حكايات نسائية..بقلم: د. وفاء عبدالسلام

أخلاق الرجال
د. وفاء عبدالسلام
د. وفاء عبدالسلام

كم كانت سعادتي عندما علمت بشرف انضمامي إلى قافلة وزارة الأوقاف، التى وجّهها معالي وزير الأوقاف د. محمد مختار جمعة إلى دولة السودان الشقيقة، فى إطار التعاون المثمر مع الجانب السودانى؟! فقد عهدنا هذا الأمر للسادة الأئمة، ولكن هذه هي المرة الأولى التي تخرج فيها واعظات مصريات إلى خارج القطر للوعظ، وهذا شرف عظيم ومكسب جديد من مكتسبات المرأة في عهد سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي- حفظه الله- والذي أعلى دور المرأة المصرية فكان إعلان ٢٠١٧ عاما للمرأة المصرية ليكشف عن تقدير الدولة المصرية الكبير للمرأة ودورها في بناء المجتمع وتنميته، بعدما تراجع دور المرأة في عصور التراجع.


كما أدركت وزارة الأوقاف قيمة المرأة في العمل الدعوي فكان القرار الشجاع من معالي وزير الأوقاف (منذ توليه الوزارة) لفتح باب الاشتغال بالعمل الدعوي للنساء ليؤكد إيمانه بدورهن الكبير في تجديد الخطاب الديني وبيان الحقيقة السمحة للإسلام ومحاربة الفكر المتطرف فجاءت مشاركتنا بمجال الدعوة في القوافل الدينية التي تجوب محافظات مصرنا الحبيبة ولكن دائما ما يفاجئنا معاليه بالجديد والمبتكر.

ومع كل هذه السعادة انتابني شعور كبير بالقلق لعدة أمور أهمها ثلاثة، أول هذه الأمور: الإحساس بعِظَم المسؤولية الملقاة علينا كسُفراء للإسلام وسُفراء لمصرنا الحبيبة- وهو أمر ربما اعتاده رجالنا من الأئمة- فظللت أدعو الله عزَّ وجلَّ أن يجعلنا خير سفيرات لديننا ووطننا وأن نكون فاتحة خير لمثل هذه القوافل، والحمد لله ربّ العالمين أن مَنَّ الله علينا وفتح لنا فكانت مجالسنا يحضرها عدد غفير من النساء المُحبّات والمتعطّشات لمجالس العلم وقد عبَّرن عن هذا الأمر وطالبن بأن تذهب مثل هذه القوافل إلى السودان بشكل دوري، وكذلك بالنسبة للواعظات السودانيات اللاتي حمّلونا رسالة إلى معالي وزير الأوقاف المصري بأن يُلْحِقهن بأكاديمية الأوقاف الدولية، وعندما علم والي جنوب دارفور بهذا الأمر تحمّس له بشدة واعدا بتحمّله كافة النفقات الخاصة بسفر الواعظات السودانيات إلى الدراسة بالأكاديمية، معلّقا الأمر على موافقة الجهات المعنية بالبلدين.

وثاني هذه الأمور- وكان مما يقلقني أيضا وبشدة- خروجنا مع علماء من وزارة الأوقاف لهم مكانة عظيمة في الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، ولا يخفى علينا ما للعلماء من منزلة عظيمة عند ربّ العزّة سبحانه وتعالى، قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }.

فخشيت أن يستشعروا أننا سنمثِّل عبئا عليهم  سواء إنسانيا أو دعويا، ولكنني وجدت رجالا بحق هم إخوة لنا، يحوطوننا بكثير من الرعاية والاهتمام في جو تسوده روح الإخوة في الله ،

التي هي منحة ربانية ونعمة إلهية، يقذفها الله في قلوب المخلصين من عباده والأصفياء من أوليائه، والأتقياء من خلقه؛ قال تعالى: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ }.

والسفر إنما سُمِّي سفراً؛ لأنه يُسْفِر عن أخلاق الرجال ويكشف عنها، ولذلك فإن المسافر يتبيّن من طبعه، وأخلاقه، وشمائله ما لا يتبيّن في حَضَره؛ لأنه إذا ابتعد عن المألوفات، وابتعد عن الأهل والأوطان، فإنه يظهر على حقيقته، وتظهر أشياء كثيرة كانت خافية من قبل.

وصدق سيدنا عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- فقد جاء أنه شهد عنده رجل شهادة، فقال له: لست أعرفك، ولا يضرك ألا أعرفك، ائت بمن يعرفك. فقال رجل من القوم: أنا أعرفه. قال: بأي شئ تعرفه؟ قال: بالعدالة، والعقل. قال: هو جارك الأولى الذي تعرفه ليله ونهاره، ومدخله ومخرجه؟ قال: لا، فقال: فعاملك بالدرهم والدينار، اللذين يستدل بهما على الورع؟ قال: لا. قال: فرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق؟ قال: لا. قال: لست تعرفه. ثم قال للرجل: ائت بمن يعرفك.

وقد عرفناهم في السفر وتبيَّن لنا عِظَم مكارم أخلاقهم.

وثالث هذه الأمور يتعلق بأزواجنا وأهلينا في مصر، خاصة وأن خروج النساء للدعوة بالخارج عمل غير مألوف ولكن نحمد الله عزَّ وجلَّ على ما وجدناه من دعم مستمر ومساندة كبيرة من الجميع مع تفهّمهم واستيعابهم للدور الذي نقوم به، فقد كانوا سببا رئيسا في نجاحنا وظهورنا بشكل مشرّف مثبتين أن وراء كل عمل عظيم يوجد أناس بحق عظماء .

فالشكر كل الشكر لمن آمن بنا وبدورنا ووثق فى نجاحنا وشجّعنا ومنحنا الثقة بالنفس.

اللهم احفظ مصرنا الحبيبة واجعل هذا العمل خالصا لوجهك الكريم واحفظنا اللهم من شر الكبر والرياء يا ربّ العالمين.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق