الوادى الجديد_ عماد الجبالى
تزهو طرقات وشوارع قريته بنماذج فنية متنوعة، أساسها نباتات وشجيرات تم تقليمها بطريقة إبداعية لتشكل صوراً متنوعة تحاكي الطبيعة بتفاصيل دقيقة، لتقدم نموذجاً لأشكال هندسية تصور مجسمات فنية مختلفة على طريقته الروحانية الخاصة.
عن قصة عشق لا تنتهى بين عامل بسيط وشجيرات زينة خضراء بشوارع قريته جمعتهم علاقة حميمة بين أنامل ذهبية تبحث عن السعادة من خلال إضفاء مجسم من الجمال والروح وبين فروع يابسة ومورقة لأشجار تتطلع إلى صديق يحنو عليها ويظهر مفاتن ربيعها مستجيبا لأصوات استغاثاتها الغير مسموعة ، فكان ذلك الشخص هو رفاعى صديق البيئة، وتاجر السعادة المسخر لخدمة مخلوقات الله الغير بشرية من أغصان وزهور ونباتات شجرية ، ليصبح رفاعى بمرور الوقت أحد أفضل واصدق الأشخاص قربا ورعاية وإتقانا لفن تقليم وتزيين الأشجار حتى بعد وصوله لسن التقاعد بالوادى الجديد.
رفاعى ليس مجرد شخص عادى يتوقف عن العمل بمجرد إنتهاء ساعات عمله الرسمية بقسم تحسين البيئة داخل وحدتها المحلية كعامل مختص بقص وتقليم الأشجار ولكن كان دائماً ما يستغل اوقات فراغه ليمارس هوايته المفضلة ورعايته الدائمة لأصدقائه المقربين من أشجار الزينة بشوارع وطرق وحدائق قريته مما دفع الكثير من رؤساء القري والمراكز للإستعانة به فى تجميل ميادينهم ومناطق تجمع مواطنيهم بالمنتزهات العامة ومناطق الترفيه من خلال قص وتقليم وتزيين أشجارها المتراصة والتى كانت تخلو من مظاهر الحياة الجمالية والروحانية إلى أن جاء رفاعى واعاد إليها رونقها وأوج سعادتها من رسوم هندسية واشكال طبيعية رسمت ملامحها وجسدت علاقتها الوثيقة ببيئتها الحقيقية.
وهو مارصدته عدسة تصوير الجمهورية أون لاين من نموذج لرجل من طراز فريد رفض ترك رسالته كراعى لمخلوقات الله الزاهرة ، مخلصا لعهده وصداقته الحميمية، تلبية لنداء الواجب ومتطلباتها المشروعة، بعد بلوغه ٦٠ عاما قضاها فى رعاية هذه الأشجار دون كلل أو انقطاع.
يقول رفاعى محمد احمد ٦١ عاما بالمعاش من أهالي قرية عزب القصر التابعة لمركز الداخلة بمحافظة الوادى الجديد، تركت وظيفتى الحكومية ولم اتخلي عن مهمتى الإنسانية برعاية اشجارى التى تررعرت فى صباي فلم اتخلى عنها مطلقا بعد أن زرعتها بكلتا يدى وبقيت إلى جوارها إلى أن كبرت ارعاها واقلم أطرافها وازين أغصانها برسوماتى مستعملا ادواتى البسيطة من مقص حديدى وتصوراتى الجمالية إلى أن بلغت ال ٦٠ عاما وتمت إحالتى إلى سن الراحة من العمل الحكومى مسخرا وقتى وذهنى وجهدى متجولا شوارع قريتى الصغيرة ابحث عن اشجارى لأمارس هوايتى المفضلة والمقربة إلى قلبي العاشق لكل مخلوقات الله من الاشجار والنباتات والزهور الجميلة.
واضاف محمد إن مراحل تزيين الشجيرات المرغوب بتشكيلها تمر بمراحل مختلفة منها التقليم، الذي له أنواع ومواعيد عدة، ومرحلة التشكيل أي تحديد الشكل المرغوب للشجرة سواء كان هرمياً أو مخروطياً أو روحانيا بكتابة الكلمات الدينية كلفظ الجلالةً وغيرها. يعتمد على فن تشكيل وتشذيب النباتات لإضفاء روح جمالية بين ثنايا المكان أو بناء أسوار متتابعة ومتسلسلة أساسها الأوراق أو جذوع الشجر. وللتعرف إلى نمط النباتات التي يمكن أن تتشكل من خلالها بعض الصور والنماذج لتزيين الحدائق والمنتزهات والطرق العمومية والعناية بها.
مشيراً إلى أن عملية التقليم كانت فى بداية مراحل تعلمه منذ ٢٠ عاما تتم بطريقة عشوائية وغير دقيقة ولكن مع الوقت تطورت هذه الطريقة لتناسب الشكل المطلوب حيث كان يتمنى تعميم فكرة استخدام أسلاك حديدية لترك النبات ينمو عليه إلى أن يغطي الأسلاك الحديدية ثم يتم قص الزائد من الأوراق حتى يتم الحصول على النموذج المطلوب”.
لافتاً إلى أن ذلك يساعد على تحديد الهيكل النباتي لها لما يتميز من قدرة على تجديد نمو الأشجار والشجيرات والمحافظة على طبيعة نموها ومظهرها العام وقد يتم التقليم لتجهيز النباتات لموسم الإزهار (للأنواع المزهرة) وفي بعض الحالات يتم التقليم كذلك بعد موسم الإزهار لإزالة الفروع الجافة، وعادة تجري هذه العملية قبل موسم الشتاء .
وفى سياق متصل أكد صابر جابر رئيس الوحدة المحلية لقرية عزب القصر فى تصريح خاص لبوابة الجمهورية أون لاين إن رفاعى أحد النماذج النادرة وعيا وإخلاصا وإصرارا فى تأدية واجبه بصدق والتزام وذلك فى مجال عمله بقسم تحسين البيئة بالوحدة المحلية لقرية عزب القصر مشيرا إلى أنه من عائله القاضى بقرية افطيمة الشرقية بعزب القصر وكان يعمل بالوحدة المحليه لقرى القصر كحارس للأشجار والتى انتقلت اصولها من جهاز التعمير المحليات بعد ذلك.
وفى عام 2003 تم انشاء الوحدة المحليه لقرى عزب القصر فانتقل بعهدته من الاشجار الى الوحدة المحليه لقرى عزب القصر حيث ان الأشجار التى كان يقوم بحراستها تقع بمنطقه بئر 1 عزب القصر وأراد رئيس الوحدة المحلية فى عزب القصر ان يسند له عمل اخر بجانب عمله فقام بارساله لمركز الداخلة لمده عشرة ايام ليتعلم قص وتقليم الأشجار ، وبالفعل تعلم رفاعى قص وتقليم الاشجار بمركز الداخلة واتقن عمليه التزيين بقرية عزب القصر .
لافتا إلى انه تم استدعائه من العميد هارون رئيس مركز الداخلة سابقا لتقليم الاشجار بالداخلة وبعض قرى المركز حتى تمت احالته للمعاش لبلوغه السن القانونية للإحالة للمعاش فى عام 2018 كأحد أنبل واكثر موظفى الوحدة المحلية لقرى عزب القصر وفاء وحرصا على رعاية وتجميل مظاهر بيئته القروية بتزيين أشجارها ورعايتها طوال ٤٠ عاما دون توقف حتى الآن.
اترك تعليق