السيدات أولاً ! ، يوم المرأة المصرية !! إذا راجعنا أغلب المصطلحات والأعياد التي تمجد المرأة في العالم و في مصر سنجد وراء كل هذا قصة لا علاقة
بقلم - هبه مرجان:
السيدات أولاً ! ، يوم المرأة المصرية !! إذا راجعنا أغلب المصطلحات والأعياد التي تمجد المرأة في العالم و في مصر سنجد وراء كل هذا قصة لا علاقة لها بالاحتفال بالمرأة ؛بل علي العكس تماما ،فمثلا مقولة "ليديز فيرست" ،السيدات أولاً،تعد من أهم قواعد الاتيكيت ؛لكن معظم الروايات عنها كانت إما عن ضرورة جعل النساء في المقدمة أثناء الحرب لحمايتهم من العدو ، أو أن تكون هي أول من يقفز للانتحار بدلا عن حبيبها ،الذي انتحر أولاً خوفاً من رؤيتها وهي تموت ، في حين أنها تراجعت عن قرارها ،ولم تقدم علي الانتحار ،وتزوجت غيره بعد سنوات ، السؤال هنا ،لماذا لا يتركون النساء في الديار عوضاً عن أخذهن للحرب ؟! ، لماذا قرر الشاب الفقير الانتحار مع حبيبته ، كان من الممكن أن يهربوا سوياً علي سبيل المثال،ولكن منعاً للجدل دعونا نتخيل أن الهروب في القرن 18 كان عبارة عن "خزي ،وعار" ،في حين أن الانتحار كان دليل علي الحب الأفلاطوني ، وأن النساء لابد وأن تتقدم مسيرة الجنود في الحرب ،لعدم تعرضهم لأي أذي محتمل إذا مكثوا في الديار بمفردهم ، وقبل أن أتحدث عن المرأة في مصر ،قبل أن يأخذنا الكلام لنقد أو قدح ،أريد أن أذكر مقولة من الأدب العالمي للروائي الروسي ،أنطون تشيخوف : " حين أكتب لكم عن أشياء محزنه , لا أريدكم أن تبكوا , بل أريدكم أن تعملوا علي تغيير أقدار تلك الأشياء " .
متى يحتفل المصريين بيوم المرأة المصرية ،ولماذا اختير هذا اليوم تحديداً ؟!، في يوم 16 مارس من كل عام نحتفل جميعاً بيوم المرأة المصرية ،و التاريخ مأخوذ من 16 مارس 1919 حينما سقطت مجموعة من الشهيدات المصريات في مظاهرات 1919 ،وكانت أبرزهن نعيمة عبد الحميد ،وفاطمة محمود ،وحميدة خليل ،وعلي نفس سياق احتفالنا بيوم المرأة ،نختار الأم المثالية بناء علي مقدار التضحية التي تقدمها لأولادها فقط لا غير ،مع العلم أن الأم المثالية قد تكون الأم الناجحة القادرة علي تحقيق التوازن بين تفوق وتربية أولادها وبين مهامها الأخرى ،في المنزل والعمل و حتى في دورها الفعال في المجتمع ، نحن كمصريين خبراء في الاحتفاء بالتضحيات ،و الشهداء ،لا يوجد لدينا ثقافة تكريم الأبطال قبل موتهم ،والإشادة بالإنجازات كي لا نضطر لرؤية أي تضحيات في المستقبل ،و بالنسبة لتعاملاتنا مع المرأة ؛فالجميع يتفنن في وضع كل اللوم علي المرأة إذا طرا علي المجتمع أي مشكلة جديدة ،نسير بنظرية نابليون بونابرت "شيرشي لافام"، فتش عن المرأة ،الطلاق والعنوسه سببهم المرأة ،التحرش أنتشر بسبب نوعية ملابس المرأة ،ما تغير في المجتمع ليس نوعية الملابس والدليل موضة الميني جوب التي انتشرت في ستينات القرن الماضي ، حتى في قيادة السيارات ظهر التميز العنصري ؛فالمرأة في نظر الشعب المصري لا تستطيع القيادة أبدا مهما بلغت درجة إجادتها في السياقة ،في حين أن معظم الحوادث تحدث بسبب السرعة الجنونية للسائقين من الذكور ،بالمختصر المرأة في مجتمعنا هي الشماعة التي نعلق عليها أخطاءنا وانحدارنا فكرياً ودينياً ومجتمعياً.
من أين نبدأ الحكاية ؟!! من مقولة النبي ﷺ "ناقصات عقل ودين" ،أو من ما ذُكر في سورة يوسف "كيدهن عظيم" ؛لذلك أصبحت المرأة بعيدة عن المناصب الهامة بحجة نقصان عقلها ،بمعني أدق "عاطفية"، و أصبحت علامة علي الكوارث والمؤامرات ؛لأنها أخرجت أدم من الجنة ،و تسببت في حبس يوسف ، و نشر الفتن ...الخ ،لا يعلمون أنهم فقد يتحججون بمقولة النبي عن نقصان عقلنا ؛لأنهم في الحقيقة لا يثقون في قدرات المرأة في التأثير علي المجتمع ،وأكبر دليل علي ذكاء المرأة هو دورها في المنزل ،هي أعظم من أنجح وزير مالية عرفه التاريخ ،معظم البيوت المصرية تعتمد في إداراتها علي الأم ،"الوتد"،هي صاحبة المشورة ،هي المدرسة ،هي نصف المجتمع ،وتنجب وتربي النصف الأخر ،فبدلاً من أن يعيدون علي أنفسهم مرارا وتكرارا جمل "كيدهن عظيم ، وناقصات عقل ودين " ،حري بهم أن يتذكرون "رفقاً بالقوارير ،و استوصوا بالنساء خيراً" ،لا تطالبون النساء أن يكن ملائكة وأنتم في الأساس تعاملوهن معاملة الشياطين ، ولأن النقد دائماً ينتشر كالنار في الهشيم علي عكس الثناء ،أغلب بنو أدم لا يعلمون أن لبونابرت مقولة أخري بخلاف "فتش عن المرأة" ،وهي مقولة مدح "أن المرأة التي تهزّ المهد بيمينها ،تهزّ العالم بيسارها".
منذ أكثر من ثلاثون عاماً تزوجت فتاة مصرية وأنجبت بنتين ،و قامت بمساندة زوجها ، كأي زوجة مصرية أصيلة ،حتى نجح جدا في عمله ؛لكنه سرعان ما طلقها و تزوج من أخري ،دون أن يوفر لها مسكن لطفلتيه ،اعتنت بالطفلتين حتى أصبحتا يافعتين ،ولم تتزوج بعده ،بعد مرور زمن توفي الزوج ،ولأنها طليقته لم تأخذ شيئاً من الميراث ،أين حقوق تلك المرأة هنا ؟! لن أتحدث عن زواج القاصرات ،ولا عن العنف ضد النساء ،ولا عن بعض القوانين والأعراف المجحفة للمرأة ،ولا أي شيء من ذلك ،يكفي أن ننظر للأمور بصورة موضوعية ،البنت في مجتمعنا تحتاج لأذن حتى إذا كانت في طريقها للجامعة أو المدرسة أو الدرس ،يتم التأكد من طراز ملابسها قبل الخروج من المنزل و الاتصال بها كل دقيقة لمعرفة خط سيرها ، ممنوع حضور مؤتمرات أو ندوات أو حتى الجلوس في مكتبة الجامعة بعد المحاضرات ،أي حياة ينتظرونها من تلك الفتاة فيما بعد ،إذا كانت محاطة بكل تلك القيود ،المرحلة الثانية ،بعد الزواج ،بخلاف الاضطهاد التي تواجه الزوجة من والدة وأخت وكل أقرباء الزوج ،هي مسئولة عن بيت بكل أركانه ،المالية والتربوية والصحية والتعليمية والبيئية ..الخ ،لدرجة أن الوزارات والحكومات في العالم أجمع ربما يأخذون منها دورات تدريبية في كيفية إدارة الأزمات ،مرحلة الأمومة ،في تلك المرحلة لولا عاطفة الأمومة الغريزية لوجدنا أكبر نسب الانتحار من الأمهات اللائي تدمرن من فرط المسئولية ،و عجزن عن مواصلة حياتهن .
لم أشترك قط في أي منظمة لحقوق المرأة أو حتى حقوق الإنسان ؛لكن يؤذيني حقاً أن أحتفل بشيء لمجرد وجوده في قوائم احتفالاتنا السنوية ،بالاسم فقط، لا أتمرد علي الواقع ؛لكني فقط أطبق ما قاله ربنا الكريم في صورة الصف " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" ؛لهذا قبل أن نحتفي بالمرأة علينا أن نحترمها أولاً ،الطلاق قرار مشترك بين الطرفين ولا يعيب المرأة أبداً إذا فشلت في علاقتها ،كلنا بشر نخطئ ونصيب ، لا دخل لك بملابس الآخرين ،تلك حريتهن الشخصية ،قبل أن تحكم عليها أنها لا تجيد قيادة السيارات ،أرتدي أنت حزامك أولاً ،ولا تتحدث في هاتفك وتمسك عجلة القيادة بيد واحدة ،بدلا من أن تخبرها أنك مرهق من العمل طوال اليوم ،أثني علي مجهودها الشاق مع الأولاد و في المطبخ طيلة اليوم ، صدقني كلاهما نفس المجهود ،بل أحياناً قد ترتاح أنت بين فترات العمل ولا تجد هي أي وقت لتستريح فيه ،من لا يَرحم لا يُرحم .
تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي
يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل
اترك تعليق