جمعها وصنفها / محمد سعيد

تذخر سور القرآن الكريم بها الكثير من صيغ الدعاء سواء التي وردت على لسان الأنبياء والرسل عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام أم التي وردت على لسان الصالحين .. ((الجمهورية اونلاين)) تستعرض طوال أيام شهر رمضان المبارك بعض الأدعية الواردة في القرآن الكريم مع تفسيرات مبسطة لها 

نستعرض في هذه الحلقة من سلسلة الدعاء في القرآن الكريم  آيات الدعاء التي وردت في سورة التوبة

 ((أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ* وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ)) سورة الأعراف الآيتان: 155- 156

هذه الدعوة المباركة من دعوات موسى تحمل في طيّاتها من كمال الآداب الجميلة، والمطالب الجليلة، التي يحسن بالداعي فهم معانيها ومضامينها، حتى يدعو ربّه الكريم بأجمل المباني، وأجلّ المعاني.

بدأ الدعاء بالثناء على اللَّه تبارك وتعالى بدءاً بضمير الفصل (أنت) ليفيد التوكيد والحصر وإزالة اللبس بين الصفة والخبر وتعني أنت القائم بأمورنا الدنيوية والأخروية، وأنت ناصرنا، وحافظنا، لا غيرك، وقدّم ذكر ولايته تعالى لهم على المغفرة؛ ليكون أدعى للإجابة، وتمهيداً لطلب المغفرة والرحمة، وهذا من حُسن الأدب في الدعاء.

وكذلك في اختياره التوسّل إلى اللَّه تعالى باسم من أسمائه تعالى الحسنى، وهو (الوليّ) الذي له تعالى الولاية العامة على كل الخلائق: بالخلق، والتدبير، والرزق، والتصريف، وله الولاية الخاصّة لأوليائه: من الحفظ، والعناية، والرعاية، والنصرة على عدوّهم، وهذه الولاية التي سألها موسى.

وطلب المغفرة قبل الرحمة، من باب التخلية قبل التحلية؛ لأن التخلية أهمّ من التحلية.

وقوله ((وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ)) أي أنّ كلّ غافر سواك، إنما يغفر لغرض، كحب الثناء، ودفع الضرر، أما أنت فإنك تغفر لا لطلب عوض، ولا غرض، بل لمحض الفضل والكرم.

ثم شرع سؤال خيري الدنيا والآخرة بأوجز لفظٍ، وأشمل معنى، فقال: ((وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ))

ثم ختم دعاءه بقوله ((إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ)) أي تبنا، وأنبنا إليك، في جميع أحوالنا: ((والجملة مستأنفة مسوق لتعليل الدعاء؛ فإن التوبة من أهم مؤكدات قبول وإجابة الدعاء، فَحَسُنَ الختام بها.

يحوي الدعاء فوائد وهي:

ينبغي للداعي أن يختار في دعائه لربه تبارك وتعالى أنبل الألفاظ، وأجمل المعاني والتعظيم

العناية بأجلّ المطالب والمقاصد في الدنيا والآخرة حال الدعاء.

المصادر:

تفسير أبي السعود

روح المعاني

تفسير ابن كثير

التحرير والتنوير