سيوة واحة الاساطير والجمال والهدوء والخيال .. اهلها عاشقون لترابها منبهرون بتراثها محبون لزوارها
كان يطلق عليها فى العصور القديمة "بنتا" ووجد هذا الاسم فى أحد النصوص المدونة فى معبد إدفو قديما وفى العصر الرومانى كانت تدعى "واحة آمون" حتى عهد البطالمة الذين سموها "واحة جوبيتر آمون" بينما أطلق عليها العرب واحة الأقصى
وجاء فى المخطوطات السيوية القديمة أن سيوة بشكلها الحديث تم إنشاؤها فى أوائل القرن الثالث عشر الميلادى وكان مكانها الأول على الأرجح هى قرية أغور مى بالقرب من المعبد أمون وكان السكان يحمون أنفسهم ضد غارات الرحل فأقاموا قرية محصنة فوق التل وهذه القرية القديمة تعنى شالى وهي التي تم تطويرها وافتتاحها مؤخرا في احتفال عالمي
يرجع تاريخ تأسيس شالى إلى عام 1203 وكان للمدينة باب واحد فقط بغرض الاطمئنان على دفاعاتها وفتح للمدينة باب ثان فى الجهة الجنوبية سمى "أترات" بمعنى الباب الجديد وكان يستخدم للذين يفضلون تحاشى المرور أمام الأجواد وهم رؤساء العائلات ولم يكن يعرف مكان هذا الباب إلا أهل سيوة وفتح باب ثالث للمدينة حتى يخرج منه النساء وفى عام 1820 فتحت قوات محمد على باشا سيوة وأخضعتها لسلطة الحكومة فتمتعت المدينة بالأمان والحماية وسمح مجلس الأجواد فى عام 1826 للأهالى ببناء منازلهم خارج أسوار المدينه وفى عام 1926 انهار عدد كبير من منازل المدينة وتصدع الباقى منها نتيجة للأمطار الغزيرة فهجر السكان شالى وشيدوا منازل جديدة عند سطح الجبل
واحة سيوة ليست فقط واحة منسية وسط الصحراء ولكن التلال المطلة على الواحة توكد أهميتها التاريخية ففوق هضبة
أغور مى يوجد "معبد وحى آمون" وكان مركزًا لعبادة الإله آمون معبود المصرين والإغريق آنذاك بنى فى 1662 ق . م ويقع على مسافة 4 كيلو متر شرق مدينة سيوة واكتسب المعبد أهمية كبرى فى أرجاء العالم القديم وعرف " بمعبد التنبؤات" أو معبد "الإسكندر" وأزدات شهرته عندما ذهب الإسكندر الأكبر بعد وصوله إلى مصر عام 331 قبل الميلاد إلى العراف اليونانى الشهير آمون الذى كان يعيش فى المعبد ويقول المؤرخون إن القائد المقدونى سأل آمون عما إذا كان سيحكم العالم وكانت إجابة الكاهن نعم لكن ليس لفترة طويلة وبالفعل تم تتويج الإسكندر كأحد آلهة مصر عقب حصوله على نبوءة الكاهن
ويشهد المعبد ظاهرة فلكية تسمى الاعتدال الربيعى حيث يتعامد قرص الشمس على المعبد مرتين كل عام فى الاعتدال الربيعى و الاعتدال الخريفى وترصد الظاهرة اليوم الوحيد فى العام حيث يتساوى الليل والنهار بعد 90 يومًا من أقصر نهار فى العام وبعده بتسعين يوماً آخرين يقع أطول نهار فى العام
وشهد المعبد تغيرات كثيرة ووضعت فيه بصمات عديدة بداية من العصر الفرعونى واليونانى والرومانى حتى الإسلامى وفيه مسجد ومئذنة وغرف للكهنة الفراعنة وممرات وبهو شيد لاستقبال الإسكندر وتتويجه وبئر المياه المقدسة وجدران رومانية وينقسم إلى نصفين الأول فرعونى والجزء الثانى "بطلمى وإسلامى" وفى الطابق الثانى من المعبد يمكن مشاهدة تجمع منازل الواحة وبحيراتها المالحة ومزارع النخيل الأخضر التى تحيطها و المعالم الأثرية الأخرى والجبال
كما يوجد فى سيوة معبد "آمون" أو معبد أم عبيدة كما اطلق عليه أهل سيوة القدامى وتهدم معظم أجزاء المعبد عقب زلزال الذى تعرض له الواحة عام 1811 ولم يتبقى منه سوى جدار واحد
و تشتهر واحة سيوة بمقابر جبل الموتى والتى تقع على بعد 1 كيلو متر من مركز الواحة و يعد الجبل الجبانة الرئيسية لسيوة القديمة وتتوزع على ثلاث مستويات معظم المقابر منحوتة بنظام الطراز اليونانى الرومانى حيث تبدأ بمدخل ثم صالة طويلة ثم حجرة دفن داخلية ومعظم هذه المقابر قد تم نهبها فى حقب ماضية وكان أهل سيوة يختبئون بها خلال الحرب العالمية الأولى والثانية كما نزحت إليها بعض القبائل عقب الغزو الإيطالى لليبيا وتكمن أهمية تلك المقابر أنها بنيت فى نهاية العصر الفرعونى وبداية أوائل العصر الرومانى اليونانى ويتضح ذلك من خلال النقوش الواضحة داخل المقابر
تضم سيوة عدداً متنوعاً من الجبال التي تعتبر أثرية برغم أنها من صنع الله ولجمالها تحولت مزارات سياحية من أشهرها "جبل الموتى" الذي عثر عليه أهالي سيوة مصادفة في أثناء الحرب العالمية التانية عام 1944 للاختباء به واكتشفوا المقابر الموجودة بداخله
و جبل الموتى يحتوي آلاف المقابر المنحوتة أعلى الصخور وتدور المقابر مع دوران المرتفع منحوتة على شكل خلية نحل فهو أحد أجمل وأغرب المناطق الأثرية في مصر وهو إحدى عجائب سيوة وهو عبارة عن جبل مخروطي الشكل يتجه قليلاً نحو شمال قلعة شالي ويبلغ ارتفاعه 50 متراً وهو جبانة أثرية
ويرجح أن تاريخ هذه الجبانة الأثرية يرجع إلى الأسرة الـ26 ويمتد للعصر البطلمي والروماني ويجمع الجبل الكثير من المقابر التي يرجع تصميمها إلى الفن المصري القديم والفن اليوناني وتوجد المقابر على عمق كبير من الجبل وكل مقبرة بشكل مستطيل ينتهي إلى فناء واسع مربع وهذا الفناء تتفرع منه مجموعة فتحات مخصصة لوضع الموتى وبداخلها مقابر جميلة مكثفة أشهر المقابر في هذه المنطقة هى مقبرة سي آمون التي تتمتع بمجموعة من النقوش البارزة
وهناك مقبرة التمساح وسميت بهذا الاسم نسبة للرسوم المنقوشة عليها وهي عبارة عن شكل تمساح أصفر اللون وتمثل هذه المقبرة هيكلاً أشبه بكهف مكون من 3 حجرات، ولم يتم التعرف إلى صاحب هذه المقبرة حتى الآن
وهناك مقبرة أخرى تسمى "ثيبر باثوت" وهي مزينة برسومات ونقوش ساحرة مصبوغة باللون الأحمر أغلبها على الأواني الفخارية المستخدمة في سيوة ويرقد في تلك المقبرة تابوت حجري موضوع على أرضية غرفة الدفن
اترك تعليق