هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

شرفة الطابق الخامس
عقب وفاة زوجته لازم الشقة ملازمة تامة توفت زوجته منذ سنيتن ، ومن بعدها تحولت الشهور السنين إلي شئ واحد روتين يومى لا يربطه أى شئ بالعالم الخارجي سوى السبت الذي ينزله لنا لكى نضع له التموين الشهري من السوبر ماركت ، لا يخرج الا للضرورة القصوى، يخفض السبت لنضع له من السوبر ماركت التموين الشهري وأأخذ حسابى.

 

ينظر لى بنصف جسده المائل فوق سور الشرفة أمد له يدى داخل السبت فأنا المتخصص في وضع طلباته وطلبات جميع سكان هذة العمارة المقابلة لنا والتى تعد أقدم عمارة بشارعنا، لم يتطرأ عليها التجديد بعد، أظن أنها لم تجدد لعدم رغبة سُكنيها في إحداث أى تجديدات بها، أبي دائماً لا يهتم بشأن هذة العمارة فقد كلفنى بمطالب سكنها أما هو فاما يدخن سيجارته او يحاسب زبوناً بالمحل او يتحدث في الهاتف، أخذ المال وأضع التموين بالسبت، وبعد ذلك يرتفع السبت حتى يقف عند الطابق الخامس، فعم يحيي صلته بالحياة هو الحبل الممدود بينى وبينه الذي يوضع به " ربع جنبية رومى، نصف جبنة برميلي، نصف بسطرمة، ربع مخلل،عيش فينو سن، نصف كرتونة بيض ، علبة شاى 400 جرام، علبتين سجاير" لم أجده أبداً يطلب أى شئ خاص باللحوم فعرفت أنه قاطع اللحوم والدواجن منذ وفاة زوجته أو لأنه لا يعرف الطبخ، أتسأل دائما عن مصدر دخله فيجيب أبي معاش التربية والتعليم ، وقيراطين الأرض بالصعيد معيشنه أحلي عيشه، أى حياة يعيشها و التى يعتقدها أبي أحلي عيشه هل تعد ذلك حقاً، في كل مرة أراه بشرفته أحاول تتبع شيب رأسه الذي يزيد يوماً عن الأخر.
يأتى يوم الجمعة من كل أسبوع لأبدأ روتينى الأسبوعي اخرج يوم الجمعة من سجن السوبر ماركت الذي يعد مكان عملنا أنا وأبي وأيضاً مسكنى منذ أن أتينا من الشرقية، يوم الجمعة يعد يوم الافراج والخروج من جدران هذا المحل أذهب لشراء جريدة الاهرام، لا احتاج سوى مكان عمل يأوينى يخرجنى من هذة الحياة ،غير ذلك لا يهم بالنسبة لي، أجلس علي المقهى أمامى طاولة فوقها مفرش بلاستيك، أطلب قهوتى المظبوطة بالبن المعتاد علي شربه دائماً ، أترقب الشنط البلاسكتية من محل الاحذية الذى أمامىرهذا المحل لا يخلو من الزبائن وخاصة بيوم الجمعة أنه يوم التخفيضات الأسبوعية، فيوم الجمعة يمثل أفراج لجميع البشر إفراج لي من السوبر مركت وافراج للاحباء من عملهم والخروج للتنزة، ياكلون درة مشوى او ترمس، ياكألون من مطعم ابو مازن الشهير بالمأكولات السورية، أتسأل دائماً ماذا يمثل يوم الجمعة للاستاذ يحيي فهو لايخرج أبداً من شقته، أظل أبحث بوظائف الاهرام الاسبوعية لكن جميع محاولات بحثي تبوء بالفشل فأجد نفسي أعود مرة أخري الى محل البقالة، واستخدم باقي ملحق الجريدة كمفرش لطاولة التى نضع عليها طعامنا، كنبة بلدى عليها بطانية وطاولة صغيرة، بوتاجاز مسطح صغير علية شاى وسكر والثلاجة فيها جبن وبسطرمة وبيض وخبز، وكراتين بضائع المحل هذا هو محيط معيشتنا أنا وأبي ، أظل أتخيل شقة الاستاذ يحيي هل يشعر مثل ما نشعر به نحن ، تُرسم بمخيلاتى رسومات مختلفة للشقة أتخيلها بأشكال مختلفة في كل مرة يخوض عقلي تخيل جديد لرسمها أتسأل " هى الشقة كام متر؟" وكل مرة يجيب والدى " دى العمارة دى أكبر مساخة ف الشارع تعملها يجي 220 متر..بس صحابها فقرين خليهم كده لحد ماتقع علي اللى فيها" أشعر أن رفض احدثيات العمارة للحماية من مخاطر هدمها يأتى من قبل عم يحيي او من قبل السكان .
ليأتى اليوم الذي يحدث فيه الحدث المتوقع وهو خروج السكان بالاجبار لاعادة ترميم العمارة لكونها قايله للسقوط ، جاء اليوم لخروج الاستاذ يحيي الى الشارع.
جاء اليوم للخروج من العمارة وجاء اليوم الذى أدخل الى العمارة بدون ان يشعر أحد فقد تخللنى الفضول الذي تملكى منذ قدومى للقاهرة لمعرفة شقق هذة العمارة وخصوصاً شقة الاستاذ يحيي ، وجدت لذة بالغة في اكتشاف هذا العالم لأجد نفسي أصعد لداخل العمارة أتجول داخل الشقة لأول مرة أري الشارع من أعلي الشرفة أنظر لأسفل علي المارة ولا أنظر لأأعلي وأنا أضع التموين بهذا السبت الشقة كبيرة ولكنها دون أى روح وسط الصالة انترية اسيوطى قديم،مطبخ طويل وضيق، يحتوى ع تلاجة ايديل بيضاء اللون، غرفة نوم صغيرة بها سرير خشبي، دولاب بعرض الجدار، هناك شرفة ملحقة بغرقة النوم، صغيرة ايضا، الشقة كأنها مليئة بحياة رمادية، أري النتيجة التى لم تقطع ورقة منها منذ شهر يناير لعام 2018 تجري ايام وتتسرب من بين الاصابع ، لكن لا يهمنى هذا الان.
أعود مرة أخري للشرفة وأنظر لأسفل علي المارة بالشارع، أفكر كيف يسير الاستاذ يحيي كيف يشعر أثناء سيرة مسارات طرق المواصلات، فقد مر سنتين حدث فيهما تغييرات كثيرة تغيير لا يعرف عنه اى شئ ، من المؤكد أتخيل أنه الان لا يعرف في أى اتجاة يسير من المؤكد أنه قد نسي ارقام الاتوبيسات ، لا يعرف ركوب مترو الانفاق لا يهم اى شئ سوى النظام المتخيل، صوت اغانى ام كلثوم يالها من صوت رائع لكن من الشخص المجهول الذي يستمع لها فالعمارة كلها خاوية من السكان ، حاولت صرف تفكيري عن هذة الافكار والتساؤلات فأنا الان بداخل العمارة فكانت هذة الافكار تشغل وقتى وتفكيري بسبب كثرة تحديقي بالعمارة توهمت ان اشخاص جميع الطبقات تشبه بعضهم البعض، كنت دائما" اردد" كلنا ولاد تسعة" لا يهم كل هذا المهم أن أعيش لحظة وجودى التى اقف فيها بكل فخر بااحدى شقق العمارة لكن لا تكتمل سعادتى فقد سقط كل شئ وأصبح أشعر بالاهتزازت ارضية لا اعرف ماذا افعل في هذة اللحظة اريد النزول والعودة الى أسفل العمارة اريد العودة لمحل عملى انا وابي، أتلفت حوالي صارخاً طالباً يد العون لكن محاولاتى جميعها تبوء بالفشل.
بقلم - نورهان محمد عبدالله:
قصة قصيرة




تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق