رئيس مجلس الإدارة
طارق لطفى
رئيس التحرير
أحمد سليمان
الوقت المسحور
البشر يتعاملون مع السحر وكأنه شيء خطير عليهم الحذر منه ،لم يعطوا أنفسهم فرصة للتفكير في السبب وراء هذا الهلع الغير مبرر ،السر يكمن بداخلهم
بقلم - هبه مرجان:
البشر يتعاملون مع السحر وكأنه شيء خطير عليهم الحذر منه ،لم يعطوا أنفسهم فرصة للتفكير في السبب وراء هذا الهلع الغير مبرر ،السر يكمن بداخلهم ،هم تعاملوا معه علي هذا الأساس ؛لأنهم استخدموه في أغراضهم الخبيثة لأذية كل من يقف ضد رغباتهم ،بالضبط كالعلم البعض يستخدمه لرخاء ونهضة البشرية والبعض الأخر يستغله لاختراع أسلحة قد تهلك الحرث والنسل للأبد .
الوقت أيضاً مسحور بأفعال البشر ، 90% من البشر أو ربما أكثر من تلك النسبة يفنون أعمارهم في معارك لا ناقة من وراءها ولا جمل ، حروب اقتصادية ،احتلال ،مذابح ،مجاعات ،مجازر ،وإرهاب ..الخ ،وكأن شعارهم في الحياة "أنا أقاتل إذن أنا موجود" ولكن في المقابل هناك نسبة ضئيلة جدا من البشر تُسحر الوقت بطُرقهم الخاصة ،هؤلاء قادرون علي تحويل اللون الأسود للبمبي ،وتجاوز مصائب الدنيا بأقل الخسائر،بل أحياناً قد يستفيدون من شرور القدر لصالحهم ،هؤلاء هم الساحرون الحقيقيون من يصنعون لأنفسهم ولمن حولهم هالة كونية تفصلهم عن باقي الكوكب ،فمثلاً رجل الأعمال الأمريكي ،روس بيروت،برمج عقله وكل من حوله علي كيفية التعامل مع معادلة الوقت والحياة ؛فمن أشهر مقولاته:" في وقت اختيار فريق العمل ،فأني أبحث دائماً عن أناس يحبون الفوز ،وإذا لم أعثر علي أياً منهم ،علي الفور أبحث عن آخرون يكرهون الهزيمة "،بهذه الطريقة تجبر وقتك علي الانصياع لرغباتك ،و تستطيع جذب رفقاء دربك ممن يحملون نفس صفاتك العقلية ؛ولكن من ناحية أخري بعض البشر يتكيفون مع الوقت بطرق معوجة و ملتوية ،يتحججون بالظروف ،الحلقة الأخيرة من "ولد الغلابة" ،فيها ملخص لحياة هؤلاء البشر ، في أخر جملتين في المسلسل ،أحمد السقا كفي ووفي :"كنت عايز تتاجر في المخدرات وتقتل وتسرق وتفسد في الأرض وربنا هيسيبك ؟!! طب كيف وأنت عارف أن أسمه الحق ،ياريتك كنت صبرت لحد ما كان حلها من عنده ..بس أنت اخترت طريق أقصر ، وده أخره" ،أكاد أجزم أن كل من ضيع عمره في أذية البشر لابد وأن يتجرعوا مرارة الندم علي كل لحظة مضت دون أن يغمروها بسحر الحياة .
الآن ما هو "الوقت المسحور" ، هو كل وقت يقطع أنفاسك سواء كان بسبب فرط السعادة أو أول لحظات الصدمة ،أو الحزن الشديد ،بمعني أكثر شمولاً، كل اللحظات الحماسية الناتجة عن المشاعر المفرطة ،أغلبها يصاحبها ارتفاع في ضغط الدم وزيادة معدل نبضات القلب ،كأول يوم مدرسة ،لبس جديد و شنطة جديدة وتجربة جديدة ،أول مرة تطلع في الإذاعة المدرسية ،لحظات النجاح المتوقعة وغير المتوقعة ،أعياد ميلادك ،أول حب وأول طفل ،فقدان شخص عزيز ،صدمات الغدر والخيانة ،أول مرتب و أول ترقية ،صدمة جون التعادل في مباراة مصر والكونغو"تصفيات كأس العالم"،فرحة ضربة الجزاء ،وجون محمد صلاح و وصولنا كأس العالم ..الخ ،مشاعرنا المختلطة كفيلة أنها تصيب أي إنسان سوي بالصرع ؛لذلك إذا أردت أن تتكيف مع كل المواقف و تبرم اتفاقية سلام مع وقتك عليك أن تحتفظ بثلاث ورقات في محفظتك وتكتب عليهم الأتي ،الورقة الأولي :"لا يوجد أي فرق بينك وبين الغبار والتراب " ،الورقة الثانية :"الكون بأكمله مسخر لأجلك وحدك" ،والورقة الأخيرة :"لا تنسي أن تلك اللحظة لن تدوم طويلاً " ،أنت الآن معك الوصفة السحرية للحياة.
أراد أحد التجار إرسال ابنه لقصر أحد الحكماء ليتعلم منه سر الحياة ،ذهب الفتي وطلب الحكيم منه أن يأخذ جولة في القصر بشرط أن يأخذ معه ملعقة فيها قطرتي زيت ،وعليه أن يحافظ عليهم أثناء جولته ،ذهب وعاد بقطرتي الزيت ؛لكنه لم يري الأشياء القيمة في القصر ولا حتى انتبه لجمال الحديقة ،وقتها طلب الحكيم أن يعود الفتي لجولة أخري مع قطرتي الزيت ،وبعد فترة عاد الفتي وقد رأي كل شيء بالتفصيل ؛لكنه سكب قطرتي الزيت ،في تلك اللحظة قال له الحكيم أن سر الحياة أن تستمتع بكل روائعها وبهجتها دون أن تسكب قطرتي الزيت .
الحياة ما هي إلا مجموعة خيارات لا تحتمل التردد و الجبن تحت مسمي التأني والسلامة والتخطيط ،كما لا تحتمل الاندفاع الأحمق الذي يتباهي به البعض ؛وكأنه ضرب من الشجاعة وروح المغامرة ، أغتنم كل أوقاتك مع أهلك وأصدقائك ،حتى مع هواياتك وفي شغلك ،و لا تُهمل لحظتك الراهنة مع أحبائك في سبيل القلق بشأن ما قد يحدث وما قد ينتج ؛لأن للوقت لعنه سوف تشعر بها في كل لحظة تذكرت فيها الماضي وشعرت بالأسف علي ما فرطت في الوقت المسحور .
اترك تعليق