هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

منصور الطحان اشهر مجبراتى فى الواحات بالصمغ البلدى وشعر الماعز والطبان.. فيديو وصور

منصور مجبراتى الكسور والكدمات قصة عطاء لا تنتهى مع الفقراء بالواحات

متعته فى الحياه إسعاد الآخرين والرضا على وجوه قاصديه بعد الشفاء
يقدر قيمة الطب الحديث فى علاج الحالات التى يصعب عليه التعامل معها 

 


بالرغم من الهالة التكنولوجية الحديثة التى تشهدها المجتمعات الحالية من تقدم كبير فى مختلف مجالات الصناعات وعلوم الطب المعاصر ، تبقي محافظة "الوادى الجديد» واحدة من أهم المناطق الأكثر شهرة بما تمتلك من مقومات بيئية وموارد طبيعية ذات قدرة عالية لتخفيف الآلام والإستشفاء التام بواسطة مياه الآبار الكبريتية الساخنة، والدفن فى الرمال الناعمة، إلى جانب وفرة الأعشاب النادرة بكميات كبيرة فى صحرائها الشاسعة، إلا أن الكثير من أبناء هذا الجيل لم يشهد حصاد سنوات البعد عن المدنية ونقص الخدمات الصحية التى أفرزت مجتمعا قويا أمام ضربات المرض وتحمل الآلام فى وجود الطب البديل ، أبرزها حرفة "المجبراتى" لعلاج الكدمات والكسور والتى تكاد تختفى فى الوقت المعاصر لولا براعة ورثتها وبعض ممارسيها القلائل من أبناء جيل العظماء والمحافظين على عادات وتراث مجتمع الواحات القديم.

أنور الأشهر فى بلاط لتخفيف آلام الغلابة من الكسور والكدمات

"مجبراتى الغلابة" ، تلك المهنة التى كانت ملاذا للضعفاء والفقراء من أصحاب الهموم والآلام الجسدية مطلع القرن الماضي وحتى منتصف الخمسينيات فى ظل البعد الجغرافى بين الواحات الغربية ومراكز تقديم الرعاية الطبية ، والتى كانت تتطلب سفرا طويلا وترحالا بالزاد والمال والإهتمام العام ، لم تكن متوفرة فى ذلك الوقت والعصر ، باستثناء ما كان يقدمه مجبراتى الواحات من خدمات مجانية واجتهادات شخصية تعتمد على خامات الطبيعية لتخفيف الآلام وعلاج الأورام والكسور باستخدام القوة الكامنة فى الأشجار والحيوانات والبيئة المحيطة ، ليصبح بعد فترة من التجارب والنتائج المذهلة مقصدا للطبقة البسيطة والأغنياء ومهنة يتوارثها الأبناء من الآباء نقلا عن الأجداد جيلا بعد جيل لتنتشر على إثرها نفحات الطب البديل ويذيع صيتها بين القرى والمدن كوسيلة للعلاج وغاية للاستشفاء العاجل.


وفى مركز بلاط بمحافظة الوادى الجديد تلتقي عدسة تصوير بوابة الجمهورية مع أحد ورثة عائلة المجبراتية ، لترصد قصة تراث واحات الزمن الجميل على مدار 100عام شهدت تطور مهنة التجبير وممارسة أسلوب الكى واللصق لاستخراج الألم بالمسمار والإبر النحاسية لمداوة الكسور وتثبيت العظام والتى كانت ولا تزال تحظى بمكانة كبيرة واهتمام قاعدة جماهيرية عريضة تقدر قيمة هذا العمل الخير ، لما له من أصول وعقيدة ذات خلفية تاريخية مترسخة يين جذور الماضي والموروث المجتمعى ، رغم تطورات العصر وتقدم الطب من وحى الطبيعة وخامات البيئة.

 

قضى 30 عاما يضمد الرضوض والكدمات ويعالج الكسور مجانا دون مقابليقول أنور منصور حسانين مجبراتى الغلابة 43 عاما ، عامل بمطحن غلال جمعية تنمية المجتمع التابعة لمركز ومدينة بلاط بمحافظة الوادى الجديد فى تصريح خاص، أنه ورث مهنة المجبراتي عن والده منذ 30 عاما والذي تعلمها من جده لعائلته التى اشتهرت بها منذ القدم ، مشيرا إلى أنها لا تزال حاضرة وتحظى بتقدير واهتمام كبيرين من قبل أهالى القرى والمدن بالمحافظة ، لما لها من مكانة عميقة في قلوب البسطاء وأصحاب الآلام تمتد إلى سنوات من التجارب السابقة والنتائج المذهلة شهدت ازدهاراً وانتشارا واسعا كأحد الحلول البديلة التى يمتلكها الفقراء لتوفير تكلفة العلاج بالمراكز الطبية فى الوقت المعاصر ، ووسيلة لتعويض نقص الخدمات الطبية قديما.


