شهدت السنوات الماضية اهتمامًا متزايدًا بمراحل الطفولة فى كافة المستويات وفى شتى المجالات ،ففى مراحل الطفولة تنمو قدرات الطفل وتتفتح مواهبه ويكون قابلا للتوجيه والتشكيل، وأشارت نتائج عديد من البحوث النفسية إلى خطورة تلك المرحلة من مراحل النمو الإنساني وأهميتها فى بناء وتكوين الشخصية وتحديد اتجاهات الأفراد، ويعانى بعض من أفراد المجتمع مشكلات تعليمية ونفسية وهو ما يوجب علينا بحث مشكلاتهم وهى ما تفيد فى التغلب عليها وتناولها بشكل صحيح، وهو ما أوجد أهمية كبرى لمجال صعوبات التعلم فى الوقت الحاضر.
كما تشهد الساحة العلمية اهتماماً كبيراً بمجال صعوبات التعلم ويرجع هذا الاهتمام العالمي إلى الاتجاهات الحالية للاهتمام بذوي الاحيتاجات الخاصة وضرورة دمجهم في الحياة الاجتماعية وتقديم كافة البرامج الضرورية التي تستهدف تنمية قدراتهم لمساعدتهم على اكتساب مهارات جديدة تمكنهم من التكيف مع المجتمع، كما يرجع الاهتمام إلى ما تمثله صعوبات التعلم من أعباء شديدة ومشكلات قاسية تظهر على الأطفال بحيث تمثل ضغطًا كبيرًا على عاتق الأطفال إذا لم يتم علاجها وقد تمتد لتشمل جميع جوانب شخصية الأطفال الذين يعانون منها.
وفى هذا الإطار خرجت للنور دراسية مصرية الأولى من نوعها تستهدف ذوى الاحيتاجات الخاصة، وعلاقة ذكائهم الموسيقى بدافعيتهم للإنجاز بعنوان " الذكاء الموسيقي وعلاقته بكل من دافعية الإنجاز ومفهوم الذات لدى أطفال صعوبات التعلم"، للباحثة داليا أحمد حلمى أحمد، ضمن حصولها على درجة الماجستير في التربية بكلية رياض الاطفال فى العلوم النفسية من جامعة القاهرة.
وتقول الباحثة داليا حلمى إن الاهتمام بذوى الاحيتاجات الخاصة ضرورى لدمجهم في الحياة الاجتماعية وتقديم كافة البرامج الضرورية التي تستهدف تنمية قدراتهم لمساعدتهم على اكتساب مهارات جديدة تمكنهم من التكيف مع المجتمع.
المتغيرات النفسية
وتشير الباحثة أن البحوث التربوية فى السنوات اهتمت بالتركيز على المتغيرات النفسية المرتبطة بالدوافع وبالأخص الدافعية نحو الإنجاز والتى تعد بحق إحدى أهم المدخلات التربوية اللازمة لنجاح العملية التعليمية والتحصيل الدراسي فالدافع للإنجاز سلوك يتولد لدى الفرد بحثا عن التنافس فى مواقف تتضمن مستويات من التفوق، كما يعرف بأنه النضال من أجل السيطرة على التحديات، فيما يعد بحق واحد من الدوافع النفسية التى حظيت باهتمام الباحثين فى مجال التربية وعلم النفس، وتظهر دافعية الإنجاز بين الطلاب فى شكل إنجاز الواجبات المدرسية وتنفيذ مشاريع العمل والإقبال على الأنشطة التي تنمى المهارات والخبرات والرغبة فى المنافسة والتفوق وتحمل المسئولية فيما يشير فائق عن ماكليلاند أن الدافعية للإنجازهو أمر يمكن اكتسابه وتنميتة من خلال البرامج التربوية وهو ما ظهرفى بحوث عديدة.
وفى هذا الإطار يشير أن الدافعية للإنجاز تعد أحد العوامل المؤثرة بشكل مباشر فى مستوى أداء الفرد وإنتاجيته فى مختلف المجالات والأنشطة بشكل عام والمجال التعليمي بشكل خاص، فالدافعية تؤثر بشكل طردي على الثقة بالنفس ، بل تمثل أحد الجوانب الهامة فى نظام الدوافع الإنسانية.
