تولى والدها منصب وزير الزراعة في يوم زواجها من السلطان فؤاد وكان خلافها مع الملك فاروق من أهم عوامل سقوط حكم أسرة محمد علي باشا وكان آخر لقاء لها مع الملك فاروق في سنة 1946، قبل وفاته بتسعة عشرة سنة.
على الرغم من اتفاق معظم مؤرخي مصر في العصر الحديث على أن الملكة نازلي كانت أحد أهم أسباب سقوط حكم أسرة محمد علي إلا أنها كانت أكثر من تعرض للتشويه المتعمد من رموز العهد الملكي ليس في عهد 23 يوليو فحسب، بل في نهاية العهد الملكي كذلك.
فالملكة نازلي لم تتواطأ مع شيخ الأزهر سنة 1936 للتحايل على قانون وراثة العرش كما أن قصة زواج الأميرة فتحية سنة 1950 من رياض غالي مع احتفاظه بديانته المسيحية غير صحيحة. كما تبقى قصة تحولها للديانة المسيحية سنة 1970 أمرا مشكوك فيه ولا يوجد عليه إثبات دامغ.
ولدت نازلى هانم بنت عبد الرحيم باشا صبري في قصر أبيها في ضاحية سان ستيفانو بالإسكندرية في مثل هذا اليوم 25 يونيو 1894.
أمها هي السيدة توفيقة شريف كريمة الشريف محمد شريف باشا أبو الدستور المصري من زوجته نازلي هانم بنت سليمان باشا الفرنساوي.
كان والدها عبد الرحيم باشا صبري يشغل منصب مدير مديرية المنوفية، ثم أسند إليه منصب وزير الزراعة في يوم عقد قران ابنته على السلطان فؤاد الأول في 25 مايو 1919. و بزواجها من السلطان، حصلت نازلى على لقب "سلطانة مصر" وهي في الخامسة والعشرين من عمرها.
أقامت نازلي في بداية حياتها الزوجية في قصر البستان بمنطقة باب اللوق بالقاهرة - وهو القصر الذي هدم فيما بعد وأقيم مكانه سوق وجراج البستان الحالي - قبل انتقالهما للعيش في قصر عابدين.
تزامن زواج فؤاد ونازلي مع تبعات ثورة 1919 وما صاحبها من حراك في الحس الوطني لدي جموع المصريين وكانت صلتها بـ صفية هانم زغلول وتعاطفها مع أعضاء حزب الوفد سببا في اختلاف رؤيتها السياسية عن رؤية السلطان فؤاد.
ظلت نازلي تتنقل مع زوجها بين القصور وأنجبت له خمسة من الأبناء خلال السنوات العشر التي أعقبت زواجها أطلق عليهم الملك فؤاد أسماء تبدأ بحرف الفاء الذي كان يتفاءل به حسبما بشرته إحدى العرافات.
ففي 11 فبراير 1920 انجبت نازلي أول أبنائها الأمير فاروق في قصر عابدين ثم أنجبت الأميرة فوزية في قصر المنتزه في 5 نوفمبر 1921.
وفي 15 مارس 1922 تم إعلان استقلال مصر وقيام المملكة المصرية فأصبحت نازلي ملكة مصر المتوجة منذ ذلك التاريخ كما أصبح ابنها الأمير فاروق ولي عهد المملكة المصرية بموجب قانون وراثة العرش في أسرة محمد علي والذي صدر في إبريل من عام 1922.
ثم رزقت نازلي بمولودتها الثالثة وهي الأميرة فايزة التي ولدت في قصر عابدين في 8 نوفمبر 1923.
ثم ولدت الأميرة فائقة في 8 يونيو 1926 في الإسكندرية.
وأخيرا رزقت بـ الأميرة فتحية، الخامسة في سلسلة الأبناء والتي ولدت في قصر عابدين في 17 ديسمبر 1930.
في 28 إبريل 1936، توفي الملك فؤاد فقطع ابنها فاروق رحلته الدراسية في إنجلترا وعاد إلى القاهرة ليجلس على عرش مصر في 6 مايو 1936 فأصبحت نازلي هي الملكة الأم منذ ذلك التاريخ.
ينسب إلى الملكة نازلي أنها تواطأت مع الشيخ المراغي لاستصدار فتوى تقضى بحساب عمر الملك فاروق بالسنين الهجرية حتى يتولى العرش قبل أن يبلغ 18 عاما شمسية وهذا خطأ تاريخي يندرج تحت الجهل بتاريخ مصر آنذاك حيث أن نازلي لم يكن بمقدورها فعل ذلك. وحقيقة الأمر إن فاروق تولى حكم مصر بحسب القانون وراثة العرش في مصر آنذاك والذي كان يقضي بأن الملك القاصر يتولى الحكم في وجود مجلس للوصاية على العرش حتى يبلغ 18 سنة هلالية وهو ما حدث تماما وقت تولي الملك فاروق مقاليد الحكم في مصر دون أي تواطؤ أو تزييف. ولا يمكن الجزم كذلك بتدخلها في اختيار شقيقها شريف باشا صبري ضمن هيئة الوصاية على العرش. فأسماء الأوصياء الثلاثة (محمد علي توفيق باشا وعزيز عزت باشا وشريف باشا صبري) قد حددها الملك فؤاد سلفا وأودع نسختين من أسمائهم في مجلس الأمة وفي الديوان الملكي حيث تم مطابقة النسختين بعد وفاته لإقرار مجلس الوصاية.
احتفظت الملكة نازلي بلقب الملكة الأم بعد زواج الملك فاروق والملكة فريدة في عام 1938 وظلت نازلي تشارك في المناسبات الاجتماعية المختلفة وكانت خلافاتها الدائمة مع الملك فاروق سببا في حدوث جفوة بينهما اتسعت عندما سافرت الملكة نازلي مع بناتها الأميرات إلى مدينة القدس بالقطار في 11 ديسمبر 1942 دون أن يودعها الملك فاروق عند سفرها.
أقامت الملكة نازلي والأميرات في فندق الملك داوود في القدس وكانت التقارير تصل إلى الملك فاروق طوال فترة إقامتهن حول قيامهن بالرقص مع جنرالات الجيش البريطاني في القدس فاستشاط الملك فاروق غضبا واتصل بالملكة نازلي وطلب منها العودة إلى القاهرة فورا إلا أنها رفضت وقالت له: إنت كرهتني فى مصر ومش هرجع لها تاني لا أنا ولا الأميرات.. وهنسيبهالك تعيش فيها لوحدك.
أمر الملك فاروق أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي بالتدخل لإعادة الملكة نازلي والأميرات فلم يجد حسنين باشا أفضل من مصطفى النحاس باشا لحل هذه الأزمة فطلب منه السفر إلى القدس لإقناع الملكة نازلي بالعودة إلى القاهرة.
وبالفعل سافر النحاس بصحبة زوجته زينب هانم الوكيل صديقة الملكة نازلي لإقناع الملكة نازلي بالعودة إلى مصر فوافقت بعد إلحاح استمر لمدة سبعة أيام اشترطت بعدها أن يكون الملك فاروق في استقبالها على محطة الوصول عند عودتها إلى القاهرة، فوعدها النحاس بذلك فنادت الملكة نازلي على الأميرات وقالت لهن: «الباشا والهانم حضرا لإقناعي بالعودة إلى مصر، وأنا لا أستطيع أن أرد لهما طلبا».
رجع النحاس باشا إلى مصر سعيدا بنجاحه في إقناع الملكة نازلي بالعودة لكنه فوجئ برفض الملك فاروق على شرط استقباله للملكة نازلي في محطة القطار إلا أن النحاس باشا تمكن من إقناعه بالعدول عن رفضه فانتهت الأزمة وعادت الملكة نازلي إلى القاهرة قبل عيد ميلاد الملك فاروق في 11 فبراير 1943 بعدة أيام وكان الملك فاروق في استقبالها.
يقول الكاتب الصحفي محمد التابعي إن الملكة نازلي تزوجت عرفيا من أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي آنذاك بمعرفة الملك فاروق ويزيد قائلا إن شهود عقد القران كانا سليمان باشا نجيب مدير دار الأوبرا المصرية آنذاك ومراد باشا محسن ناظر الخاصة الملكية.
ثم وقع الخلاف الأخير بينهما بعد مصرع أحمد حسنين باشا في 19 فبراير 1946 بعد أن اصطدمت سيارته على كوبري قصر النيل بسيارة لوري تابعة للقوات البريطانية.
أصيبت الملكة نازلي بالحزن بعد وفاة حسنين باشا ووقعت بينها وبين الملك فاروق جفوة بعد أن اتهمته بتدبير حادثة قتله.
ثم طلبت الملكة نازلي أن تسافر مع ابنتيها فائقة وفتحية إلى فرنسا بحجة العلاج من مرض الكلى فوافق فاروق على سفرها دون أن يعرف أنها ستكون المرة الأخيرة التي يرى فيها أمه.
في نفس الوقت، كانت نازلي قد بيتت النية على مغادرة مصر دون عودة، فجمعت ما تسنى لها من أموال في سرية تامة وسافرت إلى فرنسا بصحبة ابنتيها فائقة وفتحية.
وفي ميناء مارسيليا الفرنسي، كان رياض غالي ـ الموظف القبطي بقنصلية مصر في مارسيليا ـ في استقبالهن وقد عهد إليه بمهمة الإشراف على نقل حقائبهن أثناء إقامتهن في أوروبا.
سافرت نازلي إلى سويسرا ومنها إلى فرنسا فظلت بها للعلاج لعدة أسابيع إلا أن حالتها لم تتحسن فسافرت إلى سان فرانسيسكو الأمريكية بصحبة ابنتيها ورياض غالي في سنة 1950.
بعد سفر الأميرة فائقة بصحبة أمها وأختها فتحية إلى مدينة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية، لحق بهم فؤاد أحمد صادق وباركت الملكة نازلى زواجه من فائقة وتم عقد قرانهما في 5 أبريل 1950 وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية بواسطة إمام مسجد «ساكرامنتا» بكاليفورنيا.
وكان الملك فاروق قد رفض زواج اخته فائقة في سنة 1944 من «فؤاد أحمد صادق» ضابط التشريفات بقصر المنتزه الذي أصدر فاروق أمرا بنقله إلى الخارجية ليبعده عن اخته فنقل للعمل كسكرتير ثالث للسفارة المصرية في إسبانيا ثم في الصين ثم في بولندا.
ثم تسارعت الأحداث، فبعد زواج فائقة تناقلت وكالات الأنباء خبر زواج فتحية ورياض غالى بعقد مدني بعد أن أشهر رياض غالي إسلامه في 10 مايو 1950 مما أثار جدلا وغضبا عارما في القاهرة. وسرعان ما صدرت الفتاوى التي توضح فساد الزواج حتى وإن أشهر غالي إسلامه طالما تم الزواج دون موافقة فاروق؛ ولي العروس.
وكانت الصحف قد ذكرت في وقت سابق أن رياض غالي قد تزوج من الأميرة فتحية دون أن يعلن إسلامه وكان هذا أمرا غير صحيح.
طالب فاروق أمه وأختيه بالعودة فورا إلى مصر فلم يستجبن له فطلب من الحكومة الأمريكية طردهن فلم تستجب له، فتم عقد مجلس البلاط الملكي في 20 مايو 1950 والذي أصدر أمره للملكة نازلي والأميرة فائقة والأميرة فتحية بالعودة إلى القاهرة فورا وإلا حرمن من ألقابهن وصودرت أملاكهن.
