جمعها وصنفها / محمد سعيد
تذخر سور القرآن الكريم بها الكثير من صيغ الدعاء سواء التي وردت على لسان الأنبياء والرسل عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام أم التي وردت على لسان الصالحين .. ((الجمهورية اونلاين)) تستعرض طوال أيام شهر رمضان المبارك بعض الأدعية الواردة في القرآن الكريم مع تفسيرات مبسطة لها
نواصل في هذه الحلقة من سلسلة الدعاء في القرآن الكريم استعراض آيات الدعاء التي وردت في سورة التوبة
((حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)) الآية: 129 سورة التوبة
دعاء مبارك الذي أمر الله عز وجل نبي الرحمة أن يقوله إذا تولى عنه المعرضون بما جاءهم من الحق والهدى والصراط المستقيم، ولم يقبلوا منه النصيحة، ولا الموعظة الحقة أن يستعين باللَّه عليهم في الدعاء، والتوكل عليه.
وينبغي أن نعلم أن الدعاء يُطلق على نوعين الأول دعاء مسألة وطلب، والثاني دعاء العبادة، ويدخل في كلّ ما ورد في القرآن من الأمر بالدعاء، والنهي عن دعاء غير اللَّه، والثناء على الداعين.
وهذان الدعاءان متلازمان، فالداعي دعاء المسألة يستلزم دعاء العبادة، وبالعكس، فالداعي دعاء العبادة هو مُتعبِّدٌ للَّه تعالى، طالبٌ وداعٍ دعاء بلسان مقاله، ولسان حاله ربه، قبول تلك العبادة، والإثابة عليها، والداعي دعاء المسألة، هو كذلك داعٍ للَّه تعالى بلسانه وحاله إن اللَّه يقبل دعاءه، ويثيبه عليه.
((حَسْبِيَ اللَّهُ ((أي كافيني ربي من جميع ما أهمّني.
((لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ)) لا معبود بحقٍّ إلاّ هو، تضمّنت هذه الكلمة العظيمة التي عليها الفلاح والنجاح: نفي وإثبات، (لا إله) نفي لكل الآلهة التي تُعبد من دون اللَّه تبارك وتعالى: (إلاَّ هو) إثبات في تخصيص العبودية له جلّ وعلا بالحق، دون أحدٍ سواه.
((عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ((التوكل هو اعتماد القلب على اللَّه وحده، وسكونه، وعدم اضطرابه؛ أي: اعتمدت عليه، ووثقت به وحده في جلب ما ينفع، ودفع ما يضر، وفي تقديم فلا أعتمد إلا عليه وحده عزَّ شأنه.
فالتوكل يقوم على ركنين الأول هو اعتماد القلب على اللَّه تعالى، أما الثاني فهو العمل بالأسباب.
((وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم (( أي هو مالك أعظم المخلوقات على الإطلاق المحيط بكل شيء الذي هو سقف المخلوقات، وعليه استوي كما يليق به جلّ وعلا، فدونه من المخلوقات داخلون في ربوبيته، وملكه من باب أولى.
وهذا الدعاء، وإن كان من باب الإخبار، إلا أنه متضمّن للسؤال والطلب، وكأنّ حال السائل يقول: اكفني يا ربي من كل شيء يهمّني، ويخيفني، فتضمّن هذا الدعاء كمال حُسن الظن، واليقين باللَّه، وتوحيده، والتوكّل عليه، والثناء له، في ملكوته لكل شيء، فهو المستحقّ أن يفزع، ويرجع إليه في كل الأمور.
وقد جاء في فضل هذا الدعاء المبارك من حديث أبي الدرداء عن النبي أنه قال: مَنْ قالَ فِي كُلّ يَوْمٍ حِينَ يُصْبحُ، وَحِينَ يُمْسِي ((حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ)) سَبْعَ مَرَّاتٍ كَفَاهُ اللَّهُ تَعالى ما أهمَّهُ مِنْ أمْرِ الدُّنْيا والآخِرَةِ.
رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن عساكر، وصحح إسناده الأرناؤوط في زاد المعاد،
تضمّن هذا الدعاء فوائد كثيرة، منها:
أهمية هذه الدعوة وفضلها في الكفاية من كل ما يهمّ العبد في دينه ودنياه.
أنّ على العبد أن يأخذ كل ما في وسعه من الأسباب الشرعية وغيرها في تحقيق مقصوده، ثم يتوكل عليه جلّ وعلا، وهذا من كمال التوحيد.
إنّ التوكّل سبب لكفاية اللَّه تعالى للعبد
فضل كلمة التوحيد، فإنّ فيها النجاة في الدنيا والآخرة.
أهمية التوسّل إلى اللَّه تعالى بتوحيده، والتوكل عليه، وربوبيته تعالى لأعظم مخلوقاته.
أن الدعاء كما يكون بصيغة الطلب، يكون كذلك بصيغة الخبر.
ينبغي للداعي أن يُحسن ظنّه بربه حال دعائه، وهذا من التوسّل، والعمل الصالح.
اترك تعليق