أصدقاء الأمس اعداء اليوم، هذا ما كشفه الصراع الحدودي مؤخرًا بين الخرطوم وأديس أبابا، وتكشّف وجه إثيوبيا الحقيقي للأشقاء في السودان حكومة وشعبا، وبما ان القضايا لا تتجزأ ولا يمكن عدم الربط بين قضية الحدود السودانية والإثيوبية وسد النهضة، نظرت السودان إلى أن مصالحها ومصالح شعبها تتعرض للخطر.
وبالنظر في الاتفاقيات المبرمة تاريخيا لترسيم الحدود، نرى ان اثيوبيا تمردت على مبادئ القانون الدولي في كافة الاتفاقيات، فهل من تقارب سوداني مصري لوحدة الهدف وصد الأطماع الإثيوبية؟ التحركات السودانية الأخيرة تشير الى هذا.
ونُعدد هنا الاتفاقيات التاريخية لترسيم الحدود والتي يرى خبراء القانون الدولي، ان اثيوبيا خرقت تلك الاتفاقيات والتعهدات الدولية، وإليكم ذلك التاريخ:
تعهد إمبراطور إثيوبيا "ميليك الثاني" طبقا لهذه المعاهدة بعدم إقامة أو السماح بإقامة أي أشغال على النيل الأزرق وبحيرة تانا ونهر السوباط، يمكن أن توقف تدفق مياهها إلى نهر النيل.
وعلى هذا فإن أديس أبابا ارتكبت خطأً قانونياً بعدم إخطار مصر والسودان بإنشاء السد قبل الشروع فيه، وقامت بالإخطار اللاحق عند بدء أعمال الإنشاء فى مايو 2011، مكتفية بإرسال دعوة للسودان بمعاينة السد، وكان يجب أن تخطر إثيوبيا مصر والسودان، نظراً لأن النيل الأزرق، الذى يقام عليه السد، ضمن الأنهار الدولية التى تشترك فيها 3 دول. كما أن إنشاء سد النهضة يعنى إلغاء خط ترسيم الحدود بين السودان، وإثيوبيا، لأنه بموجب اتفاقية 1902 تنازلت بريطانيا عن منطقة "بنى شنقول" لصالح إثيوبيا بعد أن تعهد ملكها فى ذلك الوقت بعدم إقامة أى سدود، وعدم المساس بمياه النيل إلا بموافقة السودان، ما يعنى مخالفة إثيوبيا الاتفاقية بإنشاء السد وبالتالى عودة منطقة السد للدولة الأم السودان.
نص معاهدة 1902:
المادة الأولى:
اتفق الطرفان خلال المعاهدة على أن خط الحدود بين السودان وإثيوبيا يسير من "أم حجر" إلى "القلابات (السودان) القلابات"، فالنيل الأزرق فنهر بارو فنهر بيبور ثم نهر أكوبو حتى مليلة، ومنها إلى نقطة تقاطع خط عرض 6 شمالا مع خط طول 35 شرق جرينتش وتم رسم خط الحدود بالمداد الأحمر في الخريطتين الملحقتين بالاتفاق.
المادة الثانية:
تعهد الإمبراطور منليك الثانى، قبل حكومة صاحبة الجلالة البريطانية، بعدم تشييد أو السماح بتشييد أى عمل على النيل الأزرق وبحيرة تانا أو نهر السوباط يكون من شأنه منع جريان المياه إلى النيل إلا بالاتفاق مع حكومة جلالة الملكة البريطانية وحكومة مصر بالسودان.
المادة الثالثة:
يتعهد الإمبراطور منليك، ملك إثيوبيا، بأن يسمح لحكومة جلالة الملكة البريطانية في السودان باختيار قطعة أرض بجوار إيتانج على نهر بارو لا يزيد طولها على 2000 متر ولا تزيد مساحتها على 40 هكتاراً لاحتلالها وإدارتها كمحطة تجارية، طالما خضع السودان للحكم المصرى الإنجليزي، واتفق الطرفان المتعاقدان على أن الأرض المؤجرة لن تستخدم في الأغراض السياسية أو الحربية.
المادة الرابعة:
منح الإمبراطور منليك حكومتي الملكة البريطانية والسودان حق إنشاء خط حديدى عبر الأراضى الحبشية لربط السودان بأوغندا. وفي البند الثانى ورد اتفاق الحدود المحدد للحق المصرى والسودانى في مياه النيل، والذي أكد أن العدول عنه يقتضى من أطرافه العدول عن الأرض المصرية التي تتسيدها إثيوبيا، والتي تحددت لها في عام 1902 بموجب المنحة المصرية، وهي ذات الأرض ونفس الاتفاقية التي تمسكت بها إثيوبيا في ترسيم الحدود بينها وبين إرتريا قبل أعوام، مما يعنى إقرارها قانونا باتفاق 1902.
نصت اتفاقية عام 1929 بين مصر وبريطانيا - التي كانت تنوب عن السودان وأوغندا وتنزانيا - على ألا تقام بغير اتفاق مسبق مع الحكومة المصرية أي أعمال ري أو كهرومائية أو أي إجراءات أخرى على النيل وفروعه أو على البحيرات التي ينبع منها، سواء في السودان أو في البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية، والتي من شأنها إنقاص مقدار المياه التي تصل مصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أي وجه يلحق ضررا بالمصالح المصرية، كما تنص على حق مصر الطبيعي والتاريخي في مياه النيل.
تنظم تلك الاتفاقية العلاقة المائية بين مصر ودول الهضبة الاستوائية، كما تضمنت بنوداً تخص العلاقة المائية بين مصر والسودان، وردت على النحو التالى في الخطاب المرسل من رئيس الوزراء المصري والمندوب السامى البريطاني:
الحكومة المصرية شديدة الاهتمام بتعمير السودان وتوافق على زيادة الكميات التي يستخدمها السودان من مياه النيل، دون الإضرار بحقوق مصر الطبيعية والتاريخية في تلك المياه.
توافق الحكومة المصرية على ما جاء بتقرير لجنة مياه النيل عام 1925 وتعتبره جزءاً لا ينفصل من هذا الاتفاق.
ألا تقام بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية أعمال رى أو توليد قوى أو أى اجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التي تنبع سواء من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذي يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أى وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر.
تقدم جميع التسهيلات للحكومة المصرية لعمل الدراسات والبحوث المائية لنهر النيل في السودان ويمكنها إقامة أعمال هناك لزيادة مياه النيل لمصلحة مصر بالاتفاق مع السلطات المحلية.
وقعت هذه الاتفاقية بالقاهرة في نوفمبر 1959 بين مصر والسودان، وجاءت مكملة لاتفاقية عام 1929 وليست لاغية لها، حيث تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان في ظل المتغيرات الجديدة التي ظهرت على الساحة آنذاك وهو الرغبة في إنشاء السد العالى ومشروعات أعالى النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من الخزانات في أسوان.
وقد حددت لأول مرة اتفاقية نوفمبر 1959 بين مصر والسودان كمية المياه بـ 55.5 مليار متر مكعب سنويا لمصر و 18.5 مليار للسودان.
ويؤكد هذا الاتفاق التعاوني علي امتناع الطرفين عن القيام بأي نشاط يتعلق بمياه النيل يمكن أن يضر علي نحو محسوس بمصالح الطرف الآخر، بما يعني ان هذا الاتفاق يؤكد بوضوح وبما لا يدع مجالا للشك حماية الاستخدامات السابقة لكل مصر وإثيوبيا.
كما أكد هذا الاتفاق ضرورة حماية مياه النيل والحفاظ عليها والتعاون والتشاور بخصوص المشروعات المشتركة وبما يساعد علي تعزيز مستوى تدفق المياه وتقليل الفاقد منها.
تمسكت مصر خلال جميع مراحل التفاوض على الاتفاق بضرورة عدم مساس هذا الاتفاق الجديد بالاتفاقيات السارية، وأعلن وزير الموارد المائية والري المصري رفض التوقيع علي الإطار القانوني والمؤسسي لمبادرة حوض النيل إلا بعد تحقيق شروط ثلاثة هي:
أولا: نص صريح يضمن عدم المساس بحصة مصر من مياه النيل وحقوقها التاريخية.
