الشباب عصب التنمية ، طالما وجدت العزيمة والرؤية التى تستند على الدراسة والخبرات وتوافر عوامل النجاح من دعم معنوى وتشجيع القيادات فلا بديل عن تحقيق الأهداف المنشودة فى ظل التحديات التي تواجه المجتمعات النائية ، والتى تعتمد على المياه الجوفية كمصدر للمياه ، بعد أن حرمتها الطبيعة الجغرافية من البحيرات والمجارى المائية لتظل أزمة إنتاج لحوم الأسماك الطازجة أكثر متطلباتها على طريق التنمية لتوفير الغذاء.
وهو الأمر الذى دفع أحد شباب قرى عزب القصر بمحافظة الوادى الجديد ، لترويض قسوة الصحراء بعد فشل العديد من مشروعات الإستزراع السمكى ، من خلال استغلال كميات المياه الجوفية المهدرة فى تربية أحد أنواع الأسماك النيلية بما يعود على الفلاح والزراعات بالربح وخصوبة التربة الزراعية فى مدة لا تزيد عن أربعة أشهر.
ورصدت عدسة تصوير الجمهورية أون لاين، زيارة الدكتور نبيل حنفى ، رئيس مركز ومدينة الداخلة اليوم الأحد ، يرافقه صابر حنفى مبارز، رئيس الوحدة المحلية لقرى عزب القصر لتفقد إحدى المشروعات الصغيرة القائمة على مياه الآبار الجوفية لغرض تربية نوع من الأسماك النيلية ، بعد نجاح شاب فى استغلال مياه الزراعات الفائضة لتربية أسماك البلطى وعمل أحواض تضم حضانات تفريخ اسماك ، بمعدلات إنتاج فائقة على مدار العام ، فى سابقة هى الأولى من نوعها بالوادى الجديد.
من جانبه ، أشاد الدكتور نبيل حنفى رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة الداخلة ، بنتائج المشروع ، ومعدلات الإنتاج العالية من أسماك طازجة ونظيفة بأحجام مناسبة للشراء ، فضلا عن نجاح عملية التفريخ فى احواض جانبية لضمان استمرار دورة الإنتاج دون الحاجة لشراء ونقل زريعة اسماك من أماكن بيعها فى محافظات مصر المجاورة.
واضاف "حنفى" ، إن مثل هذه المشروعات الحيوية ذات العائد الإقتصادى الجيد ، تؤكد قيمة ودور الشباب فى ترجمة أفكارهم إلى أهداف تتحقق بمرور الوقت لخدمة المزارعين وتلبية احتياجات المواطنين من منتجات طازجة من الأسماك بفضل إصرارهم وبذلهم الجهد فى سبيل خلق فرص العمل لمجابهة أعباء الحياة.
وفى سياق متصل ، أشار صابر حنفى مبارز ، رئيس قرى عزب القصر بلداخلة ، الى حرصه الدائم على متابعة تنفيذ مثل هذه التجارب الخاصة بمشروعات الشباب بدءاً من توفير معدات الحفر والصرف وشبكات الرى على مساحة 400 متر تقريبا بمحازاة إحدى الحقول على بعد 2 كيلو متر من مساكن القرية داخل الزراعات لمجموعة من شباب القرية الواعدين.
ولفت "مبارز " أنه فى غضون الأشهر الماضية استطاع محمد وشركاؤه تهيئة بحيرة مياه صناعية صغيرة بعمق متر ونصف وربطها على ماكينة ديزل لشفط المياه وأخرى لضخ الأكسجين ، بجانب تركيب شبكة صرف تقوم برى الزراعات المجاورة محملة بامونيا الأسماك لضمان تقليل الهدر أثناء تغيير مياه البحيرة ورفع كفاءة إنتاجية المحاصيل الزراعية.
وتابع ، أن الحقائق والإستنتاجات وما حققه المشروع من نتائج خلال زيارة اليوم ، تؤكد صلاحية تربية الأسماك على مياه الآبار الجوفية فى واحدة من أهم متغيرات الطبيعة الصحراوية لما تتمتع من سمات خاصة جعلتها تصلح لتغذية الأسماك على مدار العام صيفا وشتاء بدون عوامل تدفئة أو تحصينات أدوية لتنمو عليها الأسماك بسرعة فائقة بفضل أشعة الشمس ودفء مياه الآبار وماتحمله من رواسب تساهم فى حماية عمليات التفريخ وزيادة الأوزان بفارق شهرين على الأقل عن المحافظات الأخري.
وفى نفس السياق ، أكد محمد فوزى صالح 32 عاما ، صاحب أول مشروع محلى لتربية أسماك البلطى على مياه الآبار الجوفية بقرية عزب القصر ، بمحافظة الوادى الجديد ، فى تصريح خاص لبوابة الجمهورية أون لاين، أنه لم يكن يتوقع أن يتحول طموح مجموعة من الشباب وحلم عشرات الأعوام إلى حقيقية جسدت واقعا ملموسا كان بمثابة ضربا من المستحيل تحقيقه لأجيال متعاقبة فى بيئة صحراوية لا تتمتع بمزايا خاصة سوى بالهدوء والطبيعة الخلابة ودفء المناخ ومزارع النخيل ، والتى تبعد مسافة ألف كيلو متر عن مركز العاصمة فى ظل عدم وجود بحيرات أو مجارى مائية وروافد لمسطحات المياه.
وأشار " فوزى " إلى أن ذلك كان من أهم أسباب نجاح فكرة مشروعه القائم على مساحة 400 متر مربع للتربية وحضانات التفريخ بتكلفة 30 ألف جنيه ، بالإعتماد على مياه الآبار الجوفية لإستزراع أسماك البلطى وتسويق لحومها الطازجة بأسواق المراكز ، بمعدل كثافة متفاوتة بواقع 110 سمكة للمتر الواحد و500 جرام صافى أوزان قابلة للزيادة بعد النضج وذلك على مدار 5 أشهر من بدأ الدورة.
وتابع ، أن التجربة أثبتت مدى ملائمة مياه الآبار الجوفية بالواحات الداخلة لتربية الأسماك بمختلف أنواعها ، مؤكدا أن لأشعة الشمس ودفء المياه الغنية بالمعادن والرواسب البركانية على مدار العام الدور الأبرز والأهم لنجاح التجربة وكسر القاعدة بما يتناسب مع متطلبات تغذية الأسماك وظروف معيشتها فى مناخ آمن وملائم لإستمرار دورة التربية دون معوقات ، إضافة إلى فارق النمو الزمنى بمتوسط شهر ونصف على أقل تقدير وسرعة التفريخ قبل الوصول لمرحلة النضج الأخيرة للأسماك ، وخاصة أن دورة الأسماك بالمزارع الأخرى تستغرق 6 أشهر بسبب المتغيرات المناخية وخاصة في فصل الشتاء.
وأوضح ابن ال32 عاما ، أن كل كيلو علف يتم استخدامه لتغذية الأسماك، ينتج في الماء قرابة 130 جرام نيتروجين صافى كمخلفات سهل الامتصاص للنبات، وأن النيتروجين يعد من العناصر المغذية للتربة بشكل كبير، وصرف مياه الأسماك واستخدامها في الزراعات النباتية يزيد من الإنتاج الزراعي للمحاصيل بمعدل لا يقل عن 30 %، وأن كل فدان استزراع سمكي مكثف يكفي لرى من 100 إلى 150 فدان أرض صحراوية.
وكشف صاحب أول مشروع لتربية أسماك البلطى وحضانات تفريخ بعزب القصر ، بأن إجمالى تكلفة مشروعه بلغت 30 ألف جنيه قام من خلالها بتجهيز قطعة الأرض وتنفيذ أعمال الحفر وتركيب شبكات صرف ومواتير (ديزل) لشفط وتغيير المياه أسبوعيا بجانب شراء 2 طن أعلاف (ألر أكوا) عالى الجودة لتغذية اسماكه على مدار الموسم وشراء 5 آلاف زريعة بلطى نيلي من إحدى مفارخ مشروعات الإستزراع السمكى بمحافظة كفرالشيخ.
ويسعى خلال الفترة المقبلة لتوسيع دائرة إنتاجه ، وخاصة أن مياه البحيرة يتم استغلالها لرى الزراعات المجاورة مما يقلل من فرص إهدار المياه وتعظيم الإستفادة باستغلال امونيا الأسماك فى رفع كفاءة خصوبة الأرض وتوفير تكلفة شراء الأسمدة الكيماوية والعضوية، بالإضافة إلى زيادة معدلات الإنتاج بمرور الوقت فى المحاصيل الزراعية.
وتجدر الإشارة إلى أن أهمية القدرة على التحكم في العوامل البيئية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بتطور الأجنة واليرقات حديثة الفقس من المراحل الحساسة التى تحتاج إلى عناية خاصة تتمثل في حضانة جيدة وبيئة مناسبة، وذلك بوضع اعتبار خاص لكل من درجة حرارة الماء، الضوء، جودة وتدفق الماء، الحماية من الصدمات ونوعية وحجم البيض، مع مراعاة أخذ البيض من أمهات الأسماك والذى من شأنه أن يعطى الفرصة لزيادة إنتاج البيض بتقليل الزمن لحدوث أو ظهور تبويض ثان.
اترك تعليق