حلم الشباب تحول إلى حقيقية بدأت بمزحة تخللت أجواء ليلة من ليالي السمر بين مجموعة من الفتية طرأت على ذهن أحدهم فكرة ترويض قسوة الصحراء وفشل مشروعات الاستزراع السمكى من خلال استغلال مياه الآبار الجوفية المهدرة فى تربية أحد أنواع الأسماك النيلية بما يعود على الفلاح والزراعات بالربح وخصوبة الأرض وذلك بقرية عزب القصر بمركز الداخلة
حيث بدأ العمل على تنفيذ المقترح صباح اليوم التالى بشحن معدات الحفر والصرف وشبكات الرى وتحديد قطعة أرض لأحدهم ، على مساحة ٤٠٠ متر بمحازاة إحدى الحقول على بعد ٢ كيلو متر من مساكن القرية داخل الزراعات
وفى غضون ثلاثة أيام استطاع محمد وشركاؤه تهيئة بحيرة مياه صناعية صغيرة بعمق متر ونصف وربطها على ماكينة ديزل لشفط المياه وأخرى لضخ الأكسجين ، بجانب وتركيب شبكة صرف تقوم برى الزراعات المجاورة محملة بامونيا الأسماك لضمان تقليل الهدر أثناء تغيير مياه البحيرة ورفع كفاءة إنتاجية المحاصيل الزراعية
أربعة شباب كانوا على موعد مع المفاجآت تدفعهم رياح التغيير بإرادة صلبة ، وعزيمة قوية بعد أن تحملوا المسئولية تجاه تحقيق أول قطرات السيل وبشائر الخير لمنتج طازج ونظيف ، قاموا بشرائه فى أكياس مغلقة وبداخلها 5 آلاف من ذريعة اسماك البلطى تم شحنها في سيارة فى رحلة صمود استمرت لأكثر من 15 ساعة قادمة من محافظة كفر الشيخ إلى مركز الداخلة بمحافظة الوادى الجديد
حقائق وارقام واكتشافات مذهلة ، كشفت عنها تجربة تربية الأسماك على مياه الآبار الجوفية فى واحدة من أهم متغيرات الطبيعة الصحراوية لما تتمتع من سمات خاصة جعلتها تصلح لتغذية الأسماك على مدار العام صيفا وشتاء بدون عوامل تدفئة أو تحصينات أدوية لتنمو عليها الأسماك بسرعة فائقة بفضل أشعة الشمس ودفء مياه الآبار وماتحمله من رواسب تساهم فى حماية عمليات التفريخ وزيادة الأوزان بفارق شهرين على الأقل عن المحافظات الأخري.
ولكن تبقي احلام الشباب بالرغم مما تحقق من نفع عام ونجاح لتجربة فشلت خلال السنوات الطويلة الماضية ، ونجحت على أيدى مجموعة من الشباب مهددة بالتوقف والجمود فى ظل معاناة أصحابها بسبب الروتين وبطء تفعيل القرارات ، من أجل التوسع بدائرة الإنتاج واستزراع بعض المساحات الأخرى ، بالقري المجاورة ، لتعميم مدى الإستفادة العائدة على أهالى المحافظة من منتج محلى نظيف وزيادة فى معدلات تخصيب الأراضي الزراعية
يقول محمد فوزى صالح ٣١ عام صاحب أول منتج محلي لتربية أسماك البلطى على مياه الآبار الجوفية بقرية عزب القصر بمحافظة الوادى الجديد فى تصريح خاص لبوابة الجمهورية أون لاين، لم أكن أتوقع أن يتحول طموح مجموعة من الشباب وحلم عشرات الأعوام إلى حقيقية جسدت واقعا ملموسا كان بمثابة ضربا من المستحيل تحقيقه لأجيال متعاقبة فى بيئة صحراوية لا تتمتع بمزايا خاصة سوى بالهدوء والطبيعة الخلابة ودفء المناخ ومزارع النخيل ، والتى تبعد مسافة ألف كيلو متر عن مركز العاصمة فى ظل عدم وجود بحيرات وأنهار عذبة وروافد لمسطحات المياه ، كانت كفيلة بتعويض نقص احتياجات أهالى محافظة الوادى الجديد من أسماك وموارد أخرى ، مشيرا إلى أن ذلك كان من أهم أسباب نجاح فكرة مشروعه القائم على مساحة ٤٠٠ متر مربع للتربية وحضانات التفريخ ، بالإعتماد على مياه الآبار الجوفية لإستزراع أسماك البلطى وتسويق لحومها الطازجة بأسواق المراكز ، بمعدل كثافة متفاوتة بواقع ١٠٠ سمكة للمتر الواحد و٣٠٠ جرام صافى أوزان قابلة للزيادة بعد النضج وذلك على مدار ٥ أشهر من بدأ الدورة.
واضاف فوزى أن الأمور لم تكن صعبة فى البداية بفضل الله وتشجيع مجدى نصر الدين أحد شركاؤه بالمشروع ، وأن التجربة أثبتت مدى ملائمة مياه الآبار الجوفية بالمحافظة لتربية الأسماك بمختلف أنواعها ، مؤكدا أن لأشعة الشمس ودفء المياه الغنية بالمعادن والرواسب البركانية على مدار العام الدور الأبرز والأهم لنجاح التجربة وكسر القاعدة بما يتناسب مع متطلبات تغذية الأسماك وظروف معيشتها فى مناخ آمن وملائم لإستمرار دورة التربية دون معوقات إضافة إلى فارق النمو الزمنى بمتوسط شهر ونصف على أقل تقدير وسرعة التفريخ قبل الوصول لمرحلة النضج الأخيرة للأسماك فى مقارنة فاقت جميع توقعات الخبراء وأصحاب المزارع بالمحافظات الأخرى ، وخاصة أن دورة الأسماك بالمزارع الأخرى تستغرق ٦ أشهر بسبب المتغيرات المناخية وخاصة في فصل الشتاء
وتابع ، أن إجمالى تكلفة مشروعه بلغت قرابة ال ٣٠ ألف جنيه قام من خلالها بتجهيز قطعة الأرض وتنفيذ أعمال الحفر وتركيب شبكات صرف ومواتير (ديزل) لشفط وتغيير المياه أسبوعيا بجانب شراء ٢طن أعلاف (ألر أكوا) عالى الجودة لتغذية اسماكه على مدار الموسم وشراء ٥ آلاف زريعة بلطى نيلي من إحدى مفارخ مشروعات الإستزراع السمكى بمحافظة كفرالشيخ ويسعى خلال الفترة المقبلة لتوسيع دائرة إنتاجه وخاصة أن مياه البحيرة يتم استغلالها لرى الزراعات المجاورة مما يقلل من فرص إهدار المياه وتعظيم الإستفادة باستغلال امونيا الأسماك فى رفع كفاءة خصوبة الأرض وتوفير تكلفة شراء الأسمدة الكيماوية والعضوية، بالإضافة إلى زيادة معدلات الإنتاج بمرور الوقت فى المحاصيل الزراعية
وأوضح صاحب مشروع تربية الأسماك بعزب القصر أن كل كيلو علف تستخدمه الأسماك وتخرجه كمخلفات ينتج في الماء قرابة 130 جرام نيتروجين صافي سهل الامتصاص للنبات، وأن النيتروجين يعد من العناصر المغذية للتربة بشكل كبير، وصرف مياه الأسماك واستخدامها في الزراعات النباتية يزيد من الإنتاج الزراعي للمحاصيل بمعدل لا يقل عن 30%، وكل فدان استزراع سمكي مكثف يكفي لري من 100 -150 فدان أرض صحراوية
مشيراً إلى أن أكثر ما يعانى منه أصحاب المزارع السمكية بالمحافظات الأخرى ولا تتأثر به مزرعته نهائيا هى التغيرات المناخية والتى تؤثر علي منظومة الاستزراع السمكي ونظام التربية وان الإنتاج السمكي يتأثر أيضا بدرجات الحرارة العالية أو المنخفضة عندما تكون المياه هي المصدر الطبيعي لمشروعات الاستزراع السمكي، موضحا أن أسماك البلطي بالمحافظات الأخرى يتوقف عن تناول العلف عند درجة حرارة 16 مئوية، وينفُق عند 10 درجات مئوية، لكن مياه الآبار درجة حرارتها 25 درجة مئوية، ولا تتأثر بالمناخ البارد أو الحار، ما يجعل الأسماك في مأمن من التعرض للموت
وناشد محمد فوزى اللواء محمد الزملوط محافظ الوادى الجديد ، بمساندته وتشجيعه فى ظل ما تشهده الدولة من حراك تنموى برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية ، لدعم مشروعات الشباب لتوفير فرص العمل وتحقيق التنمية المستدامة، من خلال ما يسعى إليه من تحقيق لعملية الإكتفاء الذاتى لمنتج طازج ونظيف يكفى لتغطية احتياجات أهل قريته والمركز التابع له ، مشيرا إلى توقف إجراءات تسليمه مساحة ٥٠ فدان زراعات مفتوحة تم تخصيصها بالأمر المباشر من قبل رئيس المركز السابق، بواقع مساحة ٢ % مستغلة لإقامة مزارع سمكية تكفى لسد الفجوة الغذائية من لحوم الأسماك بالمركز وعدم إهدار المياه
اترك تعليق