هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

سؤال اثاره عالم فيروسات فرنسي حائز على نوبل

كورونا .. فيروس طبيعي أم صنعته إحدى الدول في المعامل؟!!
كورونا المستجد .. فيروس تم تصنيعه بشريا .. ربما داخل دهاليز أحد المعامل في الولايات المتحدة، أو ربما الصين هي من افتعلته في سراديب مدينة ووهان ولذلك سيطرت عليه سريعًا، فيما يعاني أعداؤها في أوروبا وأمريكا منه.

 

نظرية المؤامرة تشعل العالم بداية من انتشار الايدز حتى كوفيد 19

الـ كي جي بي استعانت بـ 15 ألف موظف لتأليف القصص الكاذبة عن أعداء الاتحاد السوفيتي

عملية "الهدم النفسي" بدأت بقصص سرقة أعضاء الأطفال ومسئولية أمريكا عن محاولة اغتيال البابا   

 

 

اقاويل تردد وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وتناقلته العديد من وسائل الاعلام في العالم أجمع، خاصة بعد أن أعلن العالم الفرنسي لوك مونتانيه Luc Montagnier، الحاصل على جائزة نوبل في عام 2008 لاكتشافه فيروس HIV. أن فيروس كورونا المستجد SARS-CoV-2 يحتوي على جينات شبيهة بفيروس HIV-1 أو فيروس نقص المناعة المكتسبة المعروف باسم الإيدز AIDS، وإن هذه المكونات مصنعة معمليًا؛ ليردد الجميع أن فيروس كورونا المستجد مصنع بشريًا.

 

وقبل الدخول في تفاصيل دعونا نحرر مصطلح "نظرية المؤامرة"... وعنها يقول أستاذ علم الاجتماع تيد جورتزيل، جامعة روتجرز: «نظرية المؤامرة تفسر حدثًا أو موقفًا بناءً على تآمر الأشرار، وغالبًا ما تكون بنكهة سياسية». قال هذا التعريف في دراسته «التصديق بنظريات المؤامرة» أن تأثيرها في يصل إلى درجة 3.10 مما يجعلها في الترتيب الـ 19 في مجالها على العالم.

 

نظرية المؤامرة مختلفة عن الدعاية بأطيافها السوداء والرمادية وحتى البيضاء. وتهدف الدعاية إلى إقناعك بشيء ما، سلبيًا غالبًا، بطريقة الزن على الودان أمرّ من السحر، ولها أساليبها المعروفة مثل تأثير الإمعة وشيطنة العدو والتكرار وتوهم الربط وغيرها، لكن نظرية المؤامرة تحاول تغيير قناعاتك وفقًا لمعلومات خاطئة أو مخلطة أو بلا أساس…

 

وظهور نظرية المؤامرة شبيه بدائرة أولها المجهول هو صانع النظرية وثانيها هو مهد انتشارها وهذا يكون مختلفًا عن محل تصنيعها، ثم تبدأ النظرية في الانتشار حتى يصدقها أكاديميون وخبراء ومتخصصون وكثير من الناس بحيث تكتمل الدائرة بتحقيق صانع النظرية هدفه سواء كليًا أو جزئيًا، وقليلا ما تفشل نظرية مؤامرة، خاصة وأنها تنتشر بلا أي دراسة أو معلومات.

والان نضرب مثلا واضحا يتشابه بشكل كبير مع الوضع الحالي وهو فيروس الايدز الذي ظهر لأول مرة في يونيو 1981، وبعد مرور عامين نشرت صحيفة هندية مغمورة تصدر باللغة الإنجليزية اسمها «ذا باتريوت» خبرًا مثيرًا للاهتمام. يقول الخبر إن الهند مهددة بانتشار مرض جديد صنعته الولايات المتحدة سريًا للقضاء على الأمريكيين من أصول أفريقية

 

انتشر خبر تخليق الفيروس على مدار العامين التاليين ووصل إفريقيا مثل المغرب وكينيا وجنوب إفريقيا؛ مدة عامان حينها قياسًا بغياب الإنترنت، ودخلت القصة الكاذبة منحنى جديدًا في يوم مارس 1987 حينما بثت قناة CBS الأمريكية على شاشتها الخبر وبلسان الصحفي والمذيع الشهير دان راثر إلى ملايين الأمريكيين نقلًا عن -لا ليس الصحيفة الهندية -وإنما عن صحيفة سوفيتية!

وهنا يثور تساؤل غاية في الأهمية لماذا روسيا؟ وللإجابة على هذا السؤال المهم، دعونا نستعين بثلاثة من الجواسيس الروسيين الذين انشقوا عن الاتحاد السوفييتي وهربوا إلى الولايات المتحدة. وهم لاديسلاف بيتمان، وستانيسلاف ليفتشينكو، ويوري بيزمينوف. عمل الثلاثة في لجنة أمن الدولة (الاتحاد السوفيتي) التي تعرف أيضًا بالمخابرات السوفيتية أو كي جي بي KGB.

 

وقال بيزمينوف إن 15% فقط من الميزانية والوقت والجهد في المخابرات الروسية مخصصة لأعمال الجاسوسية، وإن النسبة الطاغية الـ 85% مخصصة لأحد الأقسام السرية المعنية بنشر الأخبار الكاذبة لدى العدو - الولايات المتحدة ها هنا- في عملية تتسم بالبطء والاستمرارية بهدف ضربه من الداخل.

 

هذا القسم اسمه A وهو اسم على مسمى، فهو يعتلي قمة هرم المخابرات، ويقول ستانيسلاف ليفتشينكو إن القسم كان يعمل به وحده دونًا عن بقية أقسام المخابرات أكثر من 15 ألف موظف، هذا العدد أكثر من جميع موظفي الخارجية الأمريكية حتى بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. وقد سمّت المخابرات السوفيتية عملياته «الهدم النفسي» أو «الإجراءات النشطة»، وهما ليستا سوى لفظتين منمقتين لمصطلح الأخبار الكاذبة؛ نشر هذه الأخبار ليس عشوائيًا وإنما خاضع لاستراتيجيات وتكتيكات ودراسات بهدف تغيير مفاهيم وتصورات الشعب الأمريكي واحدًا واحدًا للواقع إلى الحد الذي يشوه انطباعاتهم عن حماية أنفسهم وبلدهم وشعبهم، على الرغم من توفر المعلومات لديهم.

 

لم تنطلق أعمال القسم A من موسكو فقط، بل لقد أسس رجاله خلايا في مواقع استراتيجية من العالم. ويقول لاديسلاف بيتمان إنه كان مسئولًا عن أحد تلك الخلايا في ألمانيا بهدف إثارة النعرات ضد ألمانيا النازية حتى أنه "زرع" صندوقًا به مستندات مزورة عن النازية في إحدى البحيرات في ألمانيا. ويعرف لاديسلاف الأخبار الكاذبة بأنها معلومات مغلوطة يتم تسريبها إلى قنوات الاتصال السائدة بهدف خداع الناس والتلاعب بهم، ويوضح أن كل عميل مخابراتي كان مطلوباً منه قضاء 25% من وقت عمله في تأليف القصص وهذا ما كانت يتم تقييم الموظفين عليه.

 

كان من تلك الأكاذيب أن المخابرات الأمريكية هي من قتلت جون كينيدي وأنها حاولت اغتيال البابا جون الثاني وأن الأثرياء الأمريكيين يشترون أطفال الفقراء من أمريكا اللاتينية لسرقة أعضائهم، وغيرها من القصص التي انتشرت لعقود طويلة وكانت فاكهة حديث المقاهي والنوادي.

نعود إلى الإيدز ونشر الصحيفة الهندية خبر تخليق الفيروس لنوضح ما حدث بالضبط؛ وهنا نستعين بكاثلين بايلي، وتود ليفينثول، وهما قد عملا في فريق حكومي أمريكي على التحقيق في هذه القصة في الثمانينات. تقول كاثلين إن هذه القصة نموذج مثالي على الحملة الممنهجة لبث الأخبار الكاذبة، ومع ذلك تفطنت كاثلين إلى فبركة القصة بسبب وجود بعض الأخطاء اللغوية التي تدل على أن من كتبها ليس متحدثًا أصليًا للغة الإنجليزية، وهذا الشخص على الأرجح روسي، وهذا ما يؤكده تود أيضًا: «يقول الجميع إنها الصحيفة الهندية، ولكننا نعلم أن المخابرات الروسية هي من وقفت وراء نشر الخبر بها كوسيلة إعلام ناطقة بالإنجليزية وأن هذا الأسلوب تكتيك روسي قديم.

 

قد تقول إن شهادة الأمريكيين مجروحة، ولذلك نستعين هنا أيضًا بالعميل المخابراتي الروسي السابق أوليج كالوجين الذي يوضح أن السوفييت دأبوا على نشر الأخبار الكاذبة في صحف العالم الثالث النامي مثل الهند أو تايلاند حيث يسهل خداع الصحفيين أو رشوتهم، هذا أيضًا ما يؤكده لاديسلاف بقوله إن هذا التكتيك يكسب القصة الكاذبة مصداقية حيث يصعب البحث عن مصدر الخبر أو لا يهتم به أحد مع غموض القصة، أي أن المخابرات الروسية سربت القصة إلى الصحيفة الهندية، ثم نشرها الإعلام السوفييتي إلى العالم على لسان تلك الصحيفة المغمورة، بل إنه أعاد نشرها من جديد بعد تلك الحادثة بسنوات وكان الإيدز لا يزال في صدارة المشهد العالمي، وقد نسب السوفييت القصة في تلك المرة إلى، نعم، الصحيفة الهندية ذاتها!

هل تتذكر توقيع "الخبير"؟ ها قد حان وقته؛ في عام 1986، أراد السوفييت وضع بعض البهارات على القصة التي نسجوها من خيالهم وفرشوها على العالم كله، فسعوا إلى تأييد علماء لها. بالفعل، لم يتعب السوفييت كثيرًا حتى وجدوا ليس عالمًا واحدًا بل اثنين، جاكوب سيجال، وزوجته ليلي سيجال، المتخصصين في علم الأحياء، وهما من ألمانيا الشرقية -فألمانيا لم تتوحد سوى في عام 1990، فقصة كتلك بالطبع ستتطلب أن يكون المتخصص من دولة متقدمة وليس نامية كما بدأ انتشارها في الهند. قال العالمان إنهما يستطيعان البرهنة على أن مرض الإيدز مصنع بشريًا في الولايات المتحدة، ولكن كيف يورط عالمان نفسيهما بهذه القصة غير العلمية؟

 

يقول تود إن تقريرهما مليء بالعبارات المتداخل وكأنه مكتوب كي لا يفهمه أحد؛ ومع ذلك انتشر تقرير سيجال أيضًا كما القصة في أفريقيا وغيرها حتى بلغ ذكره في 200 تقرير في 80 دولة من بينها صحيفة ذا ديلي إكسبريس البريطانية حتى وصل في 30 مارس 1987 إلى التليفزيون الوطني الأمريكي كما ذكرنا، لتكتمل دائرة نظرية المؤامرة التي حملت اسم «العملية عدوى».

 

نعود إلى كورونا، يعرب دبلوماسيون أمريكيون عن قلقهم من أن الفيروس المستجد قد يكون منشأه داخل أحد معامل الصين في مدينة ووهان التي بدأ فيها انتشاره، بسبب التهاون في عوامل الأمان حتى وجد الفيروس سبيله خارج المعمل إلى جسم الإنسان مرورًا بما هو مختلف فيه، هل الخفاش أم الثعبان أحدهما أو كلاهما أم غيرهما.

 

وتتهم الصين الولايات المتحدة بأنها من بدأت نشر الفيروس حيث قالت السفارة الصينية في باريس في 23 مارس إن الفيروس ظهر لأول مرة على أرض أمريكية، بل لقد ذهب المتحدث باسم الخارجية الصينية، زاو ليجيان، إلى أبعد من ذلك حينما اتهم الولايات المتحدة بإحضار الفيروس إلى داخل الصين؛ والحرب الكلامية مستمر بين الطرفين.

 

نعود إلى كلام خبير الفيروسات الفرنسي لوك مونتانيه عن تخليق فيروس كورونا؛ يقول مونتانيه إنه في أثناء محاولته دراسة مرض كوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورونا المستجد توصل إلى أن فيروس كورونا خرج من أحد المعامل في أثناء محاولة التوصل إلى لقاح لمرض الإيدز. قد يعجب هذا الكلام النفس البشرية، لكن مونتانيه اعتاد مفاجأة العالم بكلام غريب أنكره علماء آخرون، كما أن حديثه عن كورونا لم يخضع لمراجعة إضافة إلى أن كثيرين نفوا أن يكون فيروس كورونا محتويًا على مكونات تشبه فيروس HIV بالأساس مثل صحيفة يوروبيان ساينتست العلمية.

 

ليس بالضرورة أن يكون مونتانيه كاذبًا أو عميًلا لدى إحدى الدول؛ قد يسعى الرجل إلى الشهرة بعد أن خمل ذكره، وقد يكون جادًا في كلامه، وقد يكون مخطئًا من حيث لا يدري. الاحتمالات كثيرة، والمتاهة كبيرة والخروج منها لا يكون بسوى إعمال العقل في أي شيء نقرأه أو نسمعه أو نشاهده قبل ترويجه والبحث عن أساسه قبل تصديقه والخط الأحمر هنا هو المصدر والمصداقية وبسواهما يجب ألا نساهم في حرب كلامية أو أخبار كاذبة دون تثبت.

 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق