بقلم / أحمد محمد خلف
وأشباه الأصدقاء مراحلٌ مُؤَقَّتةُ تُرَبِّي فيك ملكة "عدم الانخداع ببريقِ مزيَّفٍ" إن الصديقَ الحقَّ هو أخٌ لك لم تلده أمّك ،إلا أنَّه قد وُلِدَ من رَحِمِ المواقف ، أخ اجتمعت فيه كل معاني الأُخُوَّة إلا أنه حمَل اسمًا لم تحملْه ، أخٌ قد تُبَدَّل خاؤه عينًا إذا ما ارتقى ليكون ظهرًا تمتطيه ؛ لتفادي عثراتك ، ومعايشة حاضرك ،والتأهب لمستقبل أفضل .
أخ، وما أعظمه من أخ ! إن الصداقةَ من أسمى العلاقات ، وإن شئت ؛ فقل أسماها ؛ متى ما اقترنت بالإخلاص، والوفاء؛ فإذا شابتها شوائب الغيرةِ ، والأنانيِّة ؛ تحوَّل سموّها إلى علاقة تُنتِهزُ فيها الفُرص ؛للانتقام ، ولوَّثَ نقاؤها الطمع ، وعدم الرضا. الصديقُ مِفتاحك الذي به تُفتح مغاليق حياتك ، وبدرك الذي يضيء عتمتها ، ذلكم الظلّ الذي تستظلّ به من حرارة المواقف ، والدفء الذي تشعر به حينما تقسو عليك برودة الأشياء ، والنبراس الذي تنتهل من ضيائه ؛ كشف معالم الطريق الحالك ، هو ذلك الرجل الذي يغضب لغضبك ، ويحزن لحزنك ، هو المُقوِّم إن حضر كل المتخاذلين ، والمُقيّم إن علٌت أصوات المنافقين ، والمحفِّز في حضرة المثبطين ،والأمين إن كثرت جموع الخائنين ،من تستشعر أن حبّه لك خالص لا لأجل مصلحة أو منفعة. عمادُ الصَّداقة الصِّدق ، ومن شدة تعلُّق الصدق بالصداقة ؛ بُنِيا من جذر لغوِيٍّ واحد _(ص د ق ) ، فالصاد حرف مهموسٌ ،
وكأن من واجب الصديق على صديقه : أن يهمس في أذُنيْه إذا ما رآه يحيد عن الطريق المستقيم ، وليس مجرَّد همس فقط بل همس مقرون بالنّصح ، وكيفية مواكبة هذا الحدث الطارئ ، وأما الدال فهي (حرف مجهور) ، وكأن من حق الصديق على صديق : أن يَجْهرَ بمآثره ومناقبه ؛ حتى تتحقّق علامة الحبّ الكاملة ، وتطفو مشاعر إنكار الذات، وأما القاف (فهي حرف استعلاء) ، وكأن من واجبه أيضًا : أن يستعليَ عن كل الصغائر التي تعكِّر صفو صداقتهما ، وأن لا يسمع عنه بل لا بد وأن يسمعَ منه .
وفي الختام أقول: " الصداقة روحُ المخلصين ، وقوَام الأوفياء ، فلا تنخدع بالمظاهرِ ، واختَر صديقك قبل طريقك ،فإن سلِبَت الروح ، وهُدم القوَام ؛ فلا عزاءَ لأصحاب النفوس المريضة ، والبريق المُزيَّف"
اترك تعليق