كتبت- منيره غلوش
دائماً ما نكتشف أن القضايا المجتمعية الملهم الحقيقى للإبداع والراعى الخفى للفنون وقد كانت محور اهتمام كبار المخرجين وعلى رأسهم رائد الواقعية صلاح أبو سيف الذى لم يكتف برصد ملامح الواقع ومتابعته الدقيقة للسلوكيات اليومية بل كان على وعى بالظواهر المطروحة على الشاشة عن طريق الانتقال من المعانى البسيطة إلى المعانى المركبة بالإضافة لذاكرته المصورة الكبيرة، وهو ما ترجمه فى الكثير من أفلامه مثل "ريا وسكينة"، "الفتوة"، "شباب امرأة"، "بداية ونهاية"، "القاهرة 30"، "الزوجة الثانية"، "السقا مات"، "البداية". _x000D_ _x000D_ ومؤخراً صدر كتاب قيم بعنوان "نغمات على شاطئ الواقعية" عن المجلس الأعلى للثقافة لكاتبته ومؤلفته الدكتورة الفنانة رانيا يحيى الكتاب يحتوى عدد 379 صفحة ،ويستهل بإهداء رقيق أفردته إلى ولديها قالت فيه (إلى من أحيا فؤادى وتفردا فى الهوى ..قرتا عينى ..يحيى ..فريدة) ،ثم يبدأ بمقدمة تتناول فيها نبذة عن القيمة الفنية لهذا المخرج العبقرى ثم تمهيد تستعرض فيها إبداعات مشوار أبو سيف ويرتكز اهتمامها هنا على المؤلفين الموسيقيين الذى تعامل معهم أثناء مسيرته ،كذلك تقص فكرتها فى هذا الكتاب بإيجاز ،وقسمت المؤلفة الكتاب لخمسة أقسام الأول عنوانه صلاح أبو سيف والسينما وتطرقت فيه الكاتبة للحديث عن الموسيقى والسينما منذ البدايات وموسيقى الأفلام فى مصر ،ثم أفردت جزءاً عن أبو سيف ونشأته وبداية عشقه لفن السينما وكيف تحقق له هذا الحلم ،وأهم الشخصيات التى أثرت فى حياته وكذلك آراء بعض النقاد والسينمائيين الذين تعاملوا معه ،نجد بعد ذلك ثلاثة أقسام متتالية تتناول فيها تحليل الأفلام داخل كل مرحلة فى حياة المخرج الكبير ،ومن أهم الأفلام التى قامت بتحليلها فى الكتاب الزوجة الثانية ،الوحش ،بين السماء والأرض ،فجر الإسلام ،البداية ،الصقر ،المنتقم وغيرها حيث وصلت الأفلام لعدد ستة عشر فيلماً مقسمة داخل الثلاث مراحل التاريخ تبعاً للمرحلة الزمنية وعدد الأفلام ،يلى ذلك القسم الأخير فى الكتاب والمعنون المؤلفون الموسيقيون وبصمة أبو سيف وتناولت فيه نبذة تاريخية عن حياة كل من المؤلفين الموسيقيين الذين أبدعوا موسيقى أفلام أبو سيف مثل أندريا رايدر ،جمال سلامة ،ياسر عبد الرحمن ،على إسماعيل ،عمار الشريعى ،وصاحب أكبر عدد لموسيقى أفلامه العبقرى فؤاد الظاهرى ،كما تحدثت عن الخصائص الأسلوبية للمؤلفين ،وكيف أثر أبو سيف على شكل موسيقى أفلامه ،وفى ختام الكتاب فيلموجرافيا لأفلام صلاح أبو سيف ثم ملحق صور ويتبعها المراجع والكاتب فى سطور._x000D_ _x000D_ وتقول د. رانيا يحيى مؤلفة الكتاب إن واقعية صلاح أبو سيف سهلة من حيث الطرح والتناول للفكرة التى نعيشها وتغلف جزء من حياتنا اليومية ،لكنها كانت تحمل بين طياتها فلسفة كامنة لرؤية بعيدة المدى لعقل واع وبصيرة محكمة وبالتالى استطاع بهذا الأسلوب المتميز بما يمتلكه من بساطة أن يستقطب الجماهير فى العالم العربى كله ،مهما كانت انتماءاته وثقافاته حيث اجتمع الغالب الأعم على عبقرية صلاح أبو سيف فى السينما المصرية ،لما فيها من عمق محتوى وقضايا تمس الجميع تناولها بكل العناصر المكونة لعمله السينمائى وبمفاهيمه الواعية المستقرئة للأحداث ،ولهذا نجد عدد كبير من أفلامه يندرج ضمن أفضل مائة فيلم فى السينما المصرية بالنسبة للنقاد والجمهور .. فعالم صلاح أبو سيف سيطر عليه الجرأة والحرية داخل حدود الفن وليست الحرية المطلقة بادعاء الواقعية كما هو الآن لدى البعض ،فهو خير مثال لتطبيق المدرسة الواقعية بمرجعيتها داخل إطار الفن الراقى بفلسفة هذا المخرج المبدع الذى استطاع أن يحقق هذا النجاح لأفلام مر عليها قرابة السبعة عقود، لكنها تظل من كلاسيكيات السينما العربية بكل ما فيها من أفكار متطورة وعدسة واعية بداخله سلطت الأضواء وكشفت عن الخبايا المجتمعية خلال رحلة عطائه بسعة أفقه لطرح مشكلات الناس وهمومهم ،وفى هذا الوقت قالت السينما ما لم يستطع شخص أن يصرح به آنذاك فكانت هى المعول الأساسى لعرض مثل هذه الأطروحات. _x000D_ _x000D_ ويعتبر هذا الكتاب إضافة جديدة للمكتبة المصرية والعربية حيث يتطرق لجانب مهم لم يتناوله النقاد من قبل وهو موسيقى الأفلام ،ولرانيا عدد من الكتب والمقالات التى كان لها السبق والريادة فى كتابتها بأسلوب علمى منهجى دقيقى ويحمل مفهوم الجماليات الفلسفية التى تنطوى عليها علاقة الموسيقى بالصورة._x000D_ _x000D_ يذكر أن رانيا عضو المجلس القومى للمرأة وعضو المجلس الأعلى للثقافة بالإضافة لأنها أستاذ بالمعهد العالى للنقد الفنى بأكاديمية الفنون وعازفة الفلوت الشهيرة ولها إسهامات فنية وثقافية متعددة._x000D_ _x000D_ _x000D_ _x000D_