اليها.

خلف عبد الحافظ بالمعاش: معظم اهالي المناطق المحيطة ببحيرة عين الصيرة مثل عزبة خير الله وبطن البقر وغيرها يريدونپمخاطبة المسئولين عن الدولة لتوصيل مطالبهم. فمثلاً أنا لا أريد شقة بديلة وانما أريد تعويضا ماديا. خاصة انني أرغب في العودة لبلدي في الصعيد والاستفادة من المقابل المادي لشراء شقة هناك.

يشاركه الرأي محمد أحمد عبداللهپمن اهالي منطقة عين الصيرة. يقول: أملك منزلاً أقيم فيه ويضم عدداً من المحلات التجارية التي أقوم بتأجيرها. علما بأنني رجل مسن ومريض وأنا لست ضدپالتطويرپولكن يجب أن يتم تعويضي عن المحلات التجارية مصدر رزقي الوحيد.

عبدالله علي عبد المعبود: المنطقة فعلا في حاجة للتطوير. خاصة أن معظم المناطق عشوائية ورغم أن معظمها مبني بالطوب والاسمنت وليس اكشاك إلا انها غير آدمية. وبصراحة المنطقة بأكملها في حاجة للتطوير والتحديث.. مشيرا إلي أن بعض المنازل تعاني ارتفاع منسوب مياه البحيرة ويفضلون النقل لمكان آخر بشرط ان يكون قريبا من مقرات عملنا.

جمال قرني عامل ومحمد صابر عامل بورشة رخام وسيد سلطان: نتابع أعمالپالتطويرپوالتحديث للمناطق العشوائية في مصر بأكملها. وصراحة المناطق التي تم تطويرها اصبحت في أبهي صورة.. مشيرين إلي أن عين الصيرة تأتي في اطار تطوير العديد من مناطق القاهرة التاريخية ومنها الفسطاط وسور مجري العيون وغيرها. وبصراحة ليس من المنطقي أن تظل بعض العشوائيات في محيط تلك المنطقة التي ستكون جاذبة للسياح حبيسة العشوائية والاهمال.

أيمن حامد وهاني عبد الغني ومحمود فاروق: المنطقة شهدت في الشهور الأخيرة طفرة لا نستطيع أن ننكرها ولكننا في الوقت نفسه نريد ان نجلس مع مسئولي المحافظة للاجابة علي بعض تساؤلاتنا. خصوصا أننا لا نعلم هل سيتم هدم كل المنازل أم بعضها؟ وأين سنقيم؟. وهل فعلا سننتقل الي شقق بالايجار بدلاً من شققنا التي بنيناها؟!

بحيرة كبريتية
تقع بحيرة عين الصيرة جنوب منطقة الفسطاط وهي بحيرة كبريتية اشتهرت في القرن الماضي بقدراتها في المساعدة علي العلاج من الأمراض الجلدية. لكن في السنوات الأخيرة تحولت البحيرة وما يجاورها إلي منطقة عشوائية وبؤرة للتلوث ومرتعاً لغسيل وتنظيف الخيول والبغال وعربات الكارو والمنازل العشوائية والقبور. بل ومصرفاً صحياً لسكان المناطق العشوائية حتي تحولت مياهها الكبريتية إلي مياه ملوثة ممزوجة بمياه الصرف الصحي.

عين الصيرة تحولت من بؤرة تلوث إلي متنزهات وحدائق وبحيرة

Previous Next