مع دخول موسم الكريسماس ورأس السنة، تتحول خريطة السفر داخل مصر إلى مشهد واضح: حركة أعلى، حجوزات أسرع، واستعدادات أوسع عبر الفنادق وشركات الطيران والنقل السياحي. هذه الفترة من العام لا تشبه غيرها؛ لأنها تجمع نوعين من الحركة في نفس الوقت: مواطنون يبحثون عن إجازة قصيرة “تغيير جو”، وسائحون أجانب يختارون الدفء والشمس والتجارب المختلفة بعيدًا عن برد الشتاء في بلادهم.
فترة نهاية العام ليست مجرد بيع؛ هي فرصة لصناعة انطباع.. مصر في هذا الموسم تقدم ما يبحث عنه كثيرون: دفء شتوي، تنوع كبير في التجربة، وسهولة الانتقال بين البحر والثقافة والمجتمع المحلى، ومن يكسب فعليًا في هذه الأيام هو من يدير التفاصيل الصغيرة باحتراف: التنظيم، السرعة، والاتساق في الخدمة.
وجهات أكثر إقبالا
أكدت د.ريم فوزى عضو لجنة الطيران والنقل السياحى باتحاد الغرف السياحية أن الغردقة وشرم الشيخ تتصدران المشهد كعادتهما في نهاية العام، الطلب هنا يأتي من عدة اتجاهات: عائلات مصرية
ومجموعات عربية، وسائحون أوروبيون يفضلون الشواطئ والأنشطة البحرية. وفي الأيام التي تسبق رأس السنة تحديدًا، تبدو المدن السياحية وكأنها “تعمل بأقصى طاقتها”؛ الفنادق ترفع جاهزيتها، والبرامج الترفيهية تصبح جزءًا من التجربة اليومية، من الاحتفاليات إلى الفعاليات الليلية وحتى الأنشطة العائلية.
نهار ثقافة وليل حياة
قالت د.ريم إن القاهرة في هذا الموسم لها شكل مختلف. هي ليست “وجهة شاطئية”، لكنها تتحول إلى خيار ذكي لمن يريد الجمع بين التاريخ والمدينة. وزيارة الأهرامات والمناطق التراثية والمتاحف ، وفي نفس الوقت تتحرك الحياة الليلية بقوة: مطاعم، عروض، ومراكز تجارية، وهو ما يجعل القاهرة محطة مهمة ضمن برامج كثير من السائحين، وأحيانًا نقطة بداية قبل التوجه للبحر الأحمر أو سيناء.
السفر الداخلى
أضافت أن المواطن المصري في نهاية العام يميل لرحلات قصيرة: يومان أو ثلاثة أو أسبوع بالكثير. وهذا ينعكس على طبيعة الحجز، حيث يفضل كثيرون برامج واضحة وسهلة: فندق جاهز، انتقالات محددة، وأنشطة محسوبة بدون تعقيد. وتظهر هنا قيمة الفنادق التي تقدم تجربة متماسكة: خدمة سريعة، تنظيم جيد، ومرونة في التعامل مع احتياجات العائلات.
جاهزية قبل الزينة
أضافت أن استعدادات الفنادق في هذا الموسم لا تتوقف عند الديكورات والاحتفالات، بل تمتد إلى تفاصيل التشغيل: تعزيز فرق العمل، ضبط سرعة الاستقبال، تنظيم حركة الغرف، وتقديم برامج ترفيهية تُدار بشكل منظم لا يربك الخدمة اليومية. النزيل في نهاية العام يرفع سقف التوقعات، وأي تأخير بسيط قد يفسد الانطباع.
حركة أعلى وتوقيت حساس
أشارت د. ريم إلى أن الطيران خلال هذه الفترة يتحول إلى “حجر أساس” في التجربة، لأن كثيرًا من الرحلات تعتمد على مواعيد دقيقة: وصول مساءً، انتقال سريع، واستعداد لبرنامج يبدأ في اليوم التالي. ومع زيادة الحركة، يصبح الالتزام بالمواعيد وإدارة أي تأخير جزءًا من جودة الخدمة السياحية، وليس مجرد شأن خاص بشركات الطيران.
وفي موسم الذروة، لا يبدأ تقييم السائح من باب الفندق، بل من باب المطار. لذلك تتحرك شركات النقل السياحي لتقديم استقبال منظم، سيارات جاهزة، وسائقين يعرفون كيف يديرون رحلة في وقت مزدحم. ومع تغيّر مواعيد الرحلات أو ضغط الحركة، تظهر أهمية وجود خطط بديلة، وسرعة استجابة، وتواصل واضح مع العميل حتى لا يشعر بالارتباك..فالمشهد العام: موسم مزدحم… وفرصة لصناعة سمعة
أما د.عاطف عبداللطيف رئيس جمعية مسافرون ونائب رئيس جمعية مستثمرى مرسى علم وعضو جمعية مستثمرى جنوب سيناء فيرى أن
موسم الكريسماس ورأس السنة هو امتحان تشغيل على الهواء مباشرة. من ينجح فيه لا يربح أسبوعًا… بل يربح سمعة وعائدًا يمتد طوال العام.
أضاف عبد اللطيف أنه يجب التعامل مع الكريسماس ورأس السنة باعتبارهما ذروة تشغيلية قبل أن يكونا موسم احتفالات؛ لأن الحكم على جودة المقصد في هذه الأيام يصدر من “تفاصيل صغيرة” تُقاس بحدة: زمن الانتظار في الاستقبال، دقة مواعيد التحركات، جودة ونظافة وسلاسة إجراءات الوصول، وقدرة الفندق وشركة السياحة والنقل على العمل تحت ضغط مرتفع دون اهتزاز الخدمة.
أرقام قوية
أوضح د. عاطف عبد اللطيف أن مصر دخلت الموسم وهي محمولة على نتائج قوية في 2024..وفق تقارير رسمية أن مصر استقبلت 15.7 مليون سائح في 2024..ارتفعت 3 ملايين سائح هذا العام 2025 وفقا لتصريحات شريف فتحى وزير السياحة والآثار.
وفي جانب الإيرادات، أشارت تقارير اقتصادية للبنك المركزي إلى أن إيرادات السياحة بلغت 15.3 مليار دولار في 2024 ..
قال عبداللطيف إنه مع اقتراب نهاية 2025، ظهرت مؤشرات تشغيلية تؤكد أننا في “موسم ضغط” حيث تجاوزت نسب الإشغال 90% في مدن ساحلية وشاطئية مثل الغردقة وشرم الشيخ والساحل الشمالي
أكد عبداللطيف أن الطلب على مصر مرتفع… لكن أي “اختناق” في المطار أو النقل أو الاستقبال سيتحول فورًا إلى تقييمات سلبية، وهذا أخطر من خسارة عملية بيع؛ لأنه خسارة سمعة.
وحول استعدادات الفنادق لموسم الذروة قال عبد اللطيف إن الاستعداد الحقيقي داخل الفندق يبدأ من ثلاث ملفات:
- الجاهزية التشغيلية: صيانة وقائية قبل الذروة (التكييف، المياه الساخنة، المصاعد، المولدات)، وتجهيز مخزون المواد الأساسية.
- الجاهزية البشرية: تعزيز فرق الاستقبال وخدمة الغرف والأغذية والمشروبات، وتوزيع الورديات بناءً على توقعات الوصول والمغادرة.
- حوكمة جودة الخدمة: توحيد معايير التنفيذ بين الورديات، لأن التقييم لا يفرق بين “وردية صباح” و”وردية ليل”.
والنقطة الأهم: تحويل “ليلة رأس السنة” من عبء تشغيل إلى فرصة ربحية منظمة عبر إدارة الحجوزات ، والسيطرة على السعة، وعدم بيع أكثر مما يمكن خدمته باحتراف.
كما أن شركات السياحة تقدم باقات “متكاملة” للسائح ..فالمستهلك في نهاية العام يريد رحلة بلا تعقيدات.. ولذلك يتم طرح باقات (إقامة + تنقلات + برنامج زيارات/فعاليات) مع تعريف واضح لما يشمله السعر.. مشيرا إلى ضرورة أن يكون
التسعير قائم على القيمة لا على “أرخص رقم”، لأن الأرخص مع خدمة مهزوزة هو وصفة لتقييمات كارثية.
ويرى محمد فاروق يوسف عضو مجلس النواب وعضو الاتحاد المصري للغرف السياحية أن هناك طفرة كبيرة خلال شهر ديسمبر الجاري في اعداد السياحة الوافدة إلى مصر خاصة في القاهرة و الجيزة وذلك طبقا للحجوزات المطلوبة بالفنادق .. مع بداية النصف الثاني من شهر ديسمبر الجاري وبالتزامن مع احتفالات رأس السنة و رغبة العديد من السياح العرب والخليجيين و الحنسيات الأوروبية في في قضاء اعياد رأس السنة في القاهرة و على ضفاف النيل.
أشار فاروق إلى ان مواقع الحجوزات و محركات البحث أظهرت عمليات بحث كثيرة عن حجز فنادق بالقاهرة الكبري في هذا التوقيت مشيرا إلى ان افتتاح المتحف الكبير و ما واكبه من ترويج إعلامي كبير جعل السياح الاجانب يرغبون في زيارة القاهرة للاستمتاع بأعياد رأس السنة و زيارة المتحف الثري الكبير ومنطقة الأهرامات .
أوضح أن نسب الحجوزات تتراوح ما بين ٩٠٪ و ١٠٠٪ في بعض الفنادق المطلة على نهر النيل.
و ذكر انه بفضل اهتمام الدولة بقطاع السياحة والتركيز عليه خلال الفترة الماضية و تأهيل البنية التحتية و عمليات التطوير المستمرة بالمزارات الأثرية والسياحية جعل الطلب مستمرا على قضاء الاجازات و العطلات في مصر للاستمتاع بجمالها وروعة نيلها و حضارتها المميزة.
أشار فاروق إلى أن خطة الدولة في الوصول إلى ٣٠ مليون سائح بحلول ٢٠٣٠ باتت أسرع بكثير نتيجة لهذه الجهود و من المتوقع ان نصل إلى هذا الرقم بنهاية ٢٠٢٧ إذا ما استمرّت حالة الزخم و الطلب على المقاصد السياحية المصرية بهذا الشكل
أكد فاروق انه نتيجة للنشاط السياحي أصبح هناك طلب كبير على الاستثمار في انشاء الوحدات الفندقية والشقق السياحية لسد الطلب و استيعاب السياحة المتوقعة وكذلك ارتفعت فرص الاستثمار في قطاع المنشآت الفندقية من كافيهات ومطاعم و رغبة سلاسل عالمية في توسيع مجال عملها و نشاطها في السوق المصري.
اترك تعليق