اضاف "منصور" أن قوة العلاج بنظام التجبير والكى أو الدق بالإبر الصغيرة يعتمد وبشكل كبير على حرفية صاحبها والمامه بمواضع الألم وأماكن تثبيت العظام والرضوض وحالات الجذع وخاصة في حالات إصابة لاعبي كرة القدم ، إلى جانب حسن إختيار الطريقة الأمثل لبدء تنفيذ خطوات المداوة التي تتم بواسطة استخدام الصمغ البلدى المطحون من أشجار السنط ، وشعر الماعز بعد تنظيفه جيدا واخشاب البطان المستخلص من أشجار النخيل وجميعها خامات من فيض الطبيعة ولا ضرر منها فى شئ.

 وتابع ، أنه لم يتقاضى يوما ما أى مقابل لخدمة أهالى مركزه نظير قيامه بهذا العمل كما كانا جده ووالده يقدمان خدماتهم مجانا ، وأن متعته تكمن فى رؤيته السعادة على وجه قاصديه بعد زوال الألم والتعافي تماما، لافتا إلى أن طريقته لا تزال تعمل بفاعلية فى معالجة شتى أنواع الكسور والرضوض والكدمات التي تصيب العظام وأماكن الركبة والقدم واليدين والرقبة وغيرها ، بالرغم من التقدم العلمي وزيادة عدد الأطباء فى جميع التخصصات. 

مجبراتى الغلابة عامل في مطحن غلال منذ 20 عاماً 
وأوضح أنه يعمل منذ الصباح الباكر بمطحن غلال جمعية تنمية المجتمع ببلاط منذ 20 عاما مقابل راتب شهري 850 جنيها من الساعة السابعة والنصف صباحا وحتى العاشرة مساء ، وعند الظهيرة يعمد إلى منزله ليستريح قليلا أو يباشر إحدى حالات الكدمات بزيارة إلى منزله والاطمئنان عليه ،مشيرا إلى أن معدل شفاء المريض من الرضوض وبعض الكسور الخفيفة لا يزيد عن 15 يوما فقط بفضل الله ودقة خطوات العمل ،موجها الشكر لجميع الأطباء بالمستشفيات والعيادات الخاصة لدورهم البارز فى علاج المرضي والحالات التى يصعب عليه التعامل معها فى حالة الكسور المضاعفة التى تتطلب تركيب شرائح فى مناطق غاية فى الحساسية والخطورة.

وفى نفس السياق أشار كامل محمد أحد أبناء مدينة بلاط أنه قد تعرض لكدمة شديدة فى كتفه وقدميه على إثر سقوطه من أعلى النخلة خلال موسم جمع البلح وشهعر بألم في مفصله ،مؤكدا أنه وجد في أنور المجبراتي ضالته وذلك خلال أكثر من جلسة بتدليك موضع الألم وتضميده بالصمغ البلدى وشعر الماعز والطبان وربطه بشريط قطنى وماهى إلا أيام قليلة جدا وتماثلت للشفا ، بالرغم مما يشهده القطاع الطبي من تطور وتقدم في العلم والتقنيات فإن الجبيرة الواحاتية لا تزال حاضرة وفاعلة، يتوارثها الأبناء عن الأجداد وبكثير من الدراية والحنكة والمهنية ما جعلها محط ثقة أهالي المركز على مدى سنوات طويلة.


ويؤكد حمدى حسن من أبناء المركز والد أحد لاعبي كرة القدم أنه نجله كان قد تعرض لكدمة شديدة احدثت ورما فى كاحل قدمه ونصحه بعض أقاربه بالتوجه إلى أنور المجبراتي أو استضافته فى منزله لفحص الحالة، وكانت المفاجأة عندما تعافى موضع الألم بعد تجبيره لمدة 3 أيام ، مشيراً إلى أن منصور مجبراتى مركز بلاط رفض تقاضي أى أجر مادى نظير عمله ، واردف أنه صاحب خبرة متأتية من التجارب العملية، وهو يضاهي الطبيب المختص من حيث الخبرة والحنكة في الكشف عن مكان الكدمات والرضوض والكسور وقدرته على إعادته لمكانه ، ويتذكر حين تعرض شقيقه أيضا لكسر في يده، فقصد المشفى وتم تجبير الكسر من قبل الطبيب المعالج وبعد فترة طويلة لم يشعر بتحسن عندها قام بالاستعانة بمجبراتى الواحة لإعادة تجبيره على طريقته الخاصة وما هى إلا أيام وتماثل للشفاء.






تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق