تمتلئ صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بمئات بل الآلاف من الصور التي يعرضها أصحابها على صفحاتهم الشخصية ، فالبعض يقوم بنشر صور تتعلق بنوعية الأسلحة التي يمتلكونها كنوع من الفخر والتباهي كعادة من عادات الشخصية العربية المنتشرة لدي بعض البلدان وبخاصة لدي أبناء بعض القبائل ، وهو أيضا يمكن تصنيفه من وجهة نظر أخرى كنوع من التقليد الأعمى لبعض الشخصيات البطولية بأفلام المغامرات والحروب ، وهو الآمر الذي غالباً ما يستهوي قطاع كبير من الشباب والأطفال ايضاَ ، ولا يخفى على احد ان هذا الامر ربما يكون فقط بغرض التباهي والتقليد بيد أنهم ربما يجهلون بأن تلك الصور التي يتفاخرون بها ربما تجعلهم عرضه للمسائلة القانونية ، بل وترتب بحقهم مسائلة قانونية تعرضهم لصدور حكم بالحبس ضدهم .
وربما ايضا لا يقتصر الأمر على نشر صور الأسلحة النارية والخرطوش فقط ، على سبيل التقليد اعمي لبعض الأفلام وابطالها وهم حاملين أسلحة أيضا بيضاء وسيوف وما شابه ، بل أن الحال تجاوز هذا النطاق حتى وصل الي نشر بعض الأشخاص صور لهم حال تناولهم وتعاطيهم للمواد المخدرة في بعض الجلسات الخاصة او حتي في بعض الاحتفالات والافراح والمناسبات ، وربما يتجاوز الآمر أيضا هذا النطاق ويقفز بنا الي منطقة اكثر خطورة مما سبق وهو ما يتمثل في نشر صور او تدشين صفحات ومواقع تبث محتوى مرئي يحرض على الفسق والفجور وهو ما انتشر بشكل لافت في الأونه الأخيرة من خلال عدد من تطبيقات الإنترنت والتي تصدت لها النيابة العامة الموقرة بشكل حاسم وحازم ، وعبرت عن هذا لآمر ببيانات إعلامية متتابعة عن كل واقعة يتم ضبطها على حده ، معبره عن أن الجرائم السيبرانية باتت خطر يهدد امن واخلاق هذا المجتمع مما استلزم من جميعاً الحيطة والحذر .
ومن خلال ما يلي سنحاول عرض حدود وابعاد بعض الجرائم المتعلقة بنشر صور تتعلق بعرض صور على صفحات المواقع فيسبوك أو تويتر وانستجرام ، حال حمل أي شخص للأسلحة الغير مرخصة ، أو عرض صورة لشخص يتعاطى المواد المخدرة وهل هذا يعرضه للمسائلة القانونية ويكون هذا الشخص عرضه لعقوبة الحبس أو السجن ؟
جرائم عرض صور وفيديوهات لتعاطي مواد مخدرة :
يجب أن نعلم بانه من الناحية الإجرائية إنه في حال تداول فيديوهات أو صور أو اى محتوي مرئي او مسموع لأي شخص يتضمن حيازته أو تعاطيه للمواد المخدرة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ، فهنا لا تثبت الجريمة في حقه إلا إذا أقر واعترف المتهم بهذه الواقعة صراحة أمام الجهة المنوط بها التحقيق وتوجيه الإتهام وهي النيابة العامة .
ثانياً : يجب أن نعلم بأنه لا يعتد بالاعتراف بالجريمة أمام جهة الضبط وجمع الاستدلالات وهي المتمثلة في الشرطة ، ويرجع السبب القانوني في ذلك لخلو الأوراق من حرز أو دليل فني يثبت أن ما يحوزه المتهم صاحب الصورة في الأصل يعد مواد مخدرة ، او غير ذلك ، حيث لا يمكن أن يعتد بهذه الحالة بأنها حالة تلبس صحيحة ، فهو أمر يوصف كونه دليل ظني ، يخضع للكذب والصحة ، ومن المؤكد خلو الأوراق في هذه الحالة من تقرير معمل جنائي يثبت ماهية الجريمة ، وهل المادة المعروضة بصور الشخص هي احدي المواد المدرجة بالجداول الملحقة بقانون المخدرات من عدمه ، هذا ومن والمتعارف عليه فقهاً بأن إسناد الاتهام في مجال القضاء الجنائي لا بد أن يقوم على دليل صريح وجازم وطبقاً لقواعد الإحالة والتصرف في القضايا الجنائية نفاذا لنصوص المواد 63 و 214 من قانون الإجراءات الجنائية المصري .
اذ تنص المادة 63 إجراءات جنائية على ( إذا رأت النيابة العامة في مواد المخالفات والجنح أن الدعوى صالحة لرفعها بناءً على الاستدلالات التي جمعت تكلف المتهم بالحضور مباشرةً أمام المحكمة المختصة.
وللنيابة العامة في مواد الجنح والجنايات أن تطلب ندب قاض للتحقيق طبقاً للمادة 64 من هذا القانون أو أن تتولى هي التحقيق طبقاً للمادة 199 وما بعدها من هذا القانون.
وفيما عدا الجرائم المشار إليها في المادة 123 من قانون العقوبات لا يجوز لغير النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة رفع الدعوى الجنائية ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجناية أو جنحة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها.
واستثناء من حكم المادة 237 من هذا القانون, يجوز للمتهم عند رفع الدعوى عليه بطريق الادعاء المباشر أن ينيب عنه في أية مرحلة كانت عليها الدعوى وكيلاً لتقديم دفاعه, وذلك مع عدم الإخلال بما للمحكمة من حق في أن تأمر بحضوره شخصياً.)
بينما يجري نص المادة 214 إجراءات جنائية على أنه ( إذا رأت النيابة العامة بعد التحقيق أن الواقعة جناية أو جنحة أو مخالفة وأن الأدلة على المتهم كافية رفعت الدعوى إلى المحكمة المختصة، ويكون ذلك في مواد المخالفات والجنح بطريق تكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة الجزئية ما لم تكن الجريمة من الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر - عدا الجنح المضرة بأفراد الناس فتحيلها النيابة العامة إلى محكمة الجنايات مباشرة.
وترفع الدعوى في مواد الجنايات بإحالتها من المحامي العام أو من يقوم مقامه إلى محكمة الجنايات بتقرير اتهام تبين فيه الجريمة المسندة إلى المتهم بأركانها المكونة لها وكافة الظروف المشددة أو المخففة للعقوبة ومواد القانون المراد تطبيقها، وترفق به قائمة بمؤدى أقوال شهوده وأدلة الإثبات، ويندب المحامي العام من تلقاء نفسه محامياً لكل متهم بجناية صدر أمر بإحالته إلى محكمة الجنايات إذا لم يكن قد وكل محامياً للدفاع عنه، وتعلن النيابة العامة الخصوم بالأمر الصادر بالإحالة إلى محكمة الجنايات خلال العشرة أيام التالية لصدوره.
ويراعى في جميع الأحوال حكم الفقرة الأخيرة من المادة 63.
على أنه إذا شمل التحقيق أكثر من جريمة واحدة من اختصاص محاكم من درجة واحدة وكانت مرتبطة تحال جميعها بأمر إحالة واحد إلى المحكمة المختصة مكاناً بإحداها فإذا كانت الجرائم من اختصاص محاكم من درجات مختلفة تحال إلى المحكمة الأعلى درجة، وفي أحوال الارتباط التي يجب فيها رفع الدعوى عن جميع الجرائم أمام محكمة واحدة، إذا كانت بعض الجرائم من اختصاص المحاكم العادية وبعضها من اختصاص محاكم خاصة، يكون رفع الدعوى بجميع الجرائم أمام المحاكم العادية ما لم ينص القانون على غير ذلك.)
جرائم عرض صور وفيديوهات لحيازة الأسلحة النارية والبيضاء :
ويلاحظ ايضاً انه في حالة وجود صورة أو فيديو للشخص يقوم فيه بحيازة أسلحة نارية أو بيضاء ، وقام بنشر هذا المحتوى على احد مواقع التواصل الاجتماعي المتعارف عليها ، فهنا يرد استثناء ومضمونه هو أنه في حالة ما اذا ثبت فنياً بأن الفيديو المعروض للشخص مثلاً يقوم فيه يقوم بإطلاق أعيرة نارية ، فأن يقع تحت طائلة قانون الطوارئ الذي أقره الدستور نظرا للظروف الأمنية التي تمر بها البلاد طبقا للمرسوم بقانون رقم ٦٠ لسنة ٢٠١٩ ، وتكون الأحكام الصادرة من محكمة أمن الدولة العليا نهائية وباتة لا يجوز الطعن عليها.
الإعلان عن جرائم الفسق والفجور :
ويلاحظ أيضاً ( وهو ما انتشر بشكل ملحوظ مؤخراً ) انه هناك عدد من مستخدمي بعض التطبيقات مثل ( تيك توك – و ميوزكلي ) بنشر فيديوهات ذات محتوي مثير للغرائز ، وهو ما يصنف قانوناً في بعض الحالات على انه جريمة اعلان عن الفسق والفجور ، وهو ما يمكن أن يتحقق من خلال نشر صورة أو منشور عبر فيس بوك أو أي موقع تواصل اجتماعي اخر ، فأنه ووفقاً لقانون الآداب العامة رقم ١٠ لسنة ١٩٦١ ، وبخاصة ما ورد بالمادة ١٤ منه على أن ( يعاقب كل من أعلن عن الفسق والفجور بالحبس والغرامة والمراقبة مدة مثيلة للحبس ) ، وذلك بشرط أن يتوافر القصد الجنائي للفاعل كمثل من أعلن عن حفلات الشواذ ، وأن كان ذات القانون لا يعاقب المثليين ويفتقد ذلك النص الهام وهو ما نقدره بأنه يمثل فراغ تشريعي وجب على المشرع المصري رأب الصدع الحاصل به ، وسد هذا الفراغ بمواد قادره على تحقيق الردع الخاص والردع العام لمثل تلك الجرائم المنافية للفطرة البشرية السليمة .
ويلاحظ ايضاً أن مجرد الإعلان عن الفجور يشكل جريمة تستوجب العقاب ، وعلى الرغم أن ذلك القانون لا يعاقب الرجل الذي يمارس الفجور ، بل ويعتبره شاهدا فقط على الأنثى التي تتاجر بجسدها ، إلا أنه يعاقب الرجل في حالة إعلانه للفجور أو في حالة إدارة منزل للفسق ، حيث أن من الحالات التي يطبق عليها قانون الآداب العامة رقم 10 لسنة 1961 ، أنها كحالة المنشور الذي يحتوي على جمل صريحة بأن صاحبها شاذ جنسيا ويحرض المواطنين على اتباعه ، أو أن تنشر امرأة صورا فاضحة أو منشورا فاضحا يحض على الفسق والفجور ويدعو الناس الي التعاطي معها فيما ذهبت اليه من مسلك منافي للأخلاق والآداب العامة ، وهو ما تصدى له قانون الآداب العامة رقم 10 لسنة 1961 بحزم .
اترك تعليق