استجابت الأميرة فائقة لأمر أخيها فغادرت أمريكا عائدة إلى القاهرة بصحبة زوجها فؤاد أحمد صادق في يوم الأحد 21 مايو 1950، اليوم التالى لانعقاد مجلس البلاط.
عقب عودتهما، منح الملك فاروق لقب البكوية لفؤاد صادق بعد أن تم التصديق على زواجهما في قصر القبة بحضور الشيخ عبد الرحمن حسين وكيل الجامع الأزهر في 4 يونيو عام 1950.
عاشت فائقة وفؤاد صادق في قصر الدقي المطل على النيل ـ والذي اشترته من أختها الأميرة فوقية بنت الأميرة شويكار الزوجة الأولى لأبيها الملك فؤاد ـ وهو القصر الملحق الآن بمقر مجلس الدولة بحي الدقي بالقاهرة.
أما الملكة نازلي والأميرة فتحية، فلم تنصاعا لأوامر مجلس البلاط ولم تستجيبا لمساعي الوسطاء الذين ساقهم الملك فاروق، وأصرا على إتمام إجراءات زواج شرعية وعدم العودة لمصر فصودرت أملاكهن وجردن من ألقابهن.
وعلى عكس المعلومات الشائعة والمغلوطة عن زواج فتحية ورياض غالي، فقد تم عقد القران طبقا لتعاليم الشريعة الإسلامية على يد الإمام بشير أحمد منتو ( Ahmed Bashir Minto) وهو رجل دين باكستاني كان ضمن البعثة الإسلامية التي أرسلتها الجماعة الأحمدية بلاهور إلى مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأمريكية منذ عام 1947 لنشر الإسلام بها.
ثم مرت الأيام وقامت الثورة وغادر فاروق مصر في 26 يوليو 1952 وعاش في منفاه، ولم يرى أمه أو شقيقته فتحية مرة أخرى حتى وفاته في روما في 18 مارس 1965.
رغم مصادرة أموالها، قامت نازلي بشراء بيتين في كل من بيفرلي هيلز وهاواي وأعطت لرياض غالي توكيلا عاما لإدارة أموالها، لكنه خسر كل أموالها وابنتها في استثمارات فاشلة ورهن البيتين وتراكمت عليه الديون، مما اضطرها إلى أن تشهر إفلاسها سنة 1974.
انفصلت فتحية عن رياض غالي ونجحت مساعي أختها فوزية في التوسط لدى الرئيس الراحل محمد أنور السادات بالعودة إلى مصر لكن الأمور لم تسير حسبما أرادت حيث قام رياض غالي بإطلاق خمس رصاصات من مسدسه على رأس الأميرة فتحية في يوم الجمعة 10 ديسمبر 1976 فقتلها على الفور بعد أن تشاجرا في أمر عودتها إلى مصر. ثم أطلق رياض غالي الرصاص على رأسه وتم إنقاذه بصعوبة فأصيب بالشلل والعمى وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عام.
أما الملكة نازلي فقد عاشت بعد ذلك لمدة سنيتن مع ابنتها الأميرة فايزة في منتجع بيفرلي هيلز بمدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية حتى وفاتها في 29 مايو 1978 عن عمر يناهز 84 سنة ودفنت في مقبرة الصليب المقدس في مرتفعات لاديرا بكاليفورنيا.
ذكر الكاتب الصحفي الراحل جلال عيسى في كتابه "البرنسيسة والأفندي" إن الملكة نازلي والاميرتين فتحية وفايزة قد غيرن ديانتهن واعتنقن الديانة المسيحية لكن تبقى هذه المعلومة محلا للشك حيث انه جاء ذكرها فقط في هذا الكتاب ثم نقلها عنه الناقلون دون أن يتم العثور على أي دليل آخر بهذا الشأن.
اترك تعليق