هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

مكرم المنياوي.. المطرب الذي جسد معاني الوحدة الوطنية
مكرم المنياوي
مكرم المنياوي

بقلم: أبو الحسن الجمال


  عانقت أذني صوت الفنان الشعبي مكرم المنياوي منذ صباي المبكر.. كان يعشقه الناس في قريتي والقرى المجاورة لنا في محافظة المنيا، بما كان ينشده من أدوار وقصص شعبية بلهجة منياوية صرفة، وتمثل أغانيه وقصصه الشعبية وعاءً لهذه اللهجة والتي من الممكن أن تفيد الباحثين المعنيين بدراسة اللهجات في علم اللغة.. وقد استقيت مادة هذا المقال من نجله ماهر الذي لم يبخل علي بشيء.
 
    ذاع صيت مكرم المنياوي منذ أن بدأ يمتهن الغناء في منتصف الستينيات وقد كان جسد معاني الوحدة الوطنية على سجيته وفطرته ودون افتعال أو شعارات جوفاء. كان يمتدح الرسول - صلى الله عليه وسلم- مما حدا بالبعض أن يطلق عليه "مدّاح الرسول"، وأصبح معشوقاً للمسلمين قبل المسيحيين، فقد كان مكرم المنياوي يحيى حفلات الحجاج والمعتمرين وليالي الأولياء والصالحين، إلى جانب حفلات السيدة العذراء وذاع صيته في كل مكان.
 
     ولد مكرم جبرائيل غالى المنياوي في قرية بني أحمد الشرقية بمركز المنيا سنة 1947، لأب يعمل خياطاً، وكان الناس جميعهم يقصدون (دكانه) بما كان له من سيرة طيبة، وإتقانه لحرفته، ولم يقصده أهل قريته فقط وإنما جاء الناس إليه من القرى المجاورة، وكان والده يريده أن يكون خياطاً مثله، وعمل معه فترة، ولكن عشقه للفن قد استولى على وجدانه وجعله يترك مهنة والده وأجداده، وقد تأثر في البداية بالعديد من المطربين الشعبين، من أمثال: عبد الرازق العربي، وهو من عرب الطيبة بمركز سمالوط، والمطرب الشهير محمد طه، وغيرهم من نجوم الطرب الشعبي.
 
    وكانت قصة أولاد جاد المولى وصالح باشا لملوم، وهى قصة شعبية حدثت في مغاغة في عزبة الأقفاص، سنة 1936، وأساسها صراع انتخابات حدث بين صالح لملوم وأولاد جاد المولى، وكانت الأغنية فاتحة خير عليه، وهي السبب الرئيس في شهرته، وقد صدرت في شريط كاسيت بيعت منه مئات الآلاف من النسخ، ورغم مرور أكثر من أربعين عاماً على صدوره  إلا أن الناس ما زالت تقبل عليه، ثم غنى العديد من الأدوار والقصص الشعبية والتي لا تقل شهرة عن أولاد جاد المولى، مثل: "هانم والدكتور"، و"صبري وبدر"، و"العربي والمصري"، و"خضرة والسماك"، وغيرها.. وقد عرف عن مكرم احترامه لجمهوره، وعندما أحس أنهم أساءوا فهمه عندما تحدث على لسان أحد أولاد جاد المولى والذي سب غريمه صالح لموم وسب معه بلدته "مغاغة"، فشعر أهالي البلدة بالغبن الشديد، مما دعاه للاعتذار علناً عندما أعاد غناء الدور مرة أخرى بعد عدة سنوات..   
 
    ومن أهم الحفلات التي أحياها مكرم المنياوي طوال مشوار عمله في الفن مولد العذراء في المنيا وفي ميت دمسيس بالدقهلية، ودرنكة بأسيوط، ومولد سيدى العارف بالله عبد الرحيم القناوى بقنا، والعارف بالله سيدى الفرغلى بأبو تيج بأسيوط. ومن أشهر أقواله: (كثيرون دائما يتساءلون إزاى ده قبطي ويمدح الرسول.. إحنا أهل واللي ما يرضيش أهله ميبقاش منهم والفنان ميزان لا يميز، ويقولون إزاى مكرم اللي داقق صليب على أيده بيمدح في الرسول وأقول لهم: أنتم مالكم ومال مكرم والرسول خليكم في حالكم"، كما غنى في حفلات في قرى مصر في الصعيد والوجه البحري وفي حفلات هيئة قصور الثقافة، كما غنى في حفلات خارج مصر في فرنسا والعراق. وترك من خلفه جيلا كاملا عشق أناشيده وقصائده.
 
    وبعد عمر قضاه في رحاب الطرب والفن الشعبي توفي مكرم المنيا يوم السبت 14 أبريل سنة 2018، وودعت قريته بنى أحمد الشرقية التابعة لمركز المنيا، التي اتخذها سكنا طوال حياته ولم يغادرها إلا إلى إحياء الحفلات فقد كان يشعر بالراحة بين أرجائها وبين أهلها الطيبين..
 
  من ناحيته، قال هاني مكرم نجل الفنان الشعبي الراحل، إن آخر أعمال والده الفنية كانت كليب بعنوان "يا دار قوليلى"، وآخر حفلة أقامها كانت منذ فترة بإحدى قرى مركز أبو قرقاص، وأن والده توفي بعد صراع مع المرض داخل المستشفى.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق