هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

علماء مسلمون غيروا وجه العالم (8-30)

مريم الإسطرلابية .. عالمة سورية ابتكرت آلة فلكية تحاكي الـــ "GPS"
يذخر تاريخ الحضارة الإسلامية بأسماء المئات بل الألاف من العلماء الذين نجحوا في تغيير وجه الحياة بما قدموه للبشرية من اختراعات وابتكارات استفادت منها جميع العلوم والمعارف وبعضها لازال يستخدم حتى الآن. "الجمهورية اونلاين" ستستعرض طوال أيام شهر رمضان المبارك بعض الاختراعات والابتكارات التي قدمها علماء المسلمين فغيروا بها وجه الحياة على مر العصور.

مريم الإسطرلابية أو الإسطرلابي .. اسم قد لا يعرفه الكثيرون ولا ابالغ اذا قلت من المثقفين خاصة المهتمون بقضايا المرأة ودرها في المجتمع .. وهي لمن لا يعرفها عالمة فلك سورية عربية مسلمة نجحت في ابتكار آلة معقدة تشبه أجهزة الخرائط الحديثة، ويمثل هذا الاختراع نقلة نوعية في الحضارة البشرية وخطوة عظيمة مهدت لاكتشاف الأرض ومعرفة مواقع النجوم والمجموعة الشمسية ونظم الملاحة البحرية والجوية الطيران والاهتداء في السفر، وهو ما يُعرف حاليا بـ "علوم الفضاء".

 

 وقد استمد نظام تحديد الموقع العالمي، أو نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعيّة الذي يُستخدم لتحديد مواقع الأجسام على الأرض المعروف عالميا بــــ "GPS" طريقة عمله من الإسطرلاب الذي ابتكرته وقدمته للبشرية هذه العالمة العبقرية. ومعه الكثير من الفوائد العلمية فقد كانت من أبرع أبناء عصرها في الرياضيات وحل المعادلات المعقدة، ورغم كل ذلك لم تحظ بما تستحقه من شهرة وتكريم ناله من هم اقل منها، فلم تذكرها الكثير من المراجع والكتب المتخصصة في سير المخترعين العرب والمسلمين.

ودعونا نقترب منها لنعرف عنها أكثر.

 

 البطاقة الشخصية

الاسم: مريم كوشيار الجيلي

تاريخ الميلاد: لا يوجد تاريخ محدد لولادتها أو وفاتها إلا ان الثابت انها عاشت في القرن العاشر الميلادي، أثناء ما يعرف بالعصر الذهبي للعلوم الإسلامية

محل الميلاد: مدينة حلب، شمال سوريا

المهنة: عالمة فالك ورياضيات في بلاط "سيف الدولة الحمداني صاحب حلب في الفترة من عام 333 حتى 356 هجرية الموافق 944 حتى 967 ميلادية

الألقاب: مريم الإسطرلابي - عالمة الفلك البارعة - مخترعة الإسطرلاب المعقد

 

 

محطات مهمة في حياة مريم

كان والد مريم هو كوشيار الجيلي، أو الكيلاني والذي يعد واحداً من علماء الفلك المهمين في عصره، اذ نجح في شرح العديد من الجداول الفلكية الحسابية، كما وضع قوانين لحركة الكواكب تعرف بها على تواريخ الشهور والأيام، وله العديد من المؤلفات في مجال الفلك؛ من أهمها «رسالة دلالات الكواكب»، و«اللامع في أمثلة الزيج اللامع»، و«الزيج الجامع والبالغ»، والإسطرلاب وكيفية عمله واعتباره على الكمال والتمام»، و«المجمل في أصول صناعة النجوم»، و«أصول صناعة الأحكام وجملها والطرق إلى التصرف فيها واستعمالها. كما عمل أيضا في صناعة الآلات الفلكية. مكتبة الإسكندرية تمتلك مكتبة الإسكندرية نسخة أصلية من مخطوطة «الزيج الجامع» التي كتبها سنة 566 هجرية الموافق 965 ميلادية.

 

نشأت مريم في هذه البيئة الرياضية والفلكية وتعهدها والدها بالعلم فتتلمذت على يديه العالم المعروف وتدرجت في العلوم بداية من الفلك مرورا بالرياضيات، ثم الهندسة، فأظهرت نبوغا وذكاءً وحماسة لتلقى العلم وتعمقت في هذه العلوم لدرجة إتقانها للمعادلات والحسابات المعقدة حتى بلغت مبلغا في علم الفلك، فاختارها أمير حلب سيف الدولة الحمداني للعمل في مجال الفلك في بلاطه بجوار عدد من كبار العلماء في كافة العلوم والمعارف المشهورة في هذا الوقت.

 

إنجازات مريم الإسطرلابية

رغم ان اسمها مريم الجيلي الا ان التاريخ ربط اسمها بالآلة التي نجحت في اختراعها وهي الاسطرلاب حتى أصبح لا يذكر اسمها الا وذكر معه اختراعها العظيم. وللأمانة العلمية فان حكاية آلة الاسطرلاب تعود إلى مدينة الإسكندرية في عصر البطالمة على يد الإغريقي كلاوديويس سنة (320 ق.م) ورغم ان تحسينات كثيرة طرأت عليه إلا انه لم يكن هو نفس الجهاز الذي اخترعته مريم لا من حيث الشكل ولا الأداء وما جمع بينهم فقط هو الاسم.

 

واخترعت مريم الإسطرلاب المعقد، الإسطرلاب آلة دقيقة تُصوَّر عليها حركة النجوم في السماء حول القطب السماوي. وتُستخدم هذه الآلة لحل مشكلات فلكية عديدة، كما تستخدم في الملاحة وفي مجالات المساحة. وتُستخدم في تحديد الوقت بدقة ليلاً ونهارًا. ويحتوي وجه الإسطرلاب على خريطة القبة السماوية، بطريقة حسابية دقيقة، وهي الطريقة ذاتها التي استخدِمت في رسم خريطة العالم (الكرة الأرضية) على مساحة مسطحة. ويوجد على الجهاز أداة تشير إلى الجزء المنظور من القبة السماوية في وقت معيّن.

 

وتسمح هذه الطريقة بتحوُّل الدوائر من أشكال كُرِويَّة إلى أشكال مسطحة دون أي تغيير للقيمة الحقيقية للزاوية التي تُرسم بين خطين على الشكل الكُرِوي. وعلى هذا، فإن خط الأفق، وخطوط المدارات، وخط الاستواء، والخطوط السماوية تظل في شكل دوائر، أو في شكل أجزاء من دوائر وقياس محيط الكرة الأرضية وجمع الخرائط الفلكية التي تصوِّر حركة الكواكب، وحدَّدوا أشكال مداراتها.

 

وأياً ما كان تعريف هذه الآلة أو الجهاز فانه يعمل بطريقة ميكانيكية بُني عليها في وقتنا الحالي آلية عمل الـبوصلة والأقمار الصناعية وإذا ما قارناه بمثيله في عالمنا المعاصر ووقتنا الحالي نستطيع أن نقول إنه نظام الــ (Global Positioning System) أو النظام العالمي لتحديد المواقع المعروف اختصاراً بـ "GPS".

 

فوائد واستخدامات الاسطرلاب

هناك العديد من الاستخدامات للإسطرلاب، منها:

-- تحديد أوقات الصلاة

-- تحديد اتجاه القِبلة

-- تحديد بدايات الشهور الهجرية

-- تحديد أوقات الحج

-- تحديد فصول السنة

-- قياس طول الليل والنهار

-- استخدم في الملاحة البحرية

-- الاستفادة من في السفر في الصحاري

-- تحديد خطوط العرض

-- استخدم في مجموعة واسعة من الملاحظات والحسابات في علم الفلك

--قياس ارتفاع القمر، والشمس، والنجوم

-- تحديد الوقت بدقة في أي مكان

-- تحديد الأماكن والتعرف عليها

 

 

قالوا عن مريم والإسطرلاب

كتب بعض المؤرخين أن هذه الآلة التي ساهمت في حل مشكلات فلكية عديدة حظيت باهتمام المسلمين بشكل كبير حيث استخدموها في قياس ارتفاع الشمس في السماء، ومن ثم تقدير الوقت بدقة، إن في النهار أو الليل، مما يعني تحديد مواقيت الصلاة، واتجاه القبلة، كما استخدموها في تحديد مواعيد فصول السنة. وبدايات ونهايات الشهور العربية (القمرية) ومواعيد الحج والصوم.

وجاء في كتاب تاريخ أوروبا في العصور الوسطى لــــ "إيناس محمد البهيجي": "كانت مريم الإسطرلابي أول من اخترع الإسطرلاب في الفلك". ويستخدم الإسطرلاب في تحديد أماكن الأجرام السماوية، كما يستخدم لمعرفة الوقت والاتجاهات.

ويؤكد كتاب تاريخ الأفكار (دوائر الفكر الأولى) لــــ "ماجد الحمدان": "هذا الجهاز يشبه أجهزة الخرائط الحديثة كما أنه جهاز ألهم البشرية باكتشاف الأرض ومعرفة مواقع النجوم والمجموعة الشمسية والطيران والاهتداء في السفر".

يشير كتاب تاريخ الأفكار إلى "أن صناعة الإسطرلاب كانت من أهم الصناعات العربية القديمة".

 

 

وفاتها

رغم ان التاريخ والمؤرخون لا يذكرون لنا كيف عاشت وتوفيت هذه العالمة، غير أنه بالنظر إلى أن الإسطرلاب آلة دقيقة غاية في التعقيد تحتاج إلى عمليات رياضية متعددة، لابد وأن مريم الجيلي أو الاسطرلابية كانت على درجة عالية من الذكاء والعبقرية والنبوغ. وأنها أسهمت في نقلة علمية في مجال علم الفلك وتصنيع الإسطرلابات لتظل سيرتها باقية الذكر حتى عصرنا الحالي.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق