هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

خطيب الحرم المكي : للنعم أصول ثلاثة
أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي المسلمين بتقوى الله -عز وجل - وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام :أيها المسلمون في كل مكان ، العيد شعيرة من شعائر الإسلام ، و موسم لتجديد المحبة و الوئام ، جعل الله أعيادكم سرورا ، و زادكم فرحا و حبورا ، و أعاده عليكم في رخاء و إيمان ، و أمن و أمان ، و صحة و عافية ، و رفع للوباء و الجائحة .

 

إخوة الإيمان : إن نعم الله تعالي لاتعد و لا تحصى ، و هي نعم ظاهرة و باطنة ، و رب نعمة خفية باطنة كانت أعظم من نعمة بينة ظاهرة ، فالعباد عاجزون عن عد النعم ، فضلاً عن القيام بشكرها ، و في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : الحمد لله كثيراً طيباً مباركاً فيه غير مكفي و لا مودع و لا مستغى عنه ربنا ، أي نعمك ربنا مستمرةً علينا غير منقطعة طول أعمارنا ، و لقد استشعر الناس في هذه الجائحة أصول النعم الثلاثة التي لا يمكن أن يهنأ عيش الإنسان إلا بها ، ففي سنن الترمذي بسند حسن قال النبي صلى الله عليه وسلم : من أصبح منكم آمناً في سربه ، معافاً في جسده ، عنده قوت يومه ، كأنما حيزت له  الدنيا ، ففي هذا الحديث الشريف تذكير بنعم اعتادها كثير من الناس حتى كادوا لا يشعرون بقيمتها ، فالأصل الأول من هذه النعم هو ما بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم من نعمة الأمن و الأمان في النفس و الأهل و الوطن و المال ، و هو ما بدأ به إبراهيم عليه السلام في دعائه للبلد الحرام : " و إذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا و ارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله و اليوم الآخر " . 

و لقد امتن الله تعالى على رسوله و أصحابه ، في تقديم نعمة أمن المأوى على الطيبات من الرزق ، فقال سبحانه : " و اذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم و أيدكم بنصره و رزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون " . 

فإذا عم الأمن البلاد ، و أمن الناس على دينهم و أنفسهم و أموالهم و أعراضهم ، ضربوا في الأرض و سعوا لطلب الرزق ، لا يخشون إلا الله تعالى ، فاللهم لك الحمد على نعمة الأمن و الأمان . 

و تابع بالقول : و أما الأصل الثاني من أصول التعم فهو طلب السلامة و العافية ، و هذه النعمة من أكرم المنن ، و من أفضل ما يهبه الله تعالى لعباده ، ففي مسند الإمام أحمد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لم تؤتوا شيئاً بعد كلمة الإخلاص مثل العافية ، فاسألوا الله العافية ، فمن سره أن تدوم له العافية ، فليتق الله تعالى في السر و العلانية ، و سؤال الله العافية فيه تقدير لنعم الله العظيمة ، و اعتراف بحاجة العبد لخالقه ، و دوام لطفه و عافيته ، و هو من أفضل الدعاء ، و أحبه إلى الله تعالي ، و كان صلى الله عليه وسلم حين يمسي و حين يصبح يقول : اللهم إني أسألك العافية في الدنيا و الآخرة ، اللهم إني أسألك العفو و العافية في ديني و دنياي و أهلي و مالي . 

و أضاف فضيلته : و الأصل الثالث من أصول النعم فهو حصول المرء لقوت يومه من طعامه و شرابه ، و الماء اعظم النعم و هو أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم ، ففي  سنن الترمذي بسند صحيح قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن أول ما يُسأل عنه يوم القيامة ، يعني العبد من النعيم أن يُقال له : ألم نصح لك جسمك ، و نرويك من الماء البارد ، ثم لتسألن يومئذ عن النعيم . 

فيا أخي المبارك إذا أردت راحة البال ، و حسن المآل فانظر في أمور الدنيا إلى من هو دونك ؛ حتى تعرف قدر نعمة الله عليك ، و انظر في أمور الدين إلى من هو فوقك ؛ حتى تعرف قدر تقصيرك في حق مولاك ؛ فتسعى إلى تكميل نفسك ، و يا مَن ألبسك الله تعالى ثوب العافية ، و مَنَّ على أهلك بالسلامة ، و كفاك قوت يومك ، و رزقك أمن قلبك ، و طمأنينة نفسك فقد جمع الله لك جميع النعم التي من ملك الدنيا لم يحصل على غيرها ، فاستقبل يومك بشكرها ، بأداء الواجبات ، و اجتناب المحرمات ؛ لتكون من الشاكرين . 

و قال فضيلة الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي في الخطبة الثانية : الحمد لله الذي مَن علينا بشريعة الإسلام ، و بتيسير الصيام و القيام ، و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ذو الجلال و الإكرام ، و أشهد أن سيدنا محمدا عبده و رسوله ، أفضل من تعبد لله ، و صام و قام  . 

إخوة الإيمان ، لقد ودعنا قبل أيام قلائل شهر كريم ، و موسم عظيم انقضت أيامه ، و تصرمت لياليه ، و طويت صحائفه ، فمن غنم فيه طهارة قلبه ، و زكاة نفسه أصبح بعد رمضان على الخير مقبلا ؛ لأن من علامات قبول الحسنة ، الحسنة بعدها ، و اعلم أخي المبارك أن العُجب و الرياء مفسدان للعمل ، فهذا إبراهيم عليه السلام لما بنى البيت الحرام بأمر من الله تعالى خشي ألا يتقبل منه فقال : " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم " . 

و في صحيح الجامع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو لم تكونوا تذنبون خشيت عليكم ما هو أكبر من ذلك العُجب العُجب ، فلذا كان السلف رضي الله عنهم يحذرون من العُجب ،  و يُحذرون منه ، و لئن انقضى شهر الصيام فقد جعل الله الحياة كلها فرصة للصيام و القيام ، فاستكثروا من النوافل و القربات ، و استبقوا الخيرات ، ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من صام رمضان ، ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر ، و ذلك لأن الحسنة بعشر أمثالها ، فرمضان بعشرة أشهر ، و الأيام الستة بشهرين ، و عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا ، و جاء الحث على صيام الاثنين و الخميس من كل أسبوع ، و أيام البيض من كل شهر ، و لنعلم معاشر المؤمنين أن أفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل ، و في سنن أبي داود بسند صحيح قالت عائشة رضي الله عنها : لا تدع قيام الليل ، فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان لا يدعه ، و كان إذا مرض أو كسل صلى قاعدا . 

و بين فضيلته أن طرق الخير كثيرة ، و سبل الفلاح ميسرة ، و رحمة الله واسعة ، و أبواب الجنة ثمانية ، فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الريان . 

و جاء سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه و أرضاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله : قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك قال : قل آمنت بالله ، ثم استقم . رواه مسلم ، أي استقم على توحيد ربك و شرعه ؛ حتى تلقاه وهو راض عنك ، فإن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت ، فأحب العمل إلى الله تعالى أدومه و إن قل ، فقليل دائم خير من كثير منقطع ، و الكثير الشاق يورث السآمة و الملل ، و الانقطاع و ترك العمل .





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق