*النقاد الأكاديميون يعتبرونه روائيا ضل طريق للصحافة..
والصحفيون يتمسكون به!
*عبد العظيم حماد: لون أدبي يعرف مذاقه مبدعو القرى
*د. رضا خلاف: اضافة متفردة لروايات وقصص الريف المصري
*د. سامي البلشي: هذا شاعر وروائي خطفته الصحافة
*فراج اسماعيل: مشواره الصحفي حافل بالانجازات والانفرادات
ورغم امتلاء قاعة كاتب وكتاب بحضور كثيف فقد نجح الكاتب الصحفي عبد العظيم حماد رئيس تحرير جريدة الشروق سابقا في استثارة لجنة المناقشة والحضور على السواء حيث تحولت القاعة الي محاورة فلسفية ممتعة. وحرص حماد في البداية على تأكيد المذاق الخاص لهذا اللون الادبي الذي يعرفه ويعشقه شعراء وكتاب مصر الذين نشأوا في القرى الجميلة.
بدورها استعرضت الدكتورة رضا خلاف استاذة الفلسفة وعلم الجمال بجامعة المنوفية تاريخ السير الذاتية او ما يسمى باليونانية " البيو غرافيا" لافتة الي ان الكاتب قدم نموذجا فريدا للسير الذاتية يحتاج وقفات تأملية عديدة.
وفي مستهل عرضها لفتت الدكتورة رضا الي روعة غلاف الكتاب الذي صممته الفنانة الواعدة شروق قنديل والذي لخص مضمون الكتاب وجعلنا ندخل مع الكاتب تارة الي صحن الدار واخرى للحقول.. نستمع لصوت السواقي وشدو الطيور.
واستعرضت الدكتورة رضا صورة الريف المصري عند العديد من الادباء العظام حيث الارض لعبد الرحمن الشرقاوي والحرام ليوسف ادريس والوتد لخيري شلبي والخوف لثروت اباظة ويوميات نائب في الارياف لتوفيق الحكيم مشيرة الى ان الريف عند شريف قنديل مختلف تماما حيث الجمال وحيث الاحتواء في عالم جميل يفصلنا ولو لسويعات عن واقعنا البيئي المؤلم.
لقد قدم شريف قنديل في تغريبته الرائعة مفاهيم جديدة وخاصة للهوية الاصيلة والانتماء الحقيقي وللترحال والمغامرة وروعة استجلاء المجهول ونشوة المعرفة.
وعن واقعية شريف قنديل تقول الدكتورة رضا انها الواقعية الساحرة التي جعلتنا نمسك معه من جديد فوانيس رمضان.. نقف احيانا تحت التوتة .. ونستمع صوت الساقية..
وترى الناقدة ان صباح القرية المصرية ظل عند الكاتب فجرا نديا وليلها قمر لا يغيب .. انه المفهوم الخاص للترحال في معناه الجميل.
من جهته بدأ الناقد الادبي والفنان التشكيلي مداخلته الثرية بسؤال كبير يقول: هل الذي كتب " شواهد الجمال في دفتر الترحال" شاعر؟ هل هو قاص؟ ام هو كاتب صحفي؟ ويجيب قائلا: انه كل هذه الصفات التي جعلتني اتناول وجبات عديدة وانا اقرأ ما ابدعه باسلوب جمع بين الشعر والقص والخواطر ولغة المقال.
وكيف لا وهو الذي ولد في بقعة تنبت الشعراء والمفكرين امثال امين الخولي وزكي مبارك وعبد الرحمن الشرقاوي وشكري عياد والمازني ومحمد عفيفي مطر واحمد عبد المعطي حجازي وغالي شكري ومحمود غنيم .. فضلا عن الشيخ محمود خطاب السبكي ومحمود على البنا والصياد والطبلاوي والدروي وغيرهم.
ثم يستعرض الدكتور البلشي نصوصا مختارة من تغريبة شريف قنديل ومنها:
كان موعدي مع صديقي .. عند اكتمال البدر.. وكان عقد القران عند ضم الغلة.. نخلة جدك عبده زايد وتوتة عمك عبد المجيد وتينة جدتك آمنة.
كيف اقاوم هذا الجمال.. كيف اقاوم تساقط الثمرات بقلبي العليل؟ وصوت السواقي وشدو الطيور عند اشتعال الاصيل؟
وفي نص اخر يقول شريف قنديل: الراحلون عندنا جميلون.. يحلو لي ان اتوسد البرسيم امام المقابر عند الحقول.. اتذكر وجه ابي وانا اخاطبه.. رب خطوة في الخير مشيتها وانت حي.. عادت لارضها في سجدة لله.. في كل ركن او اتجاه..
ومن اجمل نصوص الكتاب ذلك النص البديع عن خيمة الحدادين وحارس النار.... انكسر الخوف من النار.. حين وجدت حارسها يصلي.. نسيت نظرة ابنه المقهور.. ولم تخيفني اذنه المبتور.. كان يعيش يومه في سأم.. يكتفي في المساء باللعب مع النجوم.. يدور معها في الفلك.. يمضي عمره كيفما اتفق!
لقد انحاز قنديل للفلاحين وللفقراء وتلاحظ انه يكتب عنهم بحميمية ونصوص شعرية ومقالات اراها مشروع روايات .. نعم مشروع رواية شخوصها موجودة في مقالات ثلاثة بهذا الكتاب..
ان شريف قنديل لا يستجيب لنظريات الفلاسفة في تعريف الجمال.. هو يعرفها من الحقول واللعب البرئ .. وهو لاينحاز لايدلوجيته الخاصة التي كونتها المعارف التي جمعها منذ طفولته.. ومن ثم لم تتغير ايدلوجيته الخاصة بعد سفره الي اوروبا.. لقد ظل مرتبطا بعشق البيوت والاشجار برملة الانجب.
ان شريف قنديل شاعر ضل طريقه للصحافة!
كان البلشي ينهي كلامه بهذه المقولة عندما وقف الكاتب الصحفي فراج اسماعيل رئيس تحرير موقع قناة "العربية" السابق ليرد قائلا ان شريف قنديل كان ومايزال من أقدر الصحفيين المصريين والعرب القادرين على صنع جرائد قوية ومتماسكة وان رحلاته الصحفية حول العالم كانت ومازالت بمثابة دروس عملية في الصحافة الميدانية.
ومضى اسماعيل يقول: ما من بلد زرته الا وسألوني عن الصحفي الحزين وهي التسمية التي ارتبطت بشريف قنديل في التسعينات حيث غطى حروب وثورات وانقلابات العالم في تلك الفترة.. فلما بدا يستريح اخرج لنا كنوزا ادبية وفلسفية غاية في الجمال.
وروى فراج اسماعيل جوانب من سيرة قنديل الصحفية وكيف ساهمت بساطته ونشاته وطبيعته الريفية في حب الناس له بمن فيهم اولئك الزعماء الذين التقاهم.
على ان مقولة البلشي التي ذهب فيها الي ان شريف قنديل ضل طريقه واختطفته الصحافة اثارت ردود فعل عديدة حيث وقف نقيب الصحفيين الاسبق يحيي قلاش محييا شريف قنديل باعتباره صحفيا وكاتبا وانسانا تمكن من جمع هذا الحشد من الزملاء والاصدقاء.
وبدوره قال مجاهد خلف نائب رئيس تحرير الجمهورية ان شريف قنديل الصحفي ظل محترما للكلمة والمهنة في حله وترحاله، وهذا هو السر في وصول كلماته للبسطاء.
اما الكاتب صبحي شبانه مسؤول تحرير روزا اليوسف بالخليج فروى جوانب من سيرة قنديل الصحفية مؤكدا ان العديد من رؤساء ومدراء التحريرتتلمذوا على يديه.
اضاف ان تغريبة شريف قنديل نوع جديد وفريد في السير الذاتية ستظل المكتبة العربية تحتفظ به وتهديه للاجيال.
من جانبه، وبحكم معايشته للكاتب وفي محاولة توفيقية بين المنتصرين لشريف قنديل قاصا وروائيا والمدافعين عنه صحافيا لامعا وقف الكاتب الصحفي الشاعر محمد حربي قائلا: كنت اظن أن أستاذنا العظيم الشاعر محمد عفيفي مطر هو آخر ما أهداه لنا الطمي، قبل أن اكتشف ان سلالة الطمي الاصيل لم تنقطع مهدية لنا تلميذه شريف قنديل.
وكان شريف قنديل قد حرص في تقديم كتابه للحضور على تفسير سر استغراقه في الحديث عن قريته "رملة الأنجب"، قائلا :الواقع أن حديثي عن قريتي أو بيئتي، له مرجعان! روعة الموعد، وجمال العنوان! إنه مزيج من الشوق، والود، والحب، والوجد، والنبل! الأثير وومض الجمال المثير، وأفق الأحلام والأمنيات الوثير، الوجه الخجول، والموال الجميل.. آذان الفجر، والهديل.. صوت القطارات، ومعنى الرحيل.. خطو الجياد، وقيمة الصهيل.. قهر المستحيل، وفرح الوصول.. ري الأرض في مواعيدها، وانتظام الفصول!
الحق كذلك، أن وجه الصباح في قريتي لم يضع مني، وأنني كلما سافرت عاصمة أوروبية رحت أدندن لبلادي وأغني.. ولأني.. لم أتوقف عند حد التحسر أو التأوه أو التمني.. فقد قررت أن أكتب وأروي، وأهتف أحيانا: مصر التي في خاطري وفي دمي!
اترك تعليق