"رسول الله شاعرك الخطيب... له في جاهك الأمل الرحيب
ولن يشقى وأنت له حبيب... وفيك له من الشعر اليتيم"
بشرنا شيخنا الأستاذ الدكتور محمد إبراهيم العشماوي أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر الشريف بإطلاق اسم الإمام الشيخ محمد خليل الخطيب النيدي، شاعر النبي صلى الله عليه وسلم؛ على أحد المدرجات الخارجية الكبرى بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بمدينة طنطا.
الشيخ الخطيب من أعلام الأزهر الشريف، عرف بشاعر الرسول و شاعر النبي صلى الله عليه وسلم، له دواوين في مدح سيد المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كان شعره ملحمة في مديح النبي وصحبه الكرام، فما كتبه يعد سيرة ذاتية لحياة النبي منذ ولادته، فرضاعته، وكفالته بعد يتمه، ثم عذاباته مع قومه، وهجرته وهجرة أصحابه.
كان إماما لغوياً، عالماً فقهياً، ولياً صالحًا، حافظاً لكتاب الله تعالى عن ظهر قلب، متمكناً من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مؤسس الطريقة الخطيبية الشاذلية، له مدرسة كبرى في التصوف، أعادت لنا الصورة النقية التي كان عليها السلف الصالح، أركانها العلم والذكر والقدوة الحسنة.
عرف بالنيدي نسبة لقرية "نيدة" وهي تتبع مركز أخميم بمحافظة سوهاج بصعيد مصر، والتي ولد بها في 9 مارس عام 1909م/1327هـ، نشأ في جو من التدين، فحفظ القرآن الكريم صغيراً، ثم التحق بمعهد أسيوط الديني وحصل على الابتدائية عام 1924م، وحصل على العالمية من الأزهر عام 1933م، ثم تخصص باللغة العربية عام 1936م، وعُين في نفس العام مدرساً بمعهد طنطا الديني، فمدرساً بكلية الدعوة فيها وقت افتتحاها.
استقر بطنطا حتى توفى في 21 فبراير عام 1986م/1406هـ عن سبعة وسبعين عاماً، ودفن بضريحه المشهور بمسجده بشارع الجيش (البحر) بجوار مبنى المحافظة بمدينة طنطا.
كان الرئيس الراحل محمد أنور السادات يتبرك به ودائم الزيارة له، وكان يعلق صورة جمعته بالشيخ الخطيب في منزله تبركاً وحباً واحترامًا، ويقول الدكتور محمود جامع صاحب كتاب "عرفت السادات" عن علاقة الشيخ بالرئيس :
كان السادات يتفاءل كثيراً، برؤية الشيخ محمد خليل الخطيب في مسجد السيد البدوي، وكان كلما زار طنطا أصر على أن يزوره ويطلب منه الدعاء والبركة، تعرف عليه في منزلي، وهو نائب للرئيس، وبعد أن أصبح السادات رئيساً للجمهورية حضر إلى طنطا في زيارة للمدينة، وزار السيد أحمد البدوي، وطلب من الشيخ الخطيب أن يدعو له، فأخبره الشيخ أن الله سينصره على المتآمرين عليه، ممن حوله، وسينصره أيضا على أعدائه من الصهاينة، ويعينه على استرداد الأرض المحتلة، فقام السادات وطبع قبلة علي جبين الشيخ الخطيب، وقد تحققت نبوءة الشيخ، عندما تخلص السادات من شرور مراكز القوي، ثم نصره الله في حرب اكتوبر.
وفي مرة ذهب السادات يصلي في مسجد السيد أحمد البدوي، وقد كان يحب دائماً أن يجلس عند الصف الأخير من المصلين وأن يستند بظهره إلى الحائط وبينما خطيب الجمعة يستعد لإلقاء خطبته، لاحظ الشيخ الخطيب أن رجالاً من الحرس يعطون ظهورهم للقبلة، بينما عيونهم على الرئيس فاستشاط الشيخ غضباً، وطلب إليهم الجلوس للصلاة، وكادت تحدث مشكلة، وكانت الصلاة مذاعة على الهواء مباشرة، لولا أن تدخل الرئيس السادات وأشار إلى الحرس أن يطيعوا الشيخ وألا يستفزوه، وأن يجلسوا، وبالفعل ذهب بعضهم وتوضأ، وصلى مع الرئيس وسائر المصلين.
تتلمذ على يد الشيخ الخطيب العديد من علماء عصرنا، ومنهم: الحسيني أبو فرحة عميد كلية أصول الدين بالقاهرة، توفيق محمد سبع رئيس قسم النحو والصرف بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، حامد إسماعيل الميرغني رئيس قسم الشريعة بجامعة صنعاء بدولة اليمن، إبراهيم الدسوقي خميس أستاذ التفسير، عبدالسلام أبو الفضل إمام وخطيب مسجد المتولي بالمحلة الكبرى.
كما أثرى المكتبة الإسلامية بما ينيف على ستين كتاباً في الفقه والأدب والحديث والشعر والقصص، ولكتاباته مشرب خاص وطريقة لم يحد عنها أبدا، من مؤلفاته:
شرح الخطيب لكتاب العمدة في الفقه الحنفي، الجامعة الصرفية: ألفية الخطيب في فن الصرف، إتحاف الأنام بخطب رسول الإسلام، الأحاديث المختارة من البخاري وشرحها، غاية المطالب بشرح ديوان أبي طالب (وقد جمعه الشيخ من مختلف أمهات الكتب على مدى أكثر من عشر سنوات، وقام بشرحه).
تفسير عدة أجزاء من القرآن الكريم، أنوار الكهرباء في ترتيب وشرح حكم سيدي أحمد ابن عطاء الله السكندري، إتحاف الأبرار ببعض ما للذكر من أسرار، بداية التعرف في شرح نقاية التصوف، إتحاف الأخبار بأصح العقائد والأذكار، إتحاف السادات في أحكام الصلاة والسلام على أشرف المخلوقات، أراجيز الخطيب، وحكمة الرجز.
اترك تعليق