قال تعالى : " لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ " صدق الله العظيم .
بقلم - د شيماء خطاب:
باحثة فى التاريخ السياسى والصراع العربي الإسرائيلى
قال تعالى : " لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ " صدق الله العظيم .
أنزل الله سبحانه وتعالى الأديان لإقامة العدل بين الناس !!
لكن الذى حدث ويحدث هو أن سار البشر لنشر الظلم والمتاجرة بإسم الدين للضحك والسيطرة على عقول البسطاء من الناس!! ، بل وحتى على عقول الكثيرين من النخبة المثقفين فاعلين ذلك بالدجل والتستر تحت رداء الدين !! ، فأصبح الكذب والقتل والخداع وأكل أموال الناس بالباطل سهلا ، يسير على قدمين بين الناس!! لقد نزل الإسلام كعقيدة مبنية على الرحمه والعدل والمساواة بين الناس ليغير مفاهيم العصور الوسطى التى كانت قائمة على التعصب وسفك الدماء بإسم الدين الحنيف !!
بالنظر إلى تاريخ البشرية نرى مشهدا يطل برأسه علينا من العصور الوسطى التى اشتهرت بالصراع البابوى الكنسى بين الامبراطور وبطريرك الكنيسة (البابا) للجمع بين السلطتين الدينية والمدنية (الزمنية والمكانية) ، ففى القرن الثامن ظهرت اكبر وثيقة مزيفة عرفها التاريخ بإسم "هبة قسطنطين"الذى كان يحكم فى القرن الرابع ،زاعمة أن الامبراطور يمنح بموجبها للبابا والكنيسة سلطات وأملاك واسعة له ولمن يخلفه من بعده ، منها قصر لاتران بروما وكل المقاطعات والمدن الإيطالية فى الإمبراطورية ورئاسة البطريركات الشرقيه (انطاكية والإسكندرية والقسطنطينية وبيت المقدس) .
وقد ظلت تلك الوثيقة المزيفة المتواجده بقسم المخطوطات اللاتينية بالمكتبة القومية فى باريس برقم ٢٧٧٧ تحت اسم "وثيقة هبة قسطنطين " معمولا بها لمدة سبعة قرون واكثر !! ، حتى تم إثبات زيفها وتزويرها فيما بعد على يد المؤرخ الكاردينال باروتيوس أى أنها كما ذكر المؤرخ البريطانى " إدوارد جيبون " اكبر وثيقة بابوية لتدعيم السلطات المدنية للبابوات والكنيسة الكاثوليكية فى حربها من أجل السيطرة على السلطتين الدينية والمدنية .
ثم تتكرر الأكاذيب للمتاجرة بإسم الدين مرة أخرى فى بداية القرن السادس عشر الميلادي عندما ذهب البابوات يجمعون أموالا طائلة من الإقطاعيين والاغنياء والفقراء من الناس البسطاء لبناء كنيسة القديس بطرس بحجة صكوك أطلق عليها"صكوك الغفران"مدعين أن من يشترى صكا فإن الله يدخله الجنة بغير حساب !! وكلما دفع مالا اكبر فإن فرصتة فى الجنة ستكون أكبر !! ،حتى وصل الأمر بالبابوات أن يشيعوا أن من حق اهل الميت أن يشتروا للمتوفى صكا كى يدخل الجنه دون حرص الكنيسة أن تتحرى عن أصل هذا المال !! .
وجاء "مارتن لوثر كينج " فى حركة إصلاح كنسى عرفت ب(عقيدة الايمان) ليواجه تسلط الكنيسة ويثبت بطلان تلك الصكوك رافضا سلطة القساوسة واضعا لائحة على جدران الكنائس من ٩٥مادة سميت بحركة الإصلاح الكنسى ،وانتشر فكره كالنار فى الهشيم حتى عوقب بالحرمان من الكنيسة والبابا فى روما وصدر ضده قرار التحريم عام ١٥٢١، وتم محاكمته وحرق كتبه ومطاردة أتباعة ونعته بالدجال ، كل هذاء جراء تصديه لسطوة السلطة الدينية على السلطة المدنية .
وفى خضم استعراض التطور التاريخى يثبت دائما محاولة وسعى السلطة الدينية للارتكاز على سلسلة من الأكاذيب المتراكمة عبر العصور للاستحواذ على كافة السلطات ،ليطل علينا الآن بعد أن تحررنا من سلطة الإخوان ،سلطة أصحاب الأحزاب السياسية الدينية من المتلونين المتاجرين باسم الدين فى محاولة للخلط بين الدين الإسلامي الحنيف والسياسة فى محاولة لاستمالة البسطاء !! ما اكثر فتاوى اليوم وما أكثر الدجالين الكاذبين الذين يتسترون تحت عباءة الدين والسياسة لتحقيق المكاسب الشخصية والكذب مستغلين تشتت عقول الشباب فى العمل أو تأخر البنات فى سن الزواج !! .
والسؤال : ألم يأن الأوان بعد لتصحيح الخطاب الديني وتجديده ؟! ، الم يأن الأوان بعد لكشف النقاب عن أولئك المتاجرين باسم الدين والسياسة لسرقة الأموال والأفس وتخريب العقول ؟! ، متى نستجيب لصوت العقل والحكمة ونقول لا للأحزاب الدينية ونعم لتصحيح الخطاب الدينى ؟! ، هل من فجر قريب يأ أهل العقول ؟! أتمنى !!.
تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي
يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل
اترك تعليق