مفهوم الذات
يعد مفهوم الذات أحد المتغيرات النفسية الهامة التى لاقت اهتمامًا كبيرًا من قبل الباحثين وخصوصا فى قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة لما يحتل مفهوم الذات مركزًا مرموقًا فى نظريات الشخصية ويعد أحد العوامل الهامة والمؤثرة فى السلوك، كما ترتبط بجوانب أخرى كقدرات الطفل وخصائصه وميوله ، فغالبا ما يبذل الأطفال من ذوي الدافعية المرتفعة جهدا أكبر فى العمل ويكرسون وقتا أطول لتحصيل المواد الدراسية،وعليه فتعد مشكلة تدنى الدافعية أحد المشكلات التربوية التى يواجهها المعنيون بقضايا التعلم فيما يعزوانخفاض الدافعية إلى انعدام الحيوية والفاعلية والشعور بانخفاض مفهوم الذات ، فالطفل ذوي الصعوبات ينتابه الشك فى قدراته ونفسه حينما يلاحظ الجهد الشاق الذى يبذله وينتهى دائما بإلاخفاق والفشل ، فيغرق فى الشكوك ويتسلط عليه فكرة التقصير وتدريجيًا تزداد مشاعر الدونية والانتقاص.
ومع زيادة أعداد ضحايا صعوبات التعلم وفقا للدراسات المسحية فى أمريكا وإنجلترا فمن المتوقع أن تفوقها عددها فى المجتمعات العربية، وهى بذلك تشكل خطورة شديده على الأسرة والمجتمع وفقا للآثار السلبية المترتبه عليها.
الذكاء الموسيقى
وتؤكد داليا حلمى أن من الملاحظ أنه لم يوجد من الدراسات ما تناولت الذكاء الموسيقى بالفحص الدقيق بين أطفال صعوبات التعلم، و لم تجد من الدراسات ما ربطت بين متغيرات الذكاء الموسيقى بدافعية الانجازومفهوم الذات بين أطفال صعوبات التعلم، وأضافت أنها استخدمت في الدراسه منهج وصفي ارتباطي للتعرف على العلاقه ما بين كل من الذكاء الموسيقى ودافعية الانجاز مفهوم الذات لدي أطفال صعوبات التعلم، وطبقت دراستها على عينة مبدئية للدراسة من عدد (311) منهم (187 ذكور 124اناث ) من تلاميذ الصف الأول والثانى من رياض الاطفال موزعة على خمس مدارس حكوميه بإدارة غرب مدينة نصر التعليميه صعوبات التعلم بعد.
وتشير إلى النتائج الهامه التى توصلت إليها حيث وجدت علاقة ارتباطيه إحصائيا بين التذوق الايقاعى والطموح الاكاديمى القدرات الموسيقيه ودرجات التذوق اللحنى و الذكاء الموسيقى والدافعية للانجاز بينما لم تصل العلاقة فى المثابره فى المهام والمسؤلية الاجتماعيه.
كما وجدت علاقة بين التذوق الايقاعى ومفهوم الذات الجسميه والاجتماعية والاخلاقيه و مفهوم الذات بينما لم تصل العلاقة فى أبعاد الذات الشخصية، والذات الأسرية.
فى حين أوجدت علاقة بين القدرات الموسيقيه ومفهوم الذات الجسميه والاجتماعية والاسريه و مفهوم الذات ، بينما لم تصل العلاقة للذات الشخصيه والذات الاخلاقيه.
الدراسة تمت تحت إشراف أ.د/ نهى محمود الزيات أستاذ العلوم النفسية ووكيل الكلية لشئون البيئة بكلية الطفولة المبكرة - جامعة القاهرة ، أ.م.د/ أحمد عبد الرحيم العمرى أستاذ العلوم النفسية المساعد بكلية الطفولة المبكرة جامعة القاهرة.
اترك تعليق