عندما شاهدوها تبرع فتبهر العالم بأدائها الفريد كبلوها بالحديد ظنا منهم انهم سيمنعونها عن الرقص، فارتقت، ووقفت على أطراف أصابعها، ورفعت هامتها عالياً لتكمل عرضها بمزيد من السحر والإرادة.
فرموها ف نيران مستعرة ليحرقون جسدها.. فأمطرت السماء سيولا، فأطفئت نيرانهم، وأحرقت قلوبهم، بل وسقتها شربة ماء لم تظمأ بعدها أبدًا، وسدت رمقها لتكمل الطريق بمزيد من العلياء، والكبرياء، والتحدى.
فتفتق ذهنهم أن يرموها للذئاب لينهشوا فى لحمها الذى لم يستطيعون أن يلمسونه او ينالون منه، فعادت بعد برهة مرفوعة الرأس تقود جيشاً من الذئاب.
فقذفوها بالحجارة بعد أن حاكوا ضدها الأكاذيب، ونسجوا حولها قصصا خيالية من صنع أفكارهم المريضة فهى الساحرة أو المتكبرة أو الماهرة فعادت لترد عليهم حجارتهم فأستقرت على رؤوسهم فهشمتها.
لم يرأفوا بحالها لكونها إمرأة فظنوا أنها سهلة المنال، لكنهم لم يحسبوا حساب الوحش القابع بداخلها؛ والذى سيظهر وقت الشدة ليزود عنها، وينتزعها بالقوة من بين براثنهم.
ففطنوا أن يصفوها تارة بالقوية.. وتارة بالمسكينة مهيضة الجناح.. وتارة بالمشاغبة.. ووصموها بالمثالية فحاولوا أن يعزلوها.. ينفوها.. يكسروها.. يدمروها.. بل ويقتلوها.
لكنهم تناسوا أنهم فى كل مرة يهاجمونها بضراوة، ويسخرون كل طاقاتهم للنيل منها، فترتد هجماتهم عليهم، وينقلب السحر على الساحر، على الرغم من أنها لم تفعل بهم شيئا.. او تسيء إليهم يوما.. أو تمسهم أبدًا بشر، لكن.. ماذا نقول؟ فنفوس البشر.. دائما أمارة بالسوء.
ولم يحسبوا حساب ردة فعلها، والتى جاءت عنيفة من جنس أعمالهم، فهى لم تهاجمهم بل دافعت فقط عن نفسها لترد ضرباتهم المتلاحقة، ولتوقف نيران هجماتهم الشرسة المتكررة عليها بلا أى شفقة أو رحمة.
فليست كل إمرأة ضعيفة خُلقت لتنتهك.. وليست كل نساء الكون خُلقن سبايا أو جوارى، ووُجدن ليباعوا أو يشتروا فى سوق نخاستهم.. فهناك الحرة الأبّية المربوحة التى ستناضل أبد الأبدين للحفاظ على عقائدها، ومبادئها، والأهم شرفها.
فهناك دائما رب قوى قهار وهاب رزّاق غنى عزيز جبار متكبر عدل يحمى، ويصون، ويحفظ، ويقاتل بالنيابة عن عباده الصالحين.
فربك ليس بظلام للعبيد.. واذا تجلى ظل الخالق بعظمته لدك الأرض ومن عليها، وأخذ فى طرفة عين أكثر البشر شراً، وكِبراً، وظلماً فى قبضته أخذ عزيز مقتدر.
لكنه حتماً يمهل.. وأبداً لا يهمل.
اترك تعليق