ثانيا: الإخطار المسبق عن أي مشروعات تقوم بها دول أعالي النيل، واتباع إجراءات البنك الدولي في هذا الشأن.
ثالثا: ضرورة أن يكون تعديل الاتفاق والملاحق بالإجماع وليس بالأغلبية، وفي حالة الأغلبية يجب أن تشمل دول المصب مصر والسودان .
بينما اقترحت دول المنابع وضع مادة الأمن المائي في ملحق الاتفاقية وإعادة صياغته بما يضمن توافق دول الحوض حوله خلال ستة أشهر من تاريخ توقيع الاتفاقية وإنشاء هيئة حوض النيل المفترضة.
البنود تؤكد التعاون على أساس التفاهم المشترك.. وتشدد على المنفعة للدول الثلاث، وتوفير البيانات اللازمة لإجراء دراسات لجنة الخبراء، وأكدت الاتفاقية التعاون على أساس التفاهم المشترك، والمنفعة المشتركة، وحسن النوايا، والمكاسب للجميع، ومبادئ القانون الدولى، والتعاون فى تفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها، مشيرة إلى أن الغرض من سد النهضة هو توليد الطاقة، المساهمة فى التنمية الاقتصادية، والترويج للتعاون عبر الحدود والتكامل الإقليمى من خلال توليد طاقة نظيفة ومستدامة يعتمد عليها، وتوفر كل من مصر وإثيوبيا والسودان البيانات والمعلومات اللازمة لإجراء الدراسات المشتركة للجنة الخبراء الوطنيين، وذلك بروح حسن النية وفى التوقيت الملائم.
ديباجة:
تقديراً للاحتياج المتزايد لجمهورية مصر العربية، وجمهورية أثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية، وجمهورية السودان لمواردهم المائية العابرة للحدود، وإدراكا لأهمية نهر النيل كمصدر الحياة ومصدر حيوي لتنمية شعوب مصر وإثيوبيا والسودان ألزمت الدول الثلاث أنفسها بالمبادئ التالية بشأن سد النهضة:
1 - مبدأ التعاون:
- التعاون علي أساس التفاهم المشترك، المنفعة المشتركة، حسن النوايا، المكاسب للجميع، ومبادئ القانون الدولي.
- التعاون فى تفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها.
2 - مبدأ التنمية، التكامل الإقليمي والاستدامة:
- الغرض من سد النهضة هو توليد الطاقة، المساهمة في التنمية الاقتصادية، الترويج للتعاون عبر الحدود والتكامل الإقليمي من خلال توليد طاقة نظيفة ومستدامة يعتمد عليها.
3 - مبدأ عدم التسبب في ضرر ذى شأن:
- سوف تتخذ الدول الثلاث كافة الإجراءات المناسبة لتجنب التسبب في ضرر ذى شأن خلال استخدامها للنيل الأزرق/ النهر الرئيسي.
- على الرغم من ذلك، ففي حالة حدوث ضرر ذى شأن لإحدي الدول، فان الدولة المتسببة في إحداث هذا الضرر عليها، في غياب اتفاق حول هذا الفعل، اتخاذ كافة الإجراءات المناسبة بالتنسيق مع الدولة المتضررة لتخفيف أو منع هذا الضرر، ومناقشة مسألة التعويض كلما كان ذلك مناسباً.
4 - مبدأ الاستخدام المنصف والمناسب:
- سوف تستخدم الدول الثلاث مواردها المائية المشتركة في أقاليمها بأسلوب منصف ومناسب.
- لضمان استخدامهم المنصف والمناسب، سوف تأخذ الدول الثلاث في الاعتبار كافة العناصر الاسترشادية ذات الصلة الواردة أدناه، وليس على سبيل الحصر:
أ- العناصر الجغرافية، والجغرافية المائية، والمائية، والمناخية، والبيئية وباقى العناصر ذات الصفة الطبيعية.
ب- الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية لدول الحوض المعنية.
جـ- السكان الذين يعتمدون علي الموارد المائية في كل دولة من دول الحوض.
د- تأثيرات استخدام أو استخدامات الموارد المائية فى إحدى دول الحوض على دول الحوض الأخرى.
هـ- الاستخدامات الحالية والمحتملة للموارد المائية.
و- عوامل الحفاظ والحماية والتنمية واقتصاديات استخدام الموارد المائية، وتكلفة الإجراءات المتخذة في هذا الشأن.
ز- مدى توفر البدائل، ذات القيمة المقارنة، لاستخدام مخطط أو محدد.
حـ- مدى مساهمة كل دولة من دول الحوض في نظام نهر النيل.
طـ- امتداد ونسبة مساحة الحوض داخل إقليم كل دولة من دول الحوض.
5 - مبدأ التعاون في الملء الأول وإدارة السد:
- تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية، واحترام المخرجات النهائية للتقرير الختامي للجنة الثلاثية للخبراء حول الدراسات الموصي بها في التقرير النهائي للجنة الخبراء الدولية خلال المراحل المختلفة للمشروع.
- تستخدم الدول الثلاث، بروح التعاون، المخرجات النهائية للدراسات المشتركة الموصي بها في تقرير لجنة الخبراء الدولية والمتفق عليها من جانب اللجنة الثلاثية للخبراء، بغرض:
* الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول لسد النهضة والتي ستشمل كافة السيناريوهات المختلفة، بالتوازي مع عملية بناء السد.
* الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوي لسد النهضة، والتي يجوز لمالك السد ضبطها من وقت لآخر.
* إخطار دولتي المصب بأية ظروف غير منظورة أو طارئة تستدعي إعادة الضبط لعملية تشغيل السد.
- لضمان استمرارية التعاون والتنسيق حول تشغيل سد النهضة مع خزانات دولتي المصب، سوف تنشئ الدول الثلاث، من خلال الوزارات المعنية بالمياه، آلية تنسيقية مناسبة فيما بينهم.
- الإطار الزمني لتنفيذ العملية المشار إليها أعلاه سوف يستغرق خمسة عشر شهراً منذ بداية إعداد الدراستين الموصى بهما من جانب لجنة الخبراء الدولية.
6 - مبدأ بناء الثقة:
- سيتم إعطاء دول المصب الأولوية في شراء الطاقة المولدة من سد النهضة.
7 - مبدأ تبادل المعلومات والبيانات:
- سوف توفر كل من مصر وإثيوبيا والسودان البيانات والمعلومات اللازمة لإجراء الدراسات المشتركة للجنة الخبراء الوطنيين، وذلك بروح حسن النية وفي التوقيت الملائم.
8 - مبدأ أمان السد:
- تقدر الدول الثلاث الجهود التي بذلتها أثيوبيا حتى الآن لتنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية المتعلقة بأمان السد.
- سوف تستكمل أثيوبيا، بحسن نية، التنفيذ الكامل للتوصيات الخاصة بأمان السد الواردة في تقرير لجنة الخبراء الدولية.
9 - مبدأ السيادة ووحدة إقليم الدولة:
- سوف تتعاون الدول الثلاث على أساس السيادة المتساوية، وحدة إقليم الدولة، المنفعة المشتركة وحسن النوايا، بهدف تحقيق الاستخدام الأمثل والحماية المناسبة للنهر.
10 - مبدأ التسوية السلمية للمنازعات:
- تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقاً لمبدأ حسن النوايا. إذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/رئيس الحكومة.
وقع هذا الاتفاق حول إعلان المبادئ في الخرطوم، السودان في 23 من شهر مارس 2015 بين جمهورية مصر العربية، جمهورية أثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية وجمهورية السودان.
عن جمهورية مصر العربية:
عبد الفتاح السيسي
رئيس الجمهورية
جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية:
هيلاماريام ديسالين
رئيس الوزراء
جمهورية السودان:
عمر حسن البشير
رئيس الجمهورية
اترك تعليق