اخترع اول نظارة طبية وأول قلم حبر وساعة مائية وبني قبة سماوية في منزله
قام بمحاولة الطيران وعمره 65 عاما وسبق الاخوان رايت بأكثر من 1000 سنة
اتهموه بالسحر والشعوذة لكثرة اختراعاته وبرأه القاضي سليمان الغافقي
عباس بن فرناس .. عالم ومخترع مسلم .. واحد من الأسماء المعروفة في التاريخ العربي والإسلامي ولا نبالغ إذا قنا في التاريخ العالمي كله، فلا يذكر اسمه إلا ويذكر انه أول قام بالطيران في التاريخ، أول من اخترق الجو من البشر، واعتبره المنصفون أول رائد للفضاء، وأول مخترع للطيران، وحديثا تم تكريمه بإطلاق اسمه على واحدة من فوهات سطح القمر، لكن إنجازاته لم تتوقف عند ذلك بل قدم للبشرية اختراعات أخرى ساهمت في تغيير وجه العالم، منها انه أول قلم حبر سائل عرفه البشر، وأول نظارة النظر في التاريخ، كما نجح في استخراج الزجاج الشفاف من الحجارة.
وبرع ابن فرناس في العديد من العلوم منها الرياضيات والفلك والكيمياء والفلسفة وكان شاعرا مبدعا وأحد علماء اللغة العربية، ونجح في فك كتاب العروض للخليل بن احمد الفراهيدي المتخصص في أوزان وبحور الشعر العربي، كما كان موسيقيا بارعا خاصة في العزف على العود .. لنقترب أكثر من عالمنا اليوم عباس ابن فرناس
البطاقة الشخصية:
الاسم: أبو القاسم عباس بن فرناس بن ورداس التاكرني
تاريخ الميلاد: 195 هجرية الموافق 810 ميلادية
محل الميلاد: تاكرنا الواقعة في مدينة إزنراند أوندا في الأندلس المعروفة حاليًّا بـ "روندا" أسبانيا
المهنة: عالم، ومخترع، وفيلسوف برع في والكيمياء، والفلك، والرياضيات، وشاعرًا لبيبًا، ، كما كان بارعا في فن الموسيقى وضرب العود
الألقاب: حكيم الأندلس - أول من حاول الطيران في التاريخ - أول رائد فضاء في التاريخ – مخترع الطيران ويشار إليه في المصادر الغربية باسم "أرمن فيرمان إلا أن مصادر عديدة اكدت أنهما شخصان مختلفان نهائيا
محطات مهمة في حياة عباس بن فرناس
مثل جميع اقرانه في وقتها تعلم مبادئ الشرع الحنيف في كتاتيب تاكرتا، لكن حبه الشديد للعلم دفعه إلى الانتقال إلى قرطبة منارة العلم والصناعة التي قصدها العرب والعجم لتلقي جميع أنواع العلوم في ذلك العصر حتى برع في علوم اللغة العربية كان أدباء الأندلس وشعراؤها وعلماء اللغة يجلسون حوله يعلمهم اللغة ويفك الغامض من العلوم، ودفعه شغفه بالمعرفة إلى ان يقضي معظم حياته متنقلًا من بلدٍ لآخر باحثًا عن العلم، فالتحاق بدار الحكمة في بغداد آنذاك ليدرس فيها العلوم المختلفة مثل علم الفيزياء والفلك والطب والصيدلة والكيمياء والهندسة والموسيقى وبرع فيها جميعا فكار ماهراً في علوم الفلك، بارعا في الطب، مخترعًا في مختلف الصنع، عالمًا بالرياضيات، عبقريًّا في علم الكيمياء، ليشكل بذلك ليشكل روحًا موسوعية من بين علماء جيله في الأندلس.
وكان رائد محاولة تطبيق العلم على العمل؛ ولهذا استحق لقب حكيم الأندلس". فدرس الطب والصيدلة وأحسن الإفادة منهما، فقد عمد إلى قراءة خصائص الأمراض وأعراضها وتشخيصها، واهتم بطرق الوقاية من الأمراض؛ وقام بدراسة وتجارب علاج من أصيب بالأمراض على مختلف أنواعها ثم أجرى الدواء. ولذلك اتخذه أمراء الأندلس طبيبًا خاصًّا لقصورهم، لشهرته وحكمته وأسلوبه الجاذب عند إرشاداته الطبية الخاصة بالوقاية من الأمراض، وإشرافه على طعام الحكام لضمان السلامة من الأسقام والأمراض، فلا يحتاج إلى المداواة إلا نادرًا، فإذا حصل ما يكرهون وصف لهم أفضل طرق العلاج، فضلا عن انه كان شاعرا مبدعا وعازفا رائعا للعود، مما جعله محببًا للأمراء وقريبً منهم.
أول رائد فضاء في العالم
تعرض عباس ابن فرناس لظلم حيا وميتا فاتهمه حساده في عصره بالسحر والشعوذة، وحاول البعض حرمانه من حقه في ان يكون أول من اخترق الجو بجسده من البشر، بينما ينظر اليه بعض من تلقوا المعلومات المغلوطة انه كان رجلا ساذجا كسا نفسه بالريش ولصقه بالشمع والقى بنفسه من مكان عال فوقع ومات، والواقع غير ذلك تماما فجميع المؤرخين أكدوا أنه لم يقم بتجربته لمجرد الوهم، إنما قام بها على أساس من البحث والدارسة خاصة في الفلك والفيزياء، وكان كثيراً ما يقوم بشرح نظريته في الطيران لرواد منتديات الخلافة في قرطبة من حكام وعلماء ووجهاء.
آمن ابن فرناس بحلمه وصدق فكرته بعد ان قام بدراسة حركة الطيور وأجنحتها وكيف ترتفع في الجو وأجرى العديد من العمليات الحسابية حول الأوزان والسرعات والرياح وغيرها من المسائل الدقيقة إلى أن صنع الرداء من الريش والحرير على شكل الجناحين قام بلباسه وطار به – رغم خطورة الفكرة على حياته –قلم بأول قفزة بشرية مدروسة بشكل علمي متكامل في الهواء.
وذكر بعض المؤرخين أن هناك قصصاً تشير لآخرين حاولوا الطيران، إلا أن الصورة الأكثر اشراقا ووضوحا لذلك الحلم الذي راود البشرية كانت مع ابن فرناس بالقرب من قصر الرصافة في قرطبة حيث انطلق في تجربته الفريدة، وبالفعل نجح في التحليق في الفضاء لمسافة جيدة ثم سقط وتكسر أحد اضلاعه، وكان وقتها في عمر الـ 65 عاما قبل الاخوان رايت مخترعا الطائرة بألف عام، وبقيت تجربته علامة فارقة ألهمت الكثيرين ليواصلوا هذا المشروع الهام في سبيل أن يرتاد الإنسان آفاق الفضاء ويصنع الطائرات الحديثة والمسبارات الفضائية.
وخلاصة النظرية العلمية للطيران عند ابن فرناس، أن الجسم وما يحمله لا بد أن يكون خفيفًا للتغلب على الجاذبية الأرضية. فعندما يلقي بنفسه مندفعًا للأمام من شاهق، فسيحمله الهواء على متنه، وهذه النظرية يقوم بتقليدها وتطبيقها اليوم الكثير من هواة الطيران، فيما هو معروف بالطيران الشراعي المجنح الخفيف. ويمارس هذا الطيران على نطاق واسع ومن فوق أماكن مرتفعة وفق نظرية ابن فرناس نفسها، مع إجراء تعديل طفيف عليها بتركيب الذيل للآلة الحديثة
ذاع صيت ابن فرناس باختراعاته التي سبقت عصره. فاتهموه بالسحر والشعوذة وقام حساده والجهلاء بالوشاية به إلى أن أوصلوه إلى القاضي سليمان بن الأسود الغافقي الذي عقد مجلسًا لمناقشته، وكان من رد عباس أن ما يقوم به هو العلم وليس السحر أو الشعوذة وضرب مثلا بقوله لمعارضيه: لو أتيت بالطحين ووضعته بالماء وعجنته، ليكون منه العجين، ووضعته على النار في التنور ليصبح خبزًا، وهو مختلف الحال، أيكون ذلك مُحَرّماً أم لنفع الناس؟ فقالوا: لنفع الناس. فقال: هذا ما أصنعه لاستخرج ما ينفع الناس" فحكم القاضي ببراءته.
لكن لم تنته المؤامرة هنا إذ زج به من جديد متهما بالزندقة وحوكم أمام العامة بالمسجد الكبير وتمت تبرئته للمرة الثانية
اعتراف غربي بسبق عباس بن فرناس
ظهرت أول دراسة حديثة حول اكتشاف أول محاولة للطيران في أوربا، من خلال بحث علمي كتبه أستاذ التاريخ الأمريكي "لين هوايت"، وتم نشره في مجلة التكنولوجيا والثقافة (المجلد 2- العدد 2) عام 1960م؛
ان أضخم وأجرأ تجربة علمية للطيران هي تجربة ابن فرناس؛ إذ لم تشبها أية شائبة من خرافة أو خيال، وإنما تتصف بالمنهاجية العلمية بكل المقاييس. وإضافةً لذلك، فإن تجربة ابن فرناس، قد صار تطبيقها وفق نظريتين علميتين وضعها العالم المسلم الشهير، ما زال يؤخذ بهما إلى هذا اليوم في مجال الطيران".
ولكن مما يؤسف له أن كُتّاب الموسوعات الحديثة عن الإنجازات العلمية إذا تعرضوا لتاريخ الطيران، ينصفون الاخوان رايت في موسوعاتهم، لكنهم ينسون أو يتناسون منزلة المخترع المسلم عباس بن فرناس التي احتلها في التاريخ.
انجازاته
نجح عباس ابن فرناس في تحقيق العديد والعديد من الإنجازات والاختراعات كونه اول من اخترع الطيران في التاريخ وهي الاختراعات التي سبق به عصره ومنها:
البلانتريوم أو القبة السماوية
--ابتكر قبة سماوية تحاكي ما يعرف حديثا بسينما "البلانتريوم" التي تسمح بمراقبة شديدة الشبه للسماء في شكلها الحقيقي ومعاينة الأجرام داخل صالة مغلقة في مشهد تخيلي. وبناها منذ وقت مبكر في غرفة جعل سقفها يحاكي السماء في المساء، ليرى الزائر داخلها النجوم والأجرام المختلفة والسحب والصواعق والبرق والغيومويتعرف على كافة التكوينات الكونية المدهشة، وهي النماذج التقريبية للسماء كان يقوم بصناعتها وتركيبها بنفسه في معمل خاص به واشتهر بها.
--ذات الحلق: هي آلة تشبه الاسطرلاب في رصد الشمس والقمر والنجوم والكواكب وأفلاكها ومداراتها. وقد ابتكرها بنفسه بهدف إجراء العمليات الحسابيّة والملاحظات الفلكيّة التقريبيّة.
--الميقاتة الساعة المائية: تُعد هذه الآلة ساعةً تعل بالطاقة المائيّة اخترعها لمعرفة الأوقات بدقة، حيث تعمل بمبدأ تدفق الماء بشكلٍ رئيس.
--صنع أول نظارة طبية في التاريخ واستخدم فيها عدسات تصحيح الرؤية
-- صناعة الزجاج من الحجارة والرمال فهو أول من استنبط طريقة صناعة الزجاج الشفاف ذو الجودة العاليّة من الحجارة والرمل، وذلك في القرن التاسع، بالإضافة إلى إنتاج زجاج الكوارتز والزجاج عالي النقاء.
--قام بتطوير طريقة تقطيع أحجار المور والكريستال الصلب التي تستخدم بلوراته في صناعة العدسات والمناظير الفلكية ما ساهم في دعم أعمال الفلك في تلك الفترات، وقبله كان هذا العمل شاقًا جدًا. وقد استفاد الأوروبيون من طريقته الجديدة في التقطيع وتم تطبيقها في القرون الوسطى وإلى اليوم.
--المنقالة: إحدى الآلات الهندسيّة والعلميّة الدقيقة المستخدمة في حساب الزمن، حيث ما زال هناك نموذج منها في المسجد الكبير في مدينة طنجة.
--أول من صنع قلم حبر في التاريخ عندما قام بتصميم أسطوانة متصلة بحاوية صغيرة يتدفق عبرها الحبر إلى نهاية الأسطوانة المتصلة بحافة مدببة للكتابة. وكان هذا الاختراع حيويًا ومهمًا في التاريخ الإنساني، وفيه دلالة الانتقال من عصر الكتابة بالريشة إلى القلم الحبري الذي سوف يغزو العالم بعدها في أوروبا، عندما يطور بشكل أفضل.
قالوا عنه
أبو بكر الزبيدي في طبقات النحويين واللغويين: قال: ((كان متصرفًا في ضروب من الآداب، وكان من أهل الذكاء والتقحُّم على المعاني الدقيقة، والصناعة اللطيفة، وكان الشعر أغلبَ أدواته عليه)).
المقري في نفح الطيب: ((ومن حكاياتهم في الذكاء واستخراج العلوم واستنباطها أن عباس بن فرناس، حكيم الأندلس، أول من استنبط بالأندلس صناعة الزجاج من الحجارة، وأول من فك بها كتاب العروض للخليل، وأول من فك الموسيقى، وصنع الآلة المعروفة بالمنقالة ليعرف الأوقات على غير رسم ومثال، واحتال في تطيير جثمانه، وكسا نفسه الريش، ومد له جناحين، وطار في الجو مسافة بعيدة، ولكنه لم يحسن الاحتيال في وقوعه، فتأذى في مؤخره، ولم يدر أن الطائر إنما يقع على زمكه، ولم يعمل له ذنباً ولم يثبت عنه إلحاد، وإنما طعنوا عليه في دينه ونسبوه للسحر لكثرة حيله)).
ابن سعيد المغربي في: المغرب في حلى المغرب: ((أنه نجم في عصر الحكم الرّبضي، ووصفه بأنه حكيم الأندلس، الزائد على جماعتهم بكثرة الأدوات والفنون ... وكان فيلسوفا حاذقا، وشاعرا مفلقا، مع علم التنجيم. وهو أول من استنبط بالأندلس صناعة الزجاج من الحجارة، وأول من فكّ بها كتاب العروض للخليل، وكان صاحب نيرنجات – وهو علم مزج قوى الجواهر الأرضية -، كثير الاختراع والتوليد، واسع الحيل، حتى نسب إليه السّحر وعمل الكيمياء. وكثر عليه الطعن في دينه))..
تكريمه حول العالم
نال بن فرناس تكريما كبيرا في العالم اجمع ظهر في التالي:
--إطلاق اسمه على احدى الفوهات الموجودة على سطح القمر
--إطلاق اسمه على جسر على نهر الوادي الكبير وفي منتصفه تمثال لابن فرناس مثبّت فيه جناحان يمتدان إلى نهايتي الجسر افتتح في 14 يناير 2011م، في قرطبة وهو من تصميم المهندس الإسباني خوسيه لويس مانثاناريس
--افتتح مركز فلكي يحمل اسمه في مدينة روندا
--وضع تمثال له أمام مطار في بغداد، كتب عليه "أول طيار عربي ولد في الأندلس
--إطلاق اسمه مطار شمال بغداد باسمه "عباس بن فرناس
--أصدرت ليبيا طابعاً بريدياً باسمه
وفاته:
وقد توفي عباس ابن فرناس في أواخر عهد الأمير محمد بن عبد الرحمن. وتوفي في قرطبة سنة 273 هجرية الموافق 887 ميلادية عن عمر يقترب 78 عاما بعد محاولته للطيران 13 عاما
اترك تعليق