هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

ليالي الأنس

الفسطاط الثانوية
بعد ان انتهيت من المرحلة الإعدادية فى مدرسة احمد ماهر التى تركت ومدرسوها اثرا عميقا فى نفسى ، كنت مترددا بين الإلتحاق بمدرسة الإبراهيمية ذائعة الصيت والملتصق سورها بمدرسة الميرديديو للبنات او مدرسة الفسطاط المشهورة بنخبة رائعة من المعلمين واخترت الأخيرة

 يرويها: وصفي هنري من فيينا

 

مدرسة الفسطاط الثانوية " الحكومية" التى تقع على كورنيش النيل بمصر القديمة , الشهيرة بواجهتها المعمارية المميزة ... كانت المدرسة تتميز بنظافتها وانضباطها الذى كان يشرف عليه ضابط برتبة مقدم اسمه أمين، وصول ذو شارب كثيف مهيب الطلعة اسمه الصول حسن حيث كنا نصطف فى طابور الصباح يومين اسبوعيا بلبس الفتوة الذى كنت أعتنى به عناية فائقة بحيث يكون نظيفآ مكويا والقايش والجدر شديدى البياض والبيادة لامعة كالمرآة وكان بالمدرسة ملعب لكرة السلة وفناء كبير، وكان هناك نشاطات متعددة مثل الرحلات والكشافة والجوالة وندوات تثقيقية وشاركت فى كل الرحلات التى نظمتها المدرسة وأهمها رحلة الأقصر وأسوان التى بلغت تكاليفها سفر واقامة كاملة لمدة أسبوع خمسة وسبعون قرشا مصريا لا غير ... كان المسرح المدرسى من اهم هذه النشاطات التى كان لها اهتمام واسع فى الفسطاط الثانوية وكان فريق التمثيل والمسرح مسؤولية وزارة الثقافة فى ذلك الوقت وليس التربية والتعليم وكان المشرف على النشاط المسرحى الأستاذ على الشامى , وكان مكلفا بإخراج المسرحيات احد مخرجى المسرح القومى اسمه " مرسى الحطاب " وكان يتم تدعيم فريق المدرسة بممثلين محترفين اذكر منهم نبيل الهجرسى و الفنانة القديرة سهير رضا ...وكان يقوم بتدريبنا على نطق الفصحى مدرس اللغة العربية ورئيس لجنة التمثيل الاستاذ على الشامى الذى يعود له الفضل " الثانى " فى عشقى للغة العربية وآدابها .... وكانت اول مسرحية قمنا بتمثيلها مسرحية مترجمة اسمها الأب لاوجوست سترندبرج وقام ببطولة المسرحية زميل كان يسبقنى بعام كان فى الثانوية العامة اسمه رضا ... كان ضخم الجثة يسبق زمانه بعقود من حيث الحجم والثقافة وقوة الشخصية وكان ينطق العربية الفصحى بطريقة سلسة ومذهلة وكان من ضمن فريق التمثيل زميل لايمكن أن أنسى اسمه الرباعى الكامل أبدا " عبد العزيز عبد الوارث عبد الحليم عبد الله " وكان والده كاتبا مسرحيا شهيرا ... كان دورى فى المسرحية صغيرا جدا ومع ذلك فقد تخبطت ركبتاى بمجرد الظهور على خشبة المسرح ... قمنا بعرض المسرحية على المسرح القومى بالعتبة الخضراء ضمن مسابقة اشتركت فيها عشرة مدارس ثانوية منها الإبراهيمية والسعيدية والمبتديان والتوفيقية  وفازت الفسطاط بالمركز الاول بسبب موهبة رضا هذا العملاق جسما وتمثيلا الذى حاز اعجاب النقاد والجمهور واستطعنا هزيمة السعيدية التى كانت تتفوق علينا فى السلة وكرة القدم بل على مدارس الجمهورية ( للأسف مات رضا بعد حصوله على الثانوية العامة مباشرة )


كان أساتذة المدرسة مثالا يحتذى به ليس فقط فى العلم لكن أيضا فى السلوك والأناقة منهم الأستاذ أديب استاذ الكيمياء الذى كان يشبه ممثلى السينما وعلى الشامى للغة العربية .. وكان هناك بعض الطلبة يرتدون بدلات كاملة كما يظهر فى بعض الصور .


ذكرنى اليوم زميل الدراسة المهندس عمر ثابت Mohamed Amr Sabet الوحيد الباقى من الفسطاط الذى ما زلت على اتصال به حيث اننا التقينا منذ سنوات قليلة فى فيينا , ذكرنى بحسين صاحب عربة الكشرى فوق نفق الملك الصالح الذى أنفت منه رغم طعم الكشرى الرائع لأنه كان يغسل الأطباق فى جردل فاستبدلته بمطعم الكشرى المجاور لسينيما ميراندا ( فاتن حمامة ) فكنت اعبر كوبرى الملك الصالح وأدفع هناك قرشين والكمالة بقرش وهو نفس سعر عم حسين لكن انظف كثيرا هذا فضلا عن ان السينيما فى مواجهة مدرسة الأسقفية فكنا ننتظر ونرقب خروج الحسناوات ذوات الجيبة الخضراء وهن يحتضن حقائبهن فى دلع فتان .


للأسف لم يعد هناك أى نشاظ من أى نوع فى مدرستى التى أصبحت مجمعا للمدارس واختفى ملعب السلة والحوش وأساتذتنا الأفاضل المتميزى الشخصية والأناقة الذين لم نسمع انهم اعطوا يوما درسا خصوصيا .
كان زمنا جميلا  لكننى على يقين انه كان امتداداً لزمن أجمل سبقنا 


٣ اكتوبر ٢٠١٩





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق