69 عاما مرت علي يوم الملحمة الكبري..يوم العزة والكرامة لكل مصري..يوم قدمت خلاله الشرطة المصرية 50 شهيدا من رجالها الشرفاء حفاظا علي كرامة المصري.. يوم 25 يناير.. فمنذ 69 عاما تصدت قوات الشرطة المصرية للعدو الانجليزي رافضة تسليم أنفسهم واسلحتهم للعدو لقد قاوم الأبطال جيش الاحتلال حتي آخر نفس حتي نال 50 ضابطا وفردا شرف الشهادة.. ومنذ ذلك الوقت أصبح هذا اليوم عيدا لرجال الشرطة تخليدا لذكري أبطال ملحمة الاسماعيلية.
"حولني علي فؤاد باشا سراج الدين وزير الداخلية علي التليفون .. مين يا افندم ؟ أنا اللواء أحمد رائف قائد بلوكات النظام في الإسماعيلية . حاضر يا فندم .. معالي الوزير صباح الخير .. صباح النور يا افندم قوات الاحتلال البريطاني وجهت لنا إنذارًا برحيل قوات البوليس عن مدينة الإسماعيلية واحنا يا افندم رافضين وقررنا المقاومة .. هتقدروا يا أحمد ؟ يا افندم مش هنسيب الإسماعيلية حتي لو ضحينا بآخر نفس فينا .. ربنا معاكم استمروا في المقاومة".
بهذه الكلمات بدأت معركة الكرامة والشجاعة الحقيقية في 25 يناير عام 1952 في الإسماعيلية . تلك المعركة التي سطر فيها رجال الشرطة المصريه بطولة لم ولن ينساها التاريخ.
"بطولات رجال الشرطة التي نراها اليوم تعد امتدادًا طبيعيًا لتاريخ طويل من البطولات والتضحيات به العديد من المحطات التي تؤكد وطنية هذا الجهاز وحرص أفراده علي التضحية بالغالي والنفيس لحفظ أمن المواطن وسلامته¢.
أبرز المحطات في ذلك التاريخ والتي خلدت كعيد للشرطة كانت ذكري موقعة الإسماعيلية التي راح ضحيتها 50 شهيدًا و80 جريحًا من رجال الشرطة المصرية علي يد الاحتلال الإنجليزي بعد أن رفض رجال الشرطة تسليم سلاحهم وإخلاء مبني المحافظة للاحتلال الإنجليزي.
عندما علمت القوات البريطانية أن رجال الشرطة يساعدون الفدائيين قررت خروج كل أفراد الشرطة المصرية من مدن القناة علي أن يكون ذلك فجر يوم 25 يناير 1952 وفوجئ رجال الشرطة بعد وصولهم إلي مقر عملهم في مبني محافظة الإسماعيلية بقوات الاحتلال البريطاني تطالب اليوزباشي مصطفي رفعت قائد بلوكات النظام المتواجدة بمبني محافظة الإسماعيلية بإخلاء المبني خلال 5 دقائق وترك أسلحتهم بداخل المبني وحذروهم بمهاجمة المبني في حال عدم استجابتهم للتعليمات .
تخيل الاحتلال البريطاني أن رجال الشرطة سيخافون علي حياتهم ويتركون سلاحهم ويهربون حفاظًا علي أرواحهم ولكنهم فوجئوا ببطولة سطرت في تاريخ مصر المشرف بأحرف من نور حيث رفض اليوزباشي مصطفي رفعت الانسحاب وترك مبني المحافظة وقال لقائد قوات الاحتلال "اكسهام": "إذا لم تأخذ قواتك من حول المبني .. سأبدأ أنا الضرب لأن تلك أرضي وأنت الذي يجب أن ترحل منها ليس أنا.. وإذا أردتم المبني فلن تدخلوه الا ونحن جثث" ثم تركه ودخل مبني المحافظة وتحدث إلي جنوده وزميله اليوزباشي عبدالمسيح. وروي لهم ما دار بينه وبين "اكسهام". فما كان منهم إلا أن أيدوا قراره بعدم إخلاء المبني. وقرروا مواجهة قوات الاحتلال علي الرغم من عدم التكافؤ الواضح في التسليح حيث كانت قوات الاحتلال تحاصر المبني بالدبابات وأسلحة متطورة شملت بنادق ورشاشات وقنابل بينما لا يملك رجال الشرطة سوي بنادق قديمة.
الاستسلام.. مرفوض
وبدأت المعركة من خلال قيام القوات البريطانية بإطلاق قذيفة دبابة أدت إلي تدمير غرفة الاتصال "السويتش" بالمبني وأسفر عن استشهاد عامل التليفون. لتبدأ المعركة بقوة والتي شهدت في بدايتها إصابة العشرات من رجال الشرطة واستشهاد آخرين فخرج اليوزباشي مصطفي رفعت قائد قوة بلوكات النظام المتواجدة داخل مبني المحافظة إلي ضابط الاحتلال البريطاني في مشهد يعكس مدي جسارة وشجاعة رجل الشرطة المصري فتوقفت الاشتباكات ظنًا من قوات الاحتلال بأن رجال الشرطة يستسلمون ولكنهم فوجئوا بأن اليوزباشي مصطفي رفعت يطلب الإتيان بسيارات الإسعاف لعلاج المصابين وإخلائهم قبل استكمال المعركة ولكنهم رفضوا واشترطوا خروج الجميع أولا والاستسلام وهو ما رفضه اليوزباشي مصطفي رفعت وعاد إلي جنوده لاستكمال معركة الشرف والكرامة. ومع استمرار الاشتباكات بدأت الذخيرة في النفاد من رجال الشرطة المصرية ولكنهم رفضوا أيضًا مجرد فكرة الاستسلام فقرأوا جميعًا الفاتحة والشهادتين بمن فيهم اليوزباشي عبدالمسيح في لحظة تؤكد مدي تماسك ووحدة شعب مصر العظيم وقرروا القتال حتي آخر طلقة وقرر اليوزباشي مصطفي رفعت الخروج من المبني لقتل قائد قوات الاحتلال اكسهام أملاً منه في أن يؤدي ذلك إلي فك الحصار وإنقاذ زملائه.
وبالفعل عندما خرج توقف الضرب كالعادة ولكنه فوجئ بضابط آخر أعلي رتبة من اكسهام . وبمجرد أن رأي هذا الضابط اليوزباشي مصطفي رفعت . أدي له التحية العسكرية . فما كان من اليوزباشي رفعت إلا أن بادله التحية وتبين بعد ذلك أن ذلك الضابط هو الجنرال ماتيوس قائد قوات الاحتلال البريطاني بمنطقة القناة.
وتحدث الجنرال "ماتيوس" إلي اليوزباشي مصطفي رفعت. وقال له بأنهم فعلوا ما عليهم بل أكثر. وأنهم وقفوا ودافعوا عن مبني المحافظة ببطولة لم تحدث من قبل وأنهم أظهروا مهارة غير عادية باستخدامهم البنادق التي معهم ووقوفهم أمام دبابات وأسلحة الجيش البريطاني المتعددة وأنه لا مفر من وقف المعركة بشرف فوافق اليوزباشي مصطفي رفعت علي ذلك.
اترك تعليق