هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

أجمل وأشهر مساجد العالم – الحلقة التاسعة

مسجد لندن .. هلال لامع في عاصمة الضباب وحكاية جميل الملك فاروق
مسجد لندن المركزي .. أو المركز الثقافي الإسلامي في لندن هو أحد أقدم وأهم المراكز الثقافية الإسلامية في القارة الأوربية، ويقوم بدور مهم في مجال تعزيز الحوار والتفاهم بين المسلمين وغير المسلمين، ونشر الثقافة الإسلامية واللغة العربية.

حكايات جمعها/ محمد سعيد

مسجد لندن المركزي .. أو المركز الثقافي الإسلامي في لندن هو أحد أقدم وأهم المراكز الثقافية الإسلامية في القارة الأوربية، ويقوم بدور مهم في مجال تعزيز الحوار والتفاهم بين المسلمين وغير المسلمين، ونشر الثقافة الإسلامية واللغة العربية. وقد وضعته الحكومة البريطانية منذ فترة قصيرة على قائمة التراث التاريخي والمعماري الوطني، وذلك عملاً بتوصية أصدرتها الوكالة الحكومية "هيستوريك إنجلاند" المكلفة حماية التراث البريطاني.

يُعرف أيضا باسم مسجد ريجنت بارك لأنه يقع بالقرب من حديقة وصي العرش في لندن المعروفة بهذا الاسم. وصممه السير فريدريك جيبارد. وتم تأسيسه في عام 1944م.  كمركز مؤقت، ويتسع المسجد لأكثر منم 5 آلاف مصلٍ كما يوجد به مصلى خاص بالسيدات يطل على القاعة الكبرى. ويضم مكتبة بها مائة ألف كتاب.

قبة نحاسية مغلفة بالبلاستك لحمايتها من تأثيرات الجو

ترتفع فوق المسجد مئذنة 50 مترًا وبداخلها سلم حلزوني ومصعد كهربائي يصعد إلى شرفة الأذان الرئيسية وتعلو المسجد قبة نحاسية مغلفة بالبلاستك لحمايتها من تأثيرات الجو، كما أن هيكلها محاط بوحدات وعوارض واقية ضد ضغط الرياح. ويرتفع فوق القبة الهلال الإسلامي شامخًا على عمود من النحاس فيه ثلاث كرات نحاسية متتابعة، وأما سقف القبة من الداخل فقد زُيّن بالفسيفساء التركي، كما عهد بأعمال الزخرفة على الجدران والأخشاب إلى متخصصين من المغرب والجزائر وتونس.

ويتميز صحن المسجد الفسيح بالتصميم البديع وخصوصًا أرضيته التي رُصفت بالرخام الأبيض ويزداد المنظر جمالًا عندما تقف في وسط الصحن لتشاهد قاعة الصلاة حيث تفصل بينهما أروقة تحاكي بجمالها المساجد القديمة، وعندما تدخل إلى قاعة الصلاة المنارة بثريات ضخمة بديعة المنظر ستؤخذ بجمالها، كما تزين النوافذ فيها بسواتر خشبية محفورة بزخارف إسلامية نفيسة.

دعم مالي الأمير نظام حاكم إمارة حيدر أباد

تعود فكرة بناء المسجد إلى عام 1931 عندما طرح عدد من الرعايا المسلمين فكرة إنشائه بدعم مالي كامل من الأمير نظام حاكم إمارة حيدر أباد بلغ 85 ألف جنيه إسترليني، إلا أن الانجليز لم يلقوا للموضوع أي اهتمام، حتى اعتنق اللورد هيدلي الإسلام عام 1937، على أيدي مدرّسه خواجة كمال الدين فوضع خططاً لبناء مسجد في لندن، وحصل على قطعة أرض تبرع بها الأمير عزام جاه الابن الأكبر لمير عثمان علي خان آخر حاكم من دولة حيدر أباد، إلا أن هذه المحاولات باءت هي الأخرى بالفشل على الرغم من وضع حجر الأساس يوم الجمعة 4 يونيو 1937م.

مذكرة إلى رئيس وزراء بريطانيا

وفي عام 1939 اقتنع اللورد لويد أولبرايت، وزير الدولة لشئون المستعمرات، والرئيس السابق للمجلس الثقافي البريطاني بالفكرة، وأرسل مذكرة إلى رئيس وزراء بريطانيا في هذه الفترة "نيفل تشمبرين"، قال فيها: "لندن تحتوي على أكثر المسلمين من أي عاصمة أوروبية أخرى ولكن في الإمبراطورية لدينا والتي تحتوي في الواقع على مسلمين أكثر من المسيحيين غير ملائمة وينبغي أن يكون هناك مكان للعبادة المركزية للمسلمين".

وأشار اللورد لويد في المذكرة إلى أن فاروق الأول ملك مصر تبرع قبل سنوات بأرض في قلب القاهرة للجالية البريطانية في مصر، لإنشاء كنيسة خاصة عليها، ليساهم ذلك في إقناع رئيس الوزراء الذي استجاب وأمر بتقديم مساعدة مالية ضخمة من الخزانة البريطانية لتمويل هذا المشروع.

وذكر البعض أن مسجد لندن المركزي، تم  خلال الحرب العالمية الثانية، تقديراً للجهود والتضحيات التي بذلها الجنود الهنود المسلمون دفاعاً عن بريطانيا في المعارك، ما أدّى إلى تخصيص رئيس وزراء بريطانيا في هذا الوقت "ونستون تشرشل"، بتقديم مبلغ 100 ألف جنيه إسترليني لشراء موقع لبناء مسجد، ووقع الاختيار على بقعة في منطقة ريجنت بارك في لندن في 24 أكتوبر 1940.

الملك جورج السادس يرد الجميل للملك فاروق

ويرى آخرون أنّه منذ نحو ما يزيد عن سبعين عاماً، قدّم فاروق الأول، ملك مصر والسودان، أرضاً لبريطانيا لبناء كاتدرائية أنجليكانية في المنطقة، ما دفع الملك جورج السادس إلى منح أرض للمجتمع المسلم في البلاد لبناء جامع عليها كرد جميل للملك فاروق. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل افتتح الملك جورج السادس بافتتاحه في عام 1944.

بعد الحرب العالمية الثانية بدأ المسلمون ومجلس أمناء لندن يفكرون بإنشاء مسجد ضخم وجامع يمثل العالم الإسلامي أجمع. في سنة 1944 تأسست هيئة لهذا الغرض من سفراء السعودية ومصر والعراق والأردن، وقامت بشراء دار متواضعة لهذه الغاية في وسط لندن، وبعد هذه المرحلة تمت الموافقة بصعوبة على تصريح البناء وتم إعداد تصميم للبناء المقترح قدمه المهندس المصري رمزي عمر، ووضع حجر الأساس في عام 1954م إلا أن تنفيذ البناء تأخر نظرًا لعدم توافر الأموال اللازمة التي قدرت بربع مليون جنيه.

بلدية لندن رفضت مخطط البناء بحجة مخالفته للطراز المعماري

وجاءت بعض الأحداث السياسية كالعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ليساهم في تأجيل المشروع حتى عام 1959 وتم جمع الأموال وتهيئة الظروف للبدء بالبناء إلا أن بلدية لندن ولجنة الفنون الجميلة رفضت مخطط البناء بحجة أنه يخالف الهيئة العامة للمدينة ولا ينسجم مع الطراز المعماري الإغريقي للمباني المحيطة بحي ريجنت فتوقف العمل من جديد.

وفي عام 1969عندما قام سفراء الدول الإسلامية بتحريك المشروع ثانية فطرح بناء المسجد من جديد وقدموا عدة تصاميم لعرب وبريطانيين للجنة التحكيم فاختارت تصميمًا لأحد المهندسين البريطانيين، وبالفعل كان تصميمه مشروعًا أنيقًا بديعًا كمركز مؤقت ظل حتى سنة 1973وبعد الحصول على تصريح البناء بدأ العمل الفعلي بالبناء

وبدأت أعمال البناء مطلع عام 1974 واكتمل العمل في شهر يوليو 1977 بتكلفة إجمالية بلغت 6.5 مليون جنيه إسترليني وأسهمت المملكة العربية السعودية بمليونين، واشتركت في التمويل دولة الإمارات العربية المتحدة، والكويت، وبعض الدول العربية والإسلامية، وقد تعهدت المملكة العربية السعودية برصد بعض الأموال لتكون بمثابة وقف دائم للإسهام في مصاريف المركز الإسلامي بلندن.

الحفاظ علي الهوية الإسلامية

ويظل المسجد قائما يمارس دوره في خدمة الدين الإسلامي والتعريف به وتقديمه لغير المسلمين بالحكمة والموعظة الحسنة وتعليم العلوم الإسلامية واللغة العربية، بجانب بناء جسور التقارب مع غير المسلمين ومساعدة الشباب للاندماج في مجتمعاتهم في جو من الثقة بالنفس والعمل المثمر، والاهتمام بالأسرة المسلمة والمساعدة علي تحقيق مصالحهم وتعزيز القيم الإسلامية والمنهج الوسطي ، فضلا عن الحفاظ علي الهوية الإسلامية وعدم ذوبانها في محيط الهويات الأخرى.

 